وربما يؤيد ذلك أن الزمان الماضي في فعله، وزمان الحال أو الاستقبال في المضارع، لا يكون ماضيا أو مستقبلا حقيقة لا محالة، بل ربما يكون في الماضي مستقبلا حقيقة، وفي المضارع ماضيا كذلك، وإنما يكون ماضيا أو مستقبلا في فعلهما بالإضافة، كما يظهر من مثل قوله: يجيئني زيد بعد عام، وقد ضرب قبله بأيام، وقوله: جاء زيد في شهر كذا، وهو يضرب في ذلك الوقت، أو فيما بعده مما مضى، فتأمل جيدا.
ثم لا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما به يمتاز الحرف عما عداه، بما يناسب المقام، لاجل الاطراد في الاستطراد في تمام الأقسام.
فاعلم أنه وإن اشتهر بين الاعلام، أن الحرف ما دل على معنى في غيره، وقد بيناه في الفوائد بما لا مزيد عليه، إلا أنك عرفت فيما تقدم، عدم الفرق بينه وبين الاسم بحسب المعنى، وأنه فيهما ما لم يلحظ فيه
____________________
والاستقبال، ومجموعهما ليس جامعا بينهما بحيث يصدق على كل منهما، بل المجموع عبارة عن نفس الاجزاء.
قوله: فاعلم أنه وإن اشتهر بين الاعلام.. الخ.
اعلم أنه وإن بينا سابقا ما هو التحقيق في وضع الحروف وأن مفاهيمها كلية لكن لا مانع من التكرار على سبيل الاختصار، فنقول: مجمل الكلام فيه أن الغرض من وضع الألفاظ هو التفهيم والتفهم، والوصول والايصال إلى المقاصد، وهي بحسب الموارد مختلفة: فتارة يتعلق القصد بإحضار المعنى في ذهن المخاطب بنحو التصور، وأخرى بنحو التصديق، وتارة المقصود إيجاد المعاني بنحو الاستقلال، وأخرى بنحو الآلية، وتارة تعلق القصد بإحضار المعاني في الذهن مرتبطة، فالواضع عين بأزاء كل من المذكورات ألفاظا لا يجوز التخطي
قوله: فاعلم أنه وإن اشتهر بين الاعلام.. الخ.
اعلم أنه وإن بينا سابقا ما هو التحقيق في وضع الحروف وأن مفاهيمها كلية لكن لا مانع من التكرار على سبيل الاختصار، فنقول: مجمل الكلام فيه أن الغرض من وضع الألفاظ هو التفهيم والتفهم، والوصول والايصال إلى المقاصد، وهي بحسب الموارد مختلفة: فتارة يتعلق القصد بإحضار المعنى في ذهن المخاطب بنحو التصور، وأخرى بنحو التصديق، وتارة المقصود إيجاد المعاني بنحو الاستقلال، وأخرى بنحو الآلية، وتارة تعلق القصد بإحضار المعاني في الذهن مرتبطة، فالواضع عين بأزاء كل من المذكورات ألفاظا لا يجوز التخطي