فالمسلمة لا تحل للكافر فكان اجتماعهما في الاسلام سببا بحال ابتداء النكاح للأمة واليسار السابق على نكاح الأمة لا يمنع جواز نكاحها وهذا المعنى يقتضى جواز امساك الأمة في الصورة الأولى وهي ما إذا ماتت الحرة باق بعد اسلامها ثم أسلمت الأمة لكن فرقوا بينها بوجوه منها ان اثر نكاح الحرة باق بعد موتها فإنه يرثها ويغسلها وعليه تجهيزها فكان النكاح باقيا واليسار بخلافه ومنها ان المرأة إذا أسلمت وتحسب حسبت على الزوج ولم يؤثر موتها بعد ذلك الا ترى انه لو أسلم وتحته خمس نسوة وأسلمت واحدة فاختارها ثم ماتت ثم أسلمت البواقي لم يكن له امساكهن وانما يمسك ثلثا منهن ومنها قال بعض الشافعية الحرة لا تنزل منزلة اليسار بل الامر فيها وفي اشتراط عدمها أهم وأعظم و لهذا لو كانت في نكاحه حرة رتقاء أو غايبة لم ينكح الأمة ولو كان ماله غايبا لا يصل إليه الا بعد زمان طويل يجوز له نكاح الأمة مسألة قد بينا فيما تقدم ان أنكحة الكفار صحيحة وهو أحد أقوال الشافعية لقوله تعالى وامرأته حمالة الحطب وقالت امرأة فرعون ولأنهم لو ترافعوا إلينا لا نبطله ولا فرق بين رجالهم ونسائهم ولانا نقررهم عليه بعد الاسلام والفاسد لا ينقلب صحيحا والتقرير على الفاسد محال والقول الثاني للشافعي وبه قال مالك انها فاسدة لانهم لا يراعون حدود الشرع وشرايطه ولكن لا يفرق بينهم لو ترافعوا إلينا رعاية للعهد أو الذمة وإذا أسلموا نقررهم تخفيفا عفوا والثالث انا لا نحكم لها بصحة ولا فسا د ولكن يتوقف إلى الاسلام فما يقرر عليه إذا أسلموا يتبين صحته وما لا يقرر عليه يتبين فساده إذا عرفت هذا فلو طلق الكافر زوجته ثلثا ثم أسلما فعلى ما اخترناه من صحة أنكحتهم لا تحل له الا بمحلل وعلى القول بالفساد فالطلاق في النكاح الفاسد لا يحتاج إلى المحلل وعلى الأول لو نكحت المطلقة في الشرك زوجا اخر ودخل وطلقها ثم أسلمت فتزوجها الأول حلت له وكذلك يحصل التحليل بوطئ الكافر إذا نكح الذمية التي طلقها المسلم ثلثا سواء كان حربيا أو ذميا مسألة الزوجة التي تقرر نكاحها بعد الاسلام لها المهر المسمى إن كان صحيحا وإن كان فاسدا كخمر أو خنزير فسيأتي بيانه والتي يندفع نكاحها بالاسلام إن كانت غير مدخول بها وجب نصف الصحيح إن كان الاندفاع باسلام الزوج وإن كان فاسدا وجب نصف مهر المثل وان لم يسم وجبت المتعة وإن كان الاندفاع باسلامها فلا شئ لها من المهر لان الفسخ من قبلها وهو إحدى قولي الشافعي والثاني انه يجب نصف المهر لأنها محسنة با بالاسلام وإن كان من حقه ان يوافقها فان امتنع فالفراق مستند إلى تخلفه والظاهر الأول وعلى القول الثاني للشافعي وهو فساد أنكحتهم لا مهر لها لان المهر لا يجب في النكاح الفاسد بغير دخول وإن كان مدخولا بها فان صححنا أنكحتهم المسمى إن كان صحيحا وعلى قول الشافعي بالفساد يجب مهر المثل مسألة لو كان تحته اختان فطلق كل واحدة منهما ثلثا ثم أسلم وأسلمتا نفذت الطلقات فيهما ولم ينكح واحدة منهما الا بالمحلل لان أنكحة الكفار صحيحة وعلى قول الشافعي بالفساد لا نكاح ولا طلاق ولا حاجة إلى المحلل فواحدة منهما وعلى القول بالتوقف فلو لم يكن طلاق لكان يختار إحديهما ويبين بذلك صحة نكاحها وفساد نكاح الأخرى فإذا طلقها أمر بالاختيار لينفذ الطلاق في المنكوحة منهما ولو أنه أسلم هو والأختان تحته ثم طلق كل واحدة منهما ثلثا تخير لا غير لانهم لما أسلموا اندفع نكاح إحدى الأختين وانما ينفذ الطلاق في المنكوحة ولو أسلم الزوج دونهما أو أسلمتا دون الزوج تخير الزوج أيضا لأنه والحال هذا لا يمسك الا إحديهما وينفسخ نكاح الأخرى من وقت اسلام من تقدم اسلامه منهم ولو كانت تحت المشرك أكثر من أربع فطلقهن ثلثا ثم أسلموا فعلى القول بصحة أنكحتهم يقع الطلاق الثلث بهن جميعا وعلى التوقف يختار أربعا منهن فينفذ فيهن الطلقات دون البواقي مسألة قد سبق انه إذا سبق أحد الزوجين بالاسلام بعد الدخول وقف على انقضاء العدة فان أسلم الأخر قبل انقضائها فهما على النكاح وان لم يسلم حتى انقضت العدة وقعت الفرقة منذ اختلاف الدين الا إذا كانت الزوجة ذمية ولا يحتاج إلى استيناف العدة وهذا قول الزهري والليث والحسن