رهن دابة عليها سرج أو لجام دخل ذلك في الرهن من غير ذكر وليس بمعتمد. مسألة: قد بينا انه لا يصح الرهن الا على دين ثابت في الذمة ولا يصح الرهن على الأمانات كالوديعة والعارية ومال القراض ومال الشركة وشبهها من الأمانات وبه قال أبو حنيفة وعلل بان موجب الرهن ثبوت يد الاستيفاء من الرهن فكان قبض الرهن مضمونا فلا بد من ضمان ثابت ليقع القبض مضمونا ويتحقق استيفاء الدين منه ولا يصح الرهن عنده بالأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البايع لأن المبيع ليس بمضمون فإنه لو هلك لم يضمن البايع شيئا ولكن يسقط الثمن وهو حق البايع فلا يصح الرهن به فلو هلك لهلك بغير شئ لأنه لا اعتبار للباطل فبقى قبضا باذنه ويصح على الأعيان المضمونة بنفسها وهو ان يكون مضمونا بالمثل عند الهلاك إن كان مثليا أو بالقيمة ان لم يكن مثليا كالمغصوب والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد لأن الضمان مقدر فإنه إن كان قائما وجب تسليمه وإن كان هالكا يجب قيمته ولو كان رهنا بما هو مضمون يصح قال والرهن بالدرك باطل ويصح الكفالة بالدرك والفرق ان الرهن مشروع الاستيفاء ولاستيفاء قبل الوجوب ولان الواجب هو الذي يستوفي وضمان الدرك هو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع فلا يجب قبل الاستحقاق فلا يصح مضافا إلى حال وجود الدين لان الاستيفاء معاوضة فلا يحتمل الإضافة لان إضافة التملك إلى زمان في المستقبل لا يجوز والكفالة مشروعة لالتزام المطالبة لا لالتزام أصل الدين والتزام الافعال لا يصح مضافا إلى زمان الاستقبال كالتزام الصدقات والصيامات بالنذر وتفسير الرهن بالدرك كان يبيع رجل سلعة وقبض ثمنها وسلمها وخاف المشتري الاستحقاق فاخذ بالثمن من البايع رهنا قبل الدرك فإنه باطل عنده حتى لا يملك حبس الرهن حل الدرك أو لم يحل وإذا هلك الرهن عنده كان أمانة حل الدرك أو لم يحل لأنه لا عقد حيث وقع باطلا بخلاف الرهن بالدين الموعود بان يقول رهنتك هذا لتقرضني فقبض الرهن وهلك في يد المرتهن قبل ان يقرضه ألفا فإنه يهلك مضمونا على المرتهن حتى يجب على المرتهن تسليم الألف إلى الراهن بعد الهلاك لان الموعود جعل كالموجود باعتبار الحاجة فكان الرهن حاصلا بعد القرض حكما إذ الظاهر أن الخلف لا يجري في الوعد فكان مفضيا إلى الوجود غالبا بخلاف الرهن بالدرك لان الدرك لا يكون موجودا غالبا إذ الظاهر أن المسلم يبيع مال نفسه وهذا من اغرب الأشياء فان الدرك انما يثبت إذا سبق السبب على الرهن فيكون مستحقا في الذمة والوعد بالقرض لا يثبت في الذمة شيئا فكيف يصح الرهن على الثاني دون الأول. مسألة: قد بينا ان الرهن أمانة في يد المرتهن لا يسقط من الدين شئ بتلفه من غير تفريط خلافا لأبي حنيفة حيث قال يسقط من الدين بقدر ما تلف ونقص السعر لا يوجب سقوط شئ من الدين عنده حتى لو رهن عبدا قيمته الف فنقص سعره حتى صار يساوي مائة لم يسقط شئ من الدين عند أبي حنيفة وقال زفر يسقط تسعمائة من الدين لنقصان المالية بتغير السعر كما لو انتقصت المالية بتغير في البدن وهذا لأن الضمان الثابت بالرهن باعتبار المالية دون العين فإنه ضمان الاستيفاء والمالية ينتقص بنقصان السعر كما ينتقص بنقصان العيب احتج أبو حنيفة بان نقصان السعر عبارة عن فتور رغبات الناس فيه وهذا غير معتبر