إن قلت: كيف يقع مثل الخروج والشرب ممنوعا عنه شرعا ومعاقبا عليه عقلا؟ مع بقاء ما يتوقف عليه على وجوبه، و [وضوح] سقوط الوجوب مع امتناع المقدمة المنحصرة، ولو كان بسوء الاختيار، والعقل قد استقل بان الممنوع شرعا كالممتنع عادة أو عقلا.
قلت: أولا: إنما كان الممنوع كالممتنع، إذا لم يحكم العقل بلزومه إرشادا إلى ما هو أقل المحذورين، وقد عرفت لزومه بحكمه، فإنه مع لزوم الاتيان بالمقدمة عقلا، لا بأس في بقاء ذي المقدمة على وجوبه، فإنه حينئذ ليس من التكليف بالممتنع، كما إذا كانت المقدمة ممتنعة.
وثانيا: لو سلم، فالساقط إنما هو الخطاب فعلا بالبعث والايجاب لا لزوم إتيانه عقلا، خروجا عن عهدة ما تنجز عليه سابقا، ضرورة أنه لو لم يأت به لوقع في المحذور الأشد ونقض الغرض الأهم، حيث أنه الآن كما كان عليه من الملاك والمحبوبية، بلا حدوث قصور أو طروء فتور فيه أصلا، وإنما كان سقوط الخطاب لاجل المانع، وإلزام العقل به لذلك إرشادا كاف، لا حاجة معه إلى بقاء الخطاب بالبعث إليه والايجاب له فعلا، فتدبر جيدا.
وقد ظهر مما حققناه فساد القول بكونه مأمورا به، مع أجراء حكم
____________________
حرمة ما يوجب حرمة الخروج بآثارها بالندامة والتوبة ارتفع حرمة الخروج بلا كلام، وحينئذ يدور الامر بين اللبث والخروج، ومعلوم ان اللبث مخالف للتوبة ومناف لها، ويكون مبغوضا ومنهيا عنه بلا اشكال، والنهي المتعلق بالتوقف يستلزم الامر بالخروج، فالخروج يكون مأمورا به بالأمر المستفاد من النهي المتعلق