فيتسلط على مطالبة المضمون عنه في الحال، فينتفي فائدة الضمان، وهذا التعليل بعينه آت في الأجل المساوي والقاصر، ويقتضي أن الضامن لو كان متبرعا لم يضر، لانتفاء المانع من التسلط على المضمون عنه.
والشيخ فخر الدين منع من ضمان الحال كما ذهب إليه الشيخ، إلا أنه علله بعلة أخرى قال: لأنه ضمان ما لم يجب، وهذا التعليل يجري في الأجل القاصر عن أجل الدين، كما هو شامل للحال، ومخرج للمساوي (1) وبالجملة فاطلاق كلام الشيخ ومن تبعه حيث خصوا المنع بصورة ضمان المؤجل حالا يقتضي ثبوت الاجماع المدعى في صورة الضمان مؤجلا لما كان حالا أو مؤجلا بجميع أقسامه، وبالنظر إلى التعليلات يدل على اختصاصه بغير الصورتين المذكورتين، وأما الضمان حالا فإن كان الدين مؤجلا فقد اتفق المانعون على منعه نصا وتعليلا كذا قيل.
وفيه أن الشيخ فخر الدين من القائلين بهذا القول، وقد تقدم تعليله بغير ما علل به الشيخ وإن كان حالا، فالشيخ فخر الدين وأتباعه جوزوه لوجوب الحق، و الشيخ وأتباعه منعوه لعدم الارتفاق. والله العالم.
الثامن: لو ضمن مؤجلا مع كون الدين حالا ثم مات قبل حلول الأجل حل الدين المذكور، وأخذ من تركته، لما تقدم من أن الميت تحل ديونه المؤجلة بموته، وهذا من جملة أفرادها، وللورثة حينئذ مطالبة المضمون عنه، لأن الدين عليه حال كما هو المفروض، ولم يحصل ما يقتضي تأجيله، والمؤجل إنما هو الدين الذي في ذمة الضامن، لا الذي في ذمته، والضامن إنما امتنع رجوعه عليه في حياته