لا يقال: هذا لو كان النهي عنها دالا على الحرمة الذاتية، ولا يكاد يتصف بها العبادة، لعدم الحرمة بدون قصد القربة، وعدم القدرة عليها مع قصد القربة بها إلا تشريعا، ومعه تكون محرمة بالحرمة التشريعية لا محالة، ومعه لا تتصف بحرمة أخرى، لامتناع اجتماع المثلين كالضدين.
فإنه يقال: لا ضير في اتصاف ما يقع - عبادة لو كان مأمورا به - بالحرمة الذاتية، مثلا صوم العيدين كان عبادة منهيا عنها، بمعنى أنه لو أمر به كان عبادة، لا يسقط الا به إلا إذا أتى به بقصد القربة، كصوم سائر الأيام، هذا فيما إذا لم يكن ذاتا عبادة، كالسجود لله تعالى ونحوه، وإلا كان محرما مع كونه فعلا عبادة، مثلا إذا نهي الجنب والحائض عن السجود له تبارك وتعالى، كان عبادة محرمة ذاتا حينئذ، لما فيه من المفسدة والمبغوضية في هذا الحال، مع
____________________
يكون للارشاد إلى الفساد، وأخرى لا يكون كذلك، بل يكون دالا على حرمة متعلقة كما هو الغالب والظاهر، فإن كان من قبيل الأول فلا ريب في دلالته على فساد متعلقه مطلقا عبادة كان أو معاملة، غاية الامر انه يحتاج إلى استظهاره من الدليل، وبعده لا كلام في الحكم بالفساد، وان كان من قبيل الثاني، اي دالا على حرمة متعلقه، فالتحقيق فيه على ما يقتضيه النظر الدقيق هو التفصيل بين العبادة والمعاملة، بان يقال بالفساد في الأول دون الثاني، وبيان ذلك أن النهي لما