في الانتفاع بغير عوض، فلا يترتب عليه ثبوت عوض أجرة.
أقول: وهذا ايراد آخر على القول المذكور من غير الجهة التي قدمنا ذكرها، ثم إنه قال: أما لو كان مورد الإجارة منفعة الأجير فعمل بنفسه مع فسادها، توجه عدم استحقاقه بشئ ظاهر، لأنه متبرع بالعمل، وهو المباشر لا تلاف المنفعة، ثم إنه أورد على ذلك ما لو كان عمله بأمر المستأجر فإنه يستحق أجرة المثل من حيث الأمر، كما في كل أمر يعمل، نعم لو كان عمله بغير سؤال المستأجر وأمره فإنه لا يستحق شيئا بالكلية، لتحقق التبرع حينئذ.
أقول: الظاهر أن هذا الإيراد وما اشتمل عليه من التفصيل بين أمر المستأجر وعدمه إنما يتم في الصورة الثانية، وهو عدم ذكر الأجرة في العقد نفيا ولا اثباتا، وإلا ففي صورة اشتراط عدم الأجرة فإنه وإن أمره المستأجر وأذن له إلا أنه لا أثر له مع اشتراطه على نفسه عدم الأجرة الراجع إلى كونه متبرعا بالعمل كما عرفت.
ثم إنه قال في المسالك بعد ذلك: فإن قلت: أي فائدة في تسميته عقدا فاسدا مع ثبوت هذه الأحكام وإقامته مقام العارية، قلت: فساده بالنسبة إلى الإجارة بمعنى عدم ترتب أحكامها اللازمة لصحيح عقدها، كوجوب العمل على الأجير ونحوه، لا مطلق الأثر، انتهى.
التاسعة: قد صرح الأصحاب بأنه يكره استعمال الأجير قبل أن يقاطعه، والظاهر أنه لا خلاف فيه، ويدل عليه من الأخبار ما رواه في الكافي والتهذيب عن مسعدة بن صدقة في الموثق (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: من كان يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر فلا يستعملن أجيرا حتى يعلمه ما أجره " الحديث.
وعن سليمان بن جعفر الجعفري في الصحيح (2) " قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) في بعض الحاجة وأردت أن أنصرف إلى منزلي، فقال لي: انطلق معي فبت عندي