وهل يعتبر في وقوعها على صفة الوجوب أن يكون الاتيان بها بداعي التوصل بها إلى ذي المقدمة؟ كما يظهر مما نسبه إلى شيخنا العلامة - أعلى الله مقامه - بعض أفاضل مقرري بحثه، أو ترتب ذي المقدمة عليها؟ بحيث لو لم يترتب عليها لكشف عن عدم وقوعها على صفة الوجوب، كما زعمه صاحب الفصول (قدس سره) أو لا يعتبر في وقوعها كذلك شئ منهما.
الظاهر عدم الاعتبار: أما عدم اعتبار قصد التوصل، فلأجل أن الوجوب لم يكن بحكم العقل إلا لاجل المقدمية والتوقف، وعدم دخل قصد التوصل فيه واضح، ولذا اعترف بالاجتزاء بما لم يقصد به ذلك في غير المقدمات العبادية، لحصول ذات الواجب، فيكون تخصيص الوجوب بخصوص ما قصد به التوصل من المقدمة بلا مخصص، فافهم.
نعم انما اعتبر ذلك في الامتثال، لما عرفت من انه لا يكاد يكون الآتي
____________________
فإنه قد ذهب الأول إلى اعتبار قصد التوصل بالمقدمة إلى ذي المقدمة في وجوبها، وانه يشترط وجوب المقدمة على إرادة فعل الواجب المتوقف عليها، وذلك يستفاد من كلامه في بحث الضد في مقام الرد على من ذهب إلى حرمة ضد الواجب من جهة كون ترك الضد مقدمة للواجب، ومقدمة الواجب واجبة، فتركها الذي يتحقق بفعل الضد حرام، فان ترك الواجب حرام، قال: " وأيضا فحجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمها انما تنهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلف مريدا للفعل الواجب المتوقف عليها " ومراده من تلك العبارة كما ذكرناه أنفا أن إرادة ذي المقدمة وقصد التوصل بها إليه شرط في وجوبها، وفي كلامه ما لا يخفى، فان تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذي المقدمة في الاطلاق والاشتراط بديهي، فإن كان وجوبه مطلقا، كما هو المفروض في أن وجوبه ليس مشروطا بإرادته، بل ليس