واضطراب، فإن المفهوم من بعضها أن مجرد الترك ولو مرة واحدة تفريط موجب للضمان، وكذا مجرد المخالفة لما أمر به المالك وإن لم يترتب عليه الفوات، ومتى تحقق الضمان زال حكم الوديعة كما تقدم ذكره ما لم يحصل ايداع جديد، والمفهوم من بعضها تخصيص الضمان بترك العلف والسقي مدة لا تصبر عليه فماتت، كما عرفت من العبارة المتقدمة، وهو مؤذن بتخصيص الضمان بصورة الموت، ونحوها الصور الملحقة بها، وكذا مجرد التقصير في الحفظ لا يوجب ضمانا إلا مع التلف، ولهذا قال في المسالك - ونعم ما قال بعد ذكر عبارة المصنف بنحو ما قدمنا ذكره ما صورته -: واعلم أن الواجب علفها وسقيها بحسب المعتاد لا مثالها، فالنقصان عنه يعد تفريطا سواء صبرت عليه أم لا، ومتى عد تفريطا صار ضامنا لها، وإن ماتت بغيره، هذا الذي يقتضيه قواعد الوديعة.
وحينئذ فتعليق المصنف الحكم على موتها بسبب ترك ذلك مدة لا تصبر عليه عادة إن أريد به هذا المعنى، فلا اشكال من هذه الحيثية، لكن يشكل اختصاص حكم الضمان بموتها به، مع كونها قد صارت مضمونة بالتفريط، ومن شأن المضمون به أن لا تفترق الحال بين تلفه ونقصه بذلك السبب وغيره، وسيأتي له نظائر كثيرة في كلام المصنف وغيره.
وإن أراد به معنى آخر أخص مما ذكرناه كما هو الظاهر أشكل الحكم بما سبق، ومن توقف الضمان على ترك هذه المدة مع أن الواجب القيام بالمعتاد منه، وبتركه يتحقق التفريط، وفي عبارة العلامة ما هو أبلغ مما هنا، قال في التذكرة: لو امتنع المستودع من ذلك، وعنى به العلف والسقي حتى مضت مدة يموت مثل الدابة في مثل تلك المدة، نظران ماتت ضمنها، وإن لم تمت دخلت في ضمانه، وإن نقصت ضمن النقصان، وإن ماتت قبل مضي تلك المدة لم يضمنها، هذه عبارته، وقد علق الضمان فيها كما ترى على ترك ذلك مدة تموت فيها عادة، لا تأخيره زيادة عن العادة، ولا زيادة على ما تصبر عليه عادة، انتهى.