في دين من بدل أو لم يبدل كان حكمهم حكم المجوس في تحريم ذبائحهم ومناكحاتهم وحقن الدماء مسألة إذا جوزنا نكاح الكتابية بالدائم كما هو مذهب بعض علمائنا ومذهب الشافعي أو كان كتابيا واسلم دونها فإنها يكون كالمسلمة في النفقة والقسم والطلاق والمهر والسكنى واحكام المولى وتطالب عند انتهاء المدة بالفئة والطلاق كالمسلمة وبالجملة عامة حقوق الزوجية لأنه عقد معاوضة فاستوت المسلمة والكافرة في حقه كالبيع والإجارة الا في الميراث فإنه عند الشافعي إذا مات أحدهما لم يرثه الا خر واما عندنا فإنها لا ترث المسلم ويرثها الزوج المسلم على ما يأتي ولو مات زوجها المسلم لم يجز لها تغسيله لان عندنا لا يغسل المسلم الا مسلم واما عند الشافعي فقال إن اعتبرنا في غسل الميت النية لم يجز لها تغسيله لأنها لا يصح منها النية وان لم نعتبر جاز وإذا طهرت عن الحيض أو النفاس فان شرطنا الغسل في استباحة وطى الطاهر من الحيض امرها بالاغتسال فان امتنعت جبرها عليه واستفاد الحل وان لم توجد منها النية للضرورة كما تجبر المسلمة المجنونة وقال بعض الشافعية تخيرا على الاجبار على الغسل ان للسيد اجبار أمته المجوسية و الوثنية على الاسلام لان حل الاستمتاع يقف عليه وخالف باقي الشافعية فيه لان الرق أفاد الأمان من القتل فلا تجبر كالمستأمنة وليس كالاغتسال فإنه لا يعظم الامر فيه ولا يعسر عسر تبديل الدين ولان غسلها تنظيف لا غسل عبادة فإنها إذا أسلمت لا تصلى بذلك الغسل والتنظيف حق الزوج فجاز ان يجبرها عليه والفرق مع المجوسية ان المجوسية دخلت في ملكه ولا تحل له فأشبه ما إذا اشترى جارية قد أحرمت أو شرعت في الصوم بإذن السيد ليس له تحليلها وهنا كانت الزوجة الكتابية حلالا له ثم طرا الحيض المحرم فامر برفع اثره وينتقض هذا بما إذا نكحها وهي حايض واما غسل الجنابة فالأقوى عندنا انه ليس له اجبارها عليه لعدم صحة شرطه وهي النية ولان عدم الغسل لا يحرم الوطي ولا يكرهه وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه له اجبارها عليه لان نفسه تعاف من لا يغتسل من جنابته واما المسلمة فإنها تجبر على الغسل من الجنابة وتجبر المسلمة فإنها تجبر على الغسل من الجنابة وتجبر المسلمة والكتابية على التنظيف والاستحداد وقلم الأظفار وإزالة شعر الإبط والأوساخ إذا تفاحش شئ من ذلك فان النفس تعاف طول الأظفار وترك الاستحداد وهو اخذ شعر العانة وإذا طال ما جرت العادة بأخذه الا انه لم يتفاحش فهل تجبرها على اخذه للشافعية قولان أحدهما تجبر لان ذلك ينقص الاستمتاع والثاني لا تجبر لأنه لم يتفاحش فلا يؤثر في الاستمتاع مسألة للزوج منع زوجته المسلمة من الخروج إلى المساجد والمشاهد وبيوت الجيران واهلها والأعياد وشبهها لأنه استحق عليها تمكينه من نفسها في بيته وبخروجها يفوت ذلك عليه هذا إذا كان شابة وإذا كان عجوزا لا جمال لها ولا تتوق النفس إليها قال الشافعي يستحب للزوج ان لا يمنعها من المساجد لقوله تعالى لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وتفارق الشابة خوفا من الاقتتان وله منع زوجته الكتابية من البيع والكنايس والخروج إلى الأعياد لما تقدم من منعه من الاستمتاع بها في بيته كل وقت ويمنعها من شرب الخمر لأنه منكر ولأنه يفوت به الاستمتاع وللشافعي قولان أحدهما انه له منعها من السكر خاصة لما فيه من تفويت الاستمتاع واما الذي لا يسكر فليس له منعها منه لأنه لا يؤثر في الاستمتاع وهي مستحلة له والثاني انه له منعها من شرب الخمر مطلقا وان لم يبلغ حد الاسكار لان نفسه قد تعاف ذلك لدينه فينقص استمتاعه ولان القدر الذي يسكر لا ينحصر فان بعض الناس من يسكر بالقليل ومنهم من لا يسكر به فيمنع من الجميع كما حرم جميع الخمر لهذه العلة فربما حصل السكر من القليل فيفوت الاستمتاع ولأنها حينئذ لا ترديد لا مس وله ان يمنعها من اكل لحم خنزير لما فيه من الاستقرار والنفس قد تعاف منه وللشافعي قولان أحدهما المنع مطلقا والثاني المنع ان عافته نفسه وان لم تعافه نفسه لم يمنعها لأنها تعتقد اباحته وإذا شربت خمرا أو اكلت لحم خنزير فله اجبارها على غسل فمها للنجاسة وإذا قبلها نجس فمه فاحترز على إزالة ذلك واما المسلمة