للزوم العقد، وتسليم المؤجر، وإنما التقصير في ترك الانتفاع من المستأجر، ويؤيد ذلك ما رواه في الفقيه والكافي عن إسماعيل بن الفضل (1) " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل استأجر من رجل أرضا فقال آجرتها كذا وكذا على أن أزرعها فإن لم أزرعها أعطيك ذلك، فلم يزرع الرجل فقال: له أن يأخذه بماله، إن شاء ترك، وإن شاء لم يترك ".
قالوا: ولا فرق في ثبوت الأجرة عليه بالتسليم، ومضى المدة المذكورة بين كون الإجارة صحيحة أو فاسدة، بناء على القاعدة المشهورة عندهم من أن كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، ولكن مع الفساد يلزم أجرة المثل عما فات من المنافع في يده.
قالوا: وفي حكم التسليم ما لو بذل العين فلم يأخذها المستأجر حتى مضت المدة التي يمكن الاستيفاء فيها، فإنها تستقر الأجرة، إلا أنه لا بد من تقييده بالصحيحة، والوجه فيه من حيث عدم القبض وظهور بطلان الإجارة، واستقرار الأجرة في الصحيح أو المثل إنما يثبت من حيث صحة العقد الموجب لذلك، وهو هنا غير حاصل قالوا وإذا استأجره لقلع ضرسه فمضت المدة التي يمكن ايقاع ذلك فيها، فلم يقلعه المستأجر استقرت الأجرة، أما لو زال الألم عقيب العقد سقطت الأجرة، والوجه في الأول ظاهر، لأن الأجير سلم نفسه للعمل، وامتنع المستأجر من غير عذر، فإن الأجرة تستقر بالعقد والتمكين، والوجه في الثاني بطلان الإجارة بالبرء وزوال الألم، لأن متعلق الإجارة الموجب للصحة هو تحصيل المنفعة واللازم هنا إنما هو الضرر بادخال الألم المنهي عنه شرعا وعرفا، فلا يصح الاستيجار هنا كما لا يصح الاستيجار على قطع يده من غير سبب موجب لذلك، نعم لو كان ثمة سبب كما إذا كانت مستأكل يخاف من سريان الضرر إلى الصحيح منها، فإنه يجوز والله سبحانه العالم.