بن صالح والأوزاعي والشافعي واسحق ومجاهد و عبد الله بن عمر ومحمد بن الحسن واحمد في إحدى الروايتين وفي الثانية تتعجل الفرقة وبه قال الحسن وطاوس وعكرمة وقتادة والحكم وعمر بن عبد العزيز وابن المبارك وقول أبي حنيفة هنا كقوله فيما قبل الدخول وهو انه لا تتعجل الفرقة بل إن كان في دار الاسلام عرض الاسلام على الأخر فان امتنع وقعت الفرقة حينئذ وان كانا في دار الحرب وقف ذلك على انقضاء عدتها فإن لم يسلم الأخر وقعت الفرقة فإن كان الاسلام من الزوج كان طلاقا لان الفرقة حصلت من قبله فكان طلاقا كما لو تلقط به وإن كان من المراة كان فسخا لان المراة لا تملك الطلاق فلم يفرق بين الدخول وعدمه الا ان المراة إذا كانت في دار الحرب فانقضت عدتها وحصلت الفرقة لزمها استيناف العدة ولو أسلم أحد الزوجين وتخلف الأخر حتى انقضت عدة المرأة انفسخ النكاح في قول عامة العلماء لم تختلف أحد فيه الا رواية عن النخعي انها ترد إلى زوجها وان طالب المدة لرواية ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله رد زينب على زوجها أبى العاص بنكاحها الأول والصواب هو الأول لقوله تعالى لا هن حل لهم ولاهم يحلون لهن وقوله تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر وللاجماع المنعقد على تحريم تزوج المسلمات على الكفار وقضية أبى العاص لا حجة فيها لان الترمذي نقل ان النبي صلى الله عليه وآله ردها عليه بنكاح جديد مسألة إذا وقعت الفرقة باسلام أحد الزوجين بعد الدخول فللمراة المهر كملا لأنه استقر بالدخول فلم يسقط منه شئ ثم إن كان صحيحا فهو لها لان أنكحة الكفار صحيحة يثبت لها احكام الصحة وإن كان فاسدا كخمر أو خنزير فان قبضته حالة الكفر فلا شئ لها لأنا لا نتعرض لما مضى من احكامهم ولانفصال الامر بينهما وانتهاء النكاح إلى حالة انقطاع المطالبة وما مضى في الكفر لا يتبع وان أسلمنا قبل قبضه وجب مهر المثل لأنها لم ترض الا بالمهر والخمر والخنزير لا يجوز الا ان يكون صداقا والمطالبة بالخمر في الاسلام ممتنعة فرجع إلى مهر المثل ويجعل كما لو نكح المسلم وهو قول الشافعي وله قول اخر فيما إذا أسلما بعد القبض ان لها مهر المثل لفساد القبض الجاري في الشرك وقوله فيما إذا أسلما قبل القبض انه لا شئ لها لأنها قد رضيت بالخمر فيدام عليها حكم رضاها وقد تعذر قبض الخمر بعد الاسلام فسقطت المطالبة لكن المشهور الفرق بين الحالين كما تقدم ولا فرق بين ان يكون المسمى خمرا في الذمة أو خمرا معينه وعن أبي حنيفة ان الخمر المعينة ليس لها المسمى ولا رجوع إلى مهر المثل ولو أصدقها حرا مسلما استرقوه ثم أسلما قبل القبض أو بعده فلا يقر في يدها بل يبطل المسمى ويجب مهر المثل ويحتمل ان يخرج من يدها ولا يرجع بشئ كما تراق الخمر المقبوضة ولا ترجع بشئ فان قبضت بعض الصداق الفاسد دون بعض ثم أسلما وجب من مهر المثل بالقسط فلو قبضت النصف وجب نصف مهر المثل لأنه يقسط الباقي ولا يجوز تسليم الباقي من الفساد وقالت الشافعية وليس ذلك كما لو كاتب المولى عبده على عوض فاسد وقبض بعضه ثم أسلما حيث يسلم المكاتب ما بقى من الفاسد فيحصل العتق فان العتق في الكتابة يحصل بحصول الصفة ثم يلزمه تمام قيمته ولا يحط منها قسط المقبوض في التلف لان العتق تعلق بأداء اخر النجوم وانه وقع في الاسلام فكان بمثابة ما لو كاتب المسلم على عوض فاسد يحصل العتق بوجود الصفة وتجب على المكاتب القيمة وطريق تقسيط مهر المثل على المقبوض وغير المقبوض ان نقول إن سميا جنسا واحدا ولم يكن فيه نقد وكما لو أصدقها زق خمر وقبضت نصفه ثم أسلما وجب نصف المهر و ان تعدد المسمى كزق خمر قبضت أحدهما فان تساويا في القدر فلا بحث وان اختلفا احتمل ان يعتبر العدد خاصة ولا ينظر إلى القدر وان يعتبر القدر وللشافعية وجهان كهذين والثاني أقيسهما عندهم وحينئذ يحتمل امكان اعتبار الكيل أو الوزن ولو أصدقها خنزيرين وقبضت أحدهما فان اعتبرنا في الخمر القدر فهنا تقدر قيمتهما بتقدير ماليتهما ويسقط ثمن مهر المثل على القيمتين وان كانا قد سميا جنسين فصاعدا احتمل ان النظر إلى الأجناس فيقال قد قبضت ثلث المهر وان ينظر إلى العدد فان قبضت
(٦٥١)