الدابة فيقول: اكتريتها منك إلى مكان كذا وكذا فإن جاوزته فلك كذا وكذا زيادة وسمى ذلك قال: لا بأس به كله " وهي مع صحتها صريحة في عدم اشتراط ما ادعاه من العلم، وعدم الضرر بمثل هذه الجهالة، وتمسكه في البطلان بما لو باعه بثمنين على تقديرين مردود، بأنه وإن قيل: بالبطلان في ذلك إلا أن مقتضى الأخبار الصحة كما تقدم تحقيقه في كتاب البيع، وهو مؤيد لما ذكرناه هنا وبه يظهر أن ما ذكراه من التنزيل على الجعالة لا موجب له، ولا ضرورة تدعو إليه، على أنه لا معنى لقوله (عليه السلام) في الرواية " ما لم يحط بجميع كراه " إذ الظاهر كما ذكره بعض المحققين هو صحة هذا الشرط في الجعالة، ولو كانت جعالة لم يتجه هذا الاستثناء، ويؤيد ما ذكرناه أيضا ما صرح به جملة منهم من الصحة في قولهم إن خطته روميا فلك كذا، وإن خطته فارسيا فلك كذا وقولهم إن عملت هذا العمل اليوم فلك درهمان، وإن عملته في غد فلك درهم، كما سيأتي تحقيق ذلك انشاء الله تعالى.
وبالجملة فإن كلا من الفعلين المردد بينهما في هذه المواضع المعدودة، معلوم، وأجرته معلومة، والواقع لا يخلو منهما، فلا مانع من الصحة، والمعلومية على هذا الوجه كافية، بمقتضى ما ذكرناه من الأخبار في البيع، والإجارة، ودعوى الزيادة على ذلك بحيث يحكم بالبطلان مع عدمها يتوقف على الدليل، وليس فليس والله سبحانه العالم.
السادسة: اختلف الأصحاب فيما لو قال: آجرتك كل شهر بكذا فقيل:
بالبطلان مطلقا لجهالة العوضين المقتضية للغرر إذ لا يلزم من مقابلة جزء معلوم من المدة بجزء معلوم من العوض كون مجموع العوضين معلومين، فإن العوض هنا المجموع، وهو مجهول وإنما عليه أجرة المثل فيما سكن، لعدم صحة الإجارة وإلى هذا القول ذهب ابن إدريس والمختلف والمسالك وغيرهم، وقيل: إن الإجارة تصح في شهر وتبطل في الباقي وله أجرة المثل إن سكن وهو المنقول عن الشيخين في المقنعة والنهاية، وبه صرح في اللمعة والشرايع وغيرهم، والوجه فيه أن الشهر