في شئ من العقود ولهذا لا يثبت الخيار للمشتري بنقصان السعر ولا يسقط شيئا من الثمن ولو انتقص سعر المغصوب لا يضمن الغاصب شيئا بخلاف نقصان البدن لان يد الراهن يد الاستيفاء وبفوات جزء منه يفوت الاستيفاء فإذا لم يسقط شئ من الدين بنقصان السعر بقي مرهونا بكل الدين ولو قتله حر غرم قيمته مائة لان المتلف يعتبر قيمته يوم الاتلاف لان الجابر بقدر الفايت فيقبض المرتهن قضاء بمثلها من الدين لأنه ظفر بجبس حقه ولا يرجع على الراهن بشئ من تسعمائة لان الفضل على المائة تلف في ضمان المرتهن فصار هالكا بالدين لان يد المرتهن يد استيفاء وبالهلاك يتقرر الاستيفاء وقد كانت قيمته في الابتداء ألفا فيصير مستوفيا للكل من الابتداء وصار كما لو هلك الرهن فإنه يسقط كل الدين ولو باعه بمائة هي قيمته المتنازلة أو قال له بعه بما شئت فباعه بمائة وإن كانت قيمته ألفا صح عند أبي حنيفة وصاحبيه فيصير المرتهن وكيل الراهن لما باعه بإذن وصار كان الراهن استرده وباعه بنفسه فلو كان كذلك يبطل الرهن ويبقى الدين الا بقدر ما استوفى كذا هنا وهذا كله عندنا ساقط لما عرفت من أن الرهن أمانة ولو قتل العبد المرهون قتيلا خطأ فلا ضمان على المرتهن عندنا وقال أبو حنيفة يضمن لان العبد في ضمانه ويقال للمرتهن افد العبد من الجناية وليس للمرتهن ان يدفع العبد لان الدفع تمليك وهو لا يملك التمليك فإذا فداه ظهر المحل وبقي الدين على حاله ولا يرجع على الراهن بشئ من الفداء عنده لان الجناية حصلت في ضمانه فكان عليه اصلاحها وان أبى المرتهن ان يفدي قيل للراهن ادفع العبد أو افده بالدية لان ملك الرقبة للراهن وانما بذل المرتهن الفداء لقيام حقه فان أبى عن الفداء طولب الراهن بحكم الجناية ومن حكمها التخيير بين الدفع والفداء فان اختار الدفع سقط الدين لان العبد استحق لمعنى في ضمان المرتهن فصار كالهلاك وكذا ان فدا لأنه استخلص لنفسه بالفداء وكان الفداء على المرتهن فصار العبد كالحاصل له بعوض كأنه اشتراه من ولي الجناية مسألة: يجوز الزيادة في الرهن بان يرهن ثوبا قيمته عشرة بعشرة ثم زاد الراهن ثوبا اخر ليكون موهونا مع الأول بعشرة وان الثوبين يكونان رهنا بكل الدين وكذا يجوز الزيادة في الدين بان يرهن عبدا بألف ثم يقترض ألفا أخرى ويجعل العبد رهنا بهما وبه قال أبو يوسف وقال أبو حنيفة ومحمد يجوز الزيادة في الرهن دون الدين ومنع الشافعي وزفر من الزيادة فيهما والأصل معنا ثم إذا صحت الزيادة في الرهن يقسم الدين على قيمة الأول عند أبي حنيفة يوم القبض وعلى قيمة الزيادة يوم قبضت لان حكم الرهن في الزيادة انما يثبت بقبض المرتهن فتعتبر قيمتها حين يثبت حكم الرهن فيها كما يعتبر ذلك في قيمة الأصل حتى لو كانت قيمة الأصل يوم قبضه ألفا وقيمة الزيادة يوم قبضت خمسمائة والدين الف يقسم الدين أثلاثا في الزيادة ثلث الدين وفي الأصل ثلثا الدين والولد لا يستتبع الزيادة حال بقاء أصله لان الولد تبع فلا يستتبع غيره حتى يقسم الدين أولا على الام والزيادة ثم ما أصاب الام يقسم بينها وبين ولدها وعلى قدر قيمتها فان حصلت الزيادة بعد هلاك الام يكون رهنا تبعا للولد لان الولد صار أصلا حتى يقسم الدين أولا على الام والولد ثم ما أصاب الولد يقسم بينه وبين الزيادة بشرط بقاء الولد إلى وقت انفكاك الرهن فلو رهن أمة قيمتها الف فