بتسليم العين التي يراد الانتفاع بها إن كان كذلك، أو عمل الأجير إن كان الاستيجار على عمله.
قيل: ويمكن جواز منع كل واحد منها عما في يد صاحبه الذي انتقل إليه حتى يتسلم حقه، كما قيل في البيع والشراء، وهذا في غير العمل، كالعين المستأجرة للانتفاع من دار ودابة ونحوهما، أما العمل كالخياطة فإنه يجب عليه العمل، ولا يجب تسليم الأجرة إليه إلا بعد كماله، والفرق بينهما أن العمل مقدور للعامل، فيعمل ثم يأخذ حقه، بخلاف المنفعة فإنها إنما تستوفي باستعمال المستأجر مع مضي الزمان، وليس على المؤجر إلا تسليم العين وقد فعل، فيترتب عليه وجوب دفع الأجرة، وحينئذ فيمكن ما ذكره، إلا أنك قد عرفت ما فيه في كتاب البيع، وقد تقدمت الإشارة إليه أيضا في المسألة السابقة من مسائل هذا المطلب.
الحادية عشر: قيل: يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد، فلو أطلق أو عين شهرا متأخرا عن العقد بطل العقد، وهو منقول عن المبسوط والخلاف، وعن أبي الصلاح متابعة الشيخ في الفرد الثاني، ونقل عن الشيخ الاحتجاج على ما ذكره في كل من الفردين بأن عقد الإجارة حكم شرعي، ولا يثبت إلا بدلالة شرعية، وليس على ثبوت الإجارة في الموضعين المذكورين دليل، فوجب أن لا يكون صحيحا.
واحتج أبو الصلاح - على الموضع الذي تبع فيه الشيخ - بأن صحة الإجارة تتوقف على التسليم.
وأجيب عن حجة الشيخ بأن الدليل موجود، وهو الأدلة العامة كتابا وسنة على وجوب الوفاء بالعقود، والأصل، وعن حجة أبي الصلاح بالمنع من توقف الصحة في مطلق الإجارة على التسليم، بل هو عين المتنازع، ومحل البحث سيما مع ما عرفت من أصالة الصحة، وعموم الأدلة الدالة على الصحة حتى يقوم دليل