وإنما نسب إليه تعالى البداء، مع أنه في الحقيقة الابداء، لكمال شباهة إبدائه تعالى كذلك بالبداء في غيره، وفيما ذكرنا كفاية فيما هو المهم في باب النسخ، ولا داعي بذكر تمام ما ذكروه في ذاك الباب كما لا يخفى على أولي الألباب ثم لا يخفى ثبوت الثمرة بين التخصيص والنسخ، ضرورة أنه على التخصيص يبنى على خروج الخاص عن حكم العام رأسا، وعلى النسخ، على ارتفاع حكمه عنه من حينه، فيما دار الامر بينهما في المخصص، وأما إذا دار بينهما في الخاص والعام، فالخاص على التخصيص غير محكوم بحكم العام أصلا، وعلى النسخ كان محكوما به من حين صدور دليله، كما لا يخفى.
____________________
كالأوامر الامتحانية، مثل امر إبراهيم بذبح إسماعيل على نبينا وآله وعليهما السلام، وانشاء الامر به في الأوامر الامتحانية، أو إظهار دوامه واستمراره في مقام الظاهر في غيرها انما يكون لمصلحة وحكمة، وكذلك الامر في التكوينيات، فإنه يمكن الاخبار عن وقوع شئ في الاستقبال مما لا يقع باعتبار كونه معلقا على امر غير واقع بعد لاجل مصلحة في الاخبار أو الاظهار، ففي الحقيقة البداء بالإضافة إلى الله سبحانه الاظهار بعد الاخفاء، لا الظهور بعد الخفاء.