وحيث عرفت أن النسخ بحسب الحقيقة يكون دفعا، وإن كان بحسب الظاهر رفعا، فلا بأس به مطلقا ولو كان قبل حضور وقت العمل، لعدم لزوم البداء المحال في حقه تبارك وتعالى، بالمعنى المستلزم لتغير إرادته تعالى مع اتحاد الفعل ذاتا وجهة، ولا لزوم امتناع النسخ أو الحكم المنسوخ، فإن الفعل إن كان مشتملا عل مصلحة موجبة للامر به امتنع النهي عنه، وإلا امتنع الامر به، وذلك لان الفعل أو دوامه لم يكن متعلقا لإرادته، فلا يستلزم نسخ أمره بالنهي تغيير إرادته، ولم يكن الامر بالفعل من جهة كونه مشتملا على مصلحة، وإنما كان إنشاء الامر به أو إظهار دوامه عن حكمه ومصلحة.
____________________
قوله: ولا بأس بصرف الكلام...... الخ اعلم أن تصحيح النسخ بما لا يلزم منه محال، وبيانه على وجه لا يرد عليه اشكال بالإضافة إلى الأحكام الشرعية والأمور التكوينية المخبر عنها بالاخبارات النبوية، يحتاج إلى بيان حقيقة النسخ، وهوان حقيقة النسخ بالاجمال عبارة عن تغير الإرادة بعد ما تعلقت بالفعل واقعا وحقيقة، وهو الذي عبر عنه بالبداء المستحيل بالإضافة إلى البارئ تعالى شأنه، فإنه بمعناه اللغوي عبارة عن الظهور بعد الخفاء، ولذا يقال لمن أراد فعلا وتوجه إليه ثم انصرف