الثاني: إن الجهة المبحوثة عنها في المسألة، وإن كانت أنه هل يكون للامر اقتضاء بنحو من الانحاء المذكورة، إلا أنه لما كان عمدة القائلين بالاقتضاء في الضد الخاص، إنما ذهبوا إليه لاجل توهم مقدمية ترك الضد، كان المهم صرف عنان الكلام في المقام إلى بيان الحال وتحقيق المقال، في المقدمية وعدمها، فنقول وعلى الله الاتكال:
إن توهم توقف الشئ على ترك ضده، ليس إلا من جهة المضادة والمعاندة بين الوجودين، وقضيتها الممانعة بينهما، ومن الواضحات أن عدم المانع من المقدمات.
وهو توهم فاسد، وذلك لان المعاندة والمنافرة بين الشيئين، لا تقتضي إلا عدم اجتماعهما في التحقق، وحيث لا منافاة أصلا بين أحد العينين وما هو نقيض الآخر وبديله، بل بينهما كمال الملاءمة، كان أحد العينين مع نقيض الآخر وما هو بديله في مرتبة واحدة من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدم أحدهما على الآخر، كما لا يخفى.
____________________
قوله: الثاني ان الجهة المبحوث عنها في المسألة... الخ.
اعلم أن أكثر القائلين بالاقتضاء في الضد الخاص انما ذهبوا إليه بملاك مقدمية ترك الضد لوجود الاخر، وهذا منهم توهم بحت، فان غاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال لاثبات القول بمقدمية ترك الضد هو انه لا شبهة في كون كل واحد من الضدين مانعا عن الاخر وعدم اجتماعهما في الوجود من شخص واحد في زمان واحد لمكان التمانع بينهما، كما لا ريب في كون عدم المانع مما يتوقف عليه وجود الممنوع، ومن مقدمات وجوده وعلله، فإذا ثبت مقدمية ترك
اعلم أن أكثر القائلين بالاقتضاء في الضد الخاص انما ذهبوا إليه بملاك مقدمية ترك الضد لوجود الاخر، وهذا منهم توهم بحت، فان غاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال لاثبات القول بمقدمية ترك الضد هو انه لا شبهة في كون كل واحد من الضدين مانعا عن الاخر وعدم اجتماعهما في الوجود من شخص واحد في زمان واحد لمكان التمانع بينهما، كما لا ريب في كون عدم المانع مما يتوقف عليه وجود الممنوع، ومن مقدمات وجوده وعلله، فإذا ثبت مقدمية ترك