مناف له، فلا يصح ثم قال: احتج بأن الثابت في ذمة الضامن قدر المال، ودفع الأقل بعد الحكم عليه، وبالأكثر ابتداء عطية من المضمون له للضامن فلا يسقط.
والجواب ما تقدم من منافاة الضمان لذلك، فالحكمة يقتضي عدم الصحة. انتهى أقول: والأظهر في الجواب هو ما قدمناه سابق هذا الموضع من روايتي (2) عمر بن يزيد وعبد الله بن بكير الواردتين في الصلح، وأنه ليس له إلا الذي صالح عليه، وهي مبنية على أنه أقل الأمرين كما هو الغالب، فإن الظاهر من المصالحة هو دفع ما هو أقل من الحق وتراضي الطرفين عليه، وإلا فلو كان ذلك قدر الحق كان أداء للدين، ولا يحتاج إلى صلح ولا تراض عليه، والرواية دالة باطلاقها على ذلك، سواء كان قبل الحكم الذي هو كناية عن المطالبة، والحكم بوجوب الدفع أو بعده، وما ذكره العلامة طاب ثراه يكون مؤيدا لذلك. والله العالم الحادي عشر: قال الشيخ في المبسوط: إذا ضمن بإذنه كان له مطالبة المضمون عنه بتخليصه وإن لم يطالبه المضمون له، وقال أيضا في الكتاب المذكور: إذا ادعى الضامن الجنون حالة الضمان ولم يعرف له حالة الجنون كان القول قوله، لأن الأصل براءة الذمة، وكلا الحكمين محل بحث واشكال.
أما الأول فإن ظاهر الأصحاب هو المنع من المطالبة في الصورة المذكورة، لأنه إنما يرجع عليه بعد الأداء بما يؤديه، والحال أنه هنا لم يؤد شيئا، ولعل المضمون له يبرؤه من الدين كلا أو بعضا فكيف يتسلط الآن على المطالبة، وأما الثاني فإن ما استند إليه من أصالة البراءة معارض أيضا بأن الأصل عدم الجنون، والأصل صحة الضمان فيعارض ما ذكره من الأصل بأحد هذين الأصلين، ويبقى الأصل الثاني سالما عن المعارض.
الثاني عشر: - قال الشيخ في المبسوط: إذا ضمن رجل عن رجل ألف درهم وضمن المضمون عنه عن الضامن لم يجز، لأن المضمون عنه أصل للضامن، وهو فرع للمضمون عنه، فلا يجوز أن يصير الأصل فرعا والفرع أصلا، وأيضا فلا فائدة فيه.