الثاني: الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوما، أنه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدأ، ولا يعصي عن الجري عليه، لما هما عليه من نحو من الاتحاد، بخلاف المبدأ، فإنه بمعناه يأبى عن ذلك، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره، لا هو هو، وملاك الحمل والجري إنما هو نحو من الاتحاد
____________________
قوله: الثاني الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوما.. الخ.
قبل الخوض في تحقيق الحال في المقام لا بد من بيان مقال يظهر منه ما اختلف فيه الاعلام من المرام، وهو أن النفس إذا توجهت إلى شئ فإما أن تتوجه إليه توجها تحقيقيا بحيث تراه في تلك النظرة متعينا ومتحصلا بتحصلات وتعينات، ومحدودا بحدود، وكان ذلك في تلك النظرة بمثابة إذا قيس إلى غيره يباينه.
وإما أن تتوجه إليه توجها إجماليا ونظرا ابهاميا بحيث تراه في تلك النظرة غير متعين ولا متحصل، وكان ذلك في تلك النظرة بمثابة إذا قيس إلى غيره لم يباين ذلك الغير بل هو هو، وذلك يتضح في المركب سواء كان مركبا حقيقيا، مثل النوع المركب من الجنس والفصل، أو اعتباريا مثل الصلاة المركبة من الاجزاء المعلومة، فإن الجزء الكذائي مثل مادة الانسان الذي يكون نوعا للحيوان التي يعبر عنها بما به القوة إذا نظر إليها فإما أن تكون منظورة متعينة ومتحصلة بحيث تباين غيرها، وإما أن تكون منظورة مبهمة غير متعينة ولا متحصلة بحيث لا تأبى أن تكون غيرها، فبالاعتبار الأول يعبر عما به القوة بالمادة، ولا يصح حمله في هذا اللفظ والاعتبار على الجزء الآخر من النوع أعني الفصل الذي إذا لوحظ باللحاظ الأول يكون ويعبر عنه بالصورة التي تكون
قبل الخوض في تحقيق الحال في المقام لا بد من بيان مقال يظهر منه ما اختلف فيه الاعلام من المرام، وهو أن النفس إذا توجهت إلى شئ فإما أن تتوجه إليه توجها تحقيقيا بحيث تراه في تلك النظرة متعينا ومتحصلا بتحصلات وتعينات، ومحدودا بحدود، وكان ذلك في تلك النظرة بمثابة إذا قيس إلى غيره يباينه.
وإما أن تتوجه إليه توجها إجماليا ونظرا ابهاميا بحيث تراه في تلك النظرة غير متعين ولا متحصل، وكان ذلك في تلك النظرة بمثابة إذا قيس إلى غيره لم يباين ذلك الغير بل هو هو، وذلك يتضح في المركب سواء كان مركبا حقيقيا، مثل النوع المركب من الجنس والفصل، أو اعتباريا مثل الصلاة المركبة من الاجزاء المعلومة، فإن الجزء الكذائي مثل مادة الانسان الذي يكون نوعا للحيوان التي يعبر عنها بما به القوة إذا نظر إليها فإما أن تكون منظورة متعينة ومتحصلة بحيث تباين غيرها، وإما أن تكون منظورة مبهمة غير متعينة ولا متحصلة بحيث لا تأبى أن تكون غيرها، فبالاعتبار الأول يعبر عما به القوة بالمادة، ولا يصح حمله في هذا اللفظ والاعتبار على الجزء الآخر من النوع أعني الفصل الذي إذا لوحظ باللحاظ الأول يكون ويعبر عنه بالصورة التي تكون