وفيه منع، ضرورة أن سياق آية * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) * وكذا آية * (فاستبقوا الخيرات) * إنما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة والاستباق إلى الخير، من دون استتباع تركهما للغضب والشر، ضرورة أن تركهما لو مستتبعا للغضب والشر، كان البعث بالتحذير عنهما أنسب، كما لا يخفى، فافهم.
مع لزوم كثرة تخصيصه في المستحبات، وكثير من الواجبات بل أكثرها، فلا بد من حمل الصيغة فيهما على خصوص الندب أو مطلق الطلب، ولا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق، وكان ما ورد من الآيات والروايات في مقام البعث نحوه إرشادا إلى ذلك، كالآيات والروايات الواردة في الحث على أصل الإطاعة، فيكون الامر فيها لما يترتب على المادة بنفسها، ولو لم يكن هناك أمر بها، كما هو الشأن في الأوامر الارشادية، فافهم.
تتمة: بناء على القول بالفور، فهل قضية الامر الاتيان فورا ففورا بحيث لو عصى لوجب عليه الاتيان به فورا أيضا، في الزمان الثاني، أو لا؟
وجهان: مبنيان على أن مفاد الصيغة على هذا القول، هو وحدة المطلوب أو
____________________
على أزيد من ايجاد طلب الطبيعة كما مر، وتوهم دلالة آيتي المسارعة والمسابقة إلى المغفرة والخير مدفوع بوجوه: أولا على فرض الدلالة يلزم ورود كثيرة التخصيص في المستحبات وكثير من الواجبات، وثانيا أن الآيتين مسوقتان لبيان المسارعة والمسابقة إلى المغفرة والخير لئلا يفوتا من غير استتباع لحكم شرعي، وثالثا ان الامر فيهما ارشادي لان العقل مستقل بحسنهما، ورابعا انه على فرض الدلالة خارج عن دلالة الصيغة على الفور كما هو واضح.