إذا أرادت شرب النبيذ وجب عليه منعها منه عند علمائنا لأنه حرام عندنا وبعض العامة ممن يعتقد تحريمه قال إن كانت تعتقد تحريمه كان له منعها عن قليله وكثيره وان كانا ممن يعتقدان تحليله كان له المنع من القدر الذي يسكر وفيما لا يسكر للشافعي قولان وهكذا إذا كانت تعتقد اباحته وهو يعتقد تحريمه وقال آخرون له منعها عن شرب قليله وكثيره كما اخترناه لان القدر الذي يسكر لا طريق إليه لاختلاف العادات فيه مسألة للزوج ان يمنع زوجته المسلمة والذمية من اكل ماله رايحة من الأشياء المنتنة كالثوم والبصل والكراس وما أشبه ذلك لأنه ينقص الاستمتاع الا ان يكون مطبوخا فان نتنه تزول وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني انه مشبه بالقليل من الخمر ولحم الخنزير والوجه الفرق لان النفس تعاف الخمر والخنزير من حيث الدين والاعتقاد وهذه الأشياء المنتنة فان كل أحد تعاف نفسه وتمنعه من كمال الاستمتاع ويجوز للمراة المسلمة والكافرة لبس الديباج والحرير وليس له منعها لأنه مباح للنساء وكذا الحلى واما ان لبست جلد ميتة فان له منعها إن كان له رايحة منتنة وان لم يكن فاشكال وقال الشافعي إن كان طاهرا مدبوغا لم يكن له منعها الا ان يكون له رايحة منتنة وإن كان غير مدبوغ فإنه نجس وله منعها منه لان ذلك ينجسه ان التصغ به ويحتاج إلى التحرز منه وعندنا لا فرق بين الجلد وجسدها لنجاستها مسألة الكتابية ان لم تكن من بني إسرائيل فإن كانت من قوم علم دخولهم في ذلك الدين قبل تطرق التحريف والنسخ إليه فمن جوز نكاح الكتابيات جوز نكاحهن لتمسكهم بذلك الدين لما كان حقا وللشافعية قولان مبنيان على أن التي من بني إسرائيل تنكح لفضيلة النسب والدين جميعا أو لفضيلة الدين وحدها فان قالوا بالأول لم يحل نكاح هذه وان قالوا بالثاني جاز ومن الشافعية من قطع بالجواز وهؤلاء يقرون بالجزية وإن كانت من قوم يعلم دخول هم في ذلك الدين بعد التحريف وقبل النسخ فان تمسكوا بالحق منه وتجنبوا المحرف فكالأول وان دخلوا في المحرف فللشافعية طريقان أحدهما ان في نكاحها القولين أحدهما الجواز لان الصحابة تزوجوا منهن ولم يبحثوا عن أحوالهم والثاني المنع للتحريف والثاني القطع بالمنع وهل يقر هؤلاء بالجزية قولان أحدهما المنع والثاني الجواز كالمجوس وإن كانت من قوم يعلم دخولهم في ذلك الدين بعد التحريف والنسخ فلا لسقوط فضيلته وحرمته بالنسخ فالذين تهودوا وتنصروا بعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله لا يناكحون في المتهودين بعد بعثة عيسى (ع) للشافعية وجهان أصحهما عندهم ان الحكم كذلك والثاني الجواز لأنا لا نعلم كيفية نسخ شريعة عيسى (ع) بشريعة موسى (ع) وهل نسخت كلها أو بعضها وهؤلاء كما لا يناكحون لا يقرون بالجزية وإن كانت من قوم لا نعلم أنهم دخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أو بعده أو قبل النسخ أو بعده فتؤخذ في نكاحها بالأغلظ ويجوز تقررهم بالجزية تغليبا للحقن وبذلك حكمت الصحابة في نصارى العرب وهم بهرا وينوح وتغلب وإن كانت من بني إسرائيل فالمشهور عند الشافعية جواز نكاحها على الاطلاق من غير نظر إلى آبائها هل دخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أو بعده فليس ذلك لان كل إسرائيلية يفرض آبائها داخلون في دينها قبل التحريف وان اشعر كلام جماعة منهم به لان إسرائيل هو يعقوب (ع) بينه وبين صاحب التورية موسى (ع) زمان طويل ولا يعلم بان بني إسرائيل على كثرتهم دخل كلهم في زمان موسى أو بعده قبل التحريف بل في القصص ما يدل على استمرارهم بعضهم على عبادة الأوثان والأديان الفاسدة أو بتقدير ان يستمر هذا في اليهوديات فلا يستمر في النصرانيات لان بني إسرائيل بعد بعثة عيسى (ع) افترقوا فمنهم من امن به ومنهم من أصر دين موسى (ع) لكن الشافعية اكتفوا بشرف النسب وجبروا به نقصان دخول الاباء في الدين بعد التحريف حتى فارق حكمهن حكم غير الإسرائيليات إذا دخل في الدين التحريف واما الدخول فيه بعد النسخ وبعثه نبينا (ع) فلا تفارق الإسرائيلية فيه غيرها وعند نا لا فرق بين الإسرائيلي وغيرها مطلقا واعلم أنه من كفرهم اليهود والنصارى واخرجوهم من جملتهم من الصائبين
(٦٤٦)