حاشية على كفاية الأصول - تقرير بحث البروجردي ، للحجتي - ج ١ - الصفحة ٥٢
وأما ما حكي عن العلمين (الشيخ الرئيس، والمحقق الطوسي) من مصيرهما إلى أن الدلالة تتبع الإرادة، فليس ناظرا إلى كون الألفاظ موضوعة للمعاني بما هي مرادة، كما توهمه بعض الأفاضل، بل ناظرا إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية، أي دلالتها على كونها مرادة للافظها تتبع إرادتها منها، ويتفرع عليها تبعية مقام الاثبات للثبوت، وتفرع الكشف على الواقع المكشوف، فإنه لولا الثبوت في الواقع، لما كان للاثبات والكشف والدلالة مجال،
____________________
وما أشبه حكاية اللفظ عن المعنى وحكايته عن إرادة إفهامه بحكاية المرآة التي ينصبها زيد قدام عمرو عن وجه عمرو وعن إرادة زيد رؤية عمرو وجهه في المرآة، فإن الأولى حكاية الفاني عن المفني فيه، والثانية حكاية المعلول عن علته، غاية الامر أن الفناء في المرآة طبيعي، وفي اللفظ وضعي، وتوهم أخذ الإرادة في معاني الألفاظ يشبه توهم أن المرآة كما تحكي عن الصورة تحكي عن إرادة زيد الذي نصب المرآة قدام عمرو أيضا.
ومما يرشد إلى فساد هذا التوهم أيضا أنه يلزم أن يكون لكل لفظ معنيان:
أحدهما معنى خبري ولو في المفردات، وبطلان ذلك غني عن البيان.
قوله: بل ناظر إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية (اي دلالتها على كونها مرادة للافظها) تتبع إرادتها منها وتتفرع عليها.. الخ.
أقول: الدلالة التصديقية بالمعنى الذي أفاده هي ما ذكرناها في الحاشية السابقة، وأنها من باب دلالة المعلول على العلة، وهي في الألفاظ حتى المفردات، وتبعيتها للإرادة بالنحو الذي أفاده من الواضحات التي لا تحتاج إلى البيان، ولا يترتب عليه فائدة علمية، إذ حاصله أن العلم الحاصل من اللفظ بالإرادة إذا كان مطابقا للواقع كان تابعا لوجود الإرادة، والصواب أن مرادهما بالدلالة هي
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست