حاشية على كفاية الأصول - تقرير بحث البروجردي ، للحجتي - ج ١ - الصفحة ٦٦
ثم لا يذهب عليك أنه مع هذا الاحتمال، لا مجال لدعوى الوثوق - فضلا عن القطع - بكونها حقائق شرعية، ولا لتوهم دلالة الوجوه التي ذكروها على ثبوتها، لو سلم دلالتها على الثبوت لولاه، ومنه قد انقدح حال دعوى الوضع التعيني معه، ومع الغض عنه، فالانصاف أن منع حصوله في زمان الشارع في لسانه ولسان تابعيه مكابرة، نعم حصوله في خصوص لسانه ممنوع، فتأمل.
وأما الثمرة بين القولين، فتظهر في لزوم حمل الألفاظ الواقعة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها اللغوية مع عدم الثبوت، وعلى معانيها الشرعية على الثبوت، فيما إذا علم تأخر الاستعمال، وفيما إذا جهل التاريخ، ففيه إشكال، وأصالة تأخر الاستعمال مع معارضتها بأصالة تأخر الوضع، لا دليل على اعتبارها تعبدا، إلا على القول بالأصل المثبت، ولم يثبت بناء من
____________________
وأما الصوم، وهو نحو آخر، اعتبار سكون النفس عن النهوض إلى ملاذها وشهواتها، فهو أيضا كان قبل الاسلام، كما عن تاريخ التوراة من حكاية الامر به في الفصخ (1)، واليهود ملتزمون به إلى يومنا هذا، وحكاية صوم مريم مذكورة في الكتاب الكريم (2)، وغيره والعرب كانت تعبر عنه بالصوم، وهكذا غيرها من سائر العبادات التي لا شبهة في وجود أمثالها في الأمم السابقة بأدنى تفاوت في حقايقها، واختلاف تعبير في ألفاظها.

(1) الفصح (بكسر الفاء وسكون الصاد) عند النصارى: عيد تذكار قيامة المسيح عليه السلام، وفصح اليهود: عيد تذكار خروجهم من مصر، وهو تعريب (فسح) بالسين بالعبرانية، ومعناه اجتياز وعبور أو نجاة هذا العيد عند المسيحين يقع في الأحد الذي بعد البدر الأول من الربيع، وعند اليهود يقع في يوم (15) من شهر نيسان.
(2) إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا - سورة مريم: 26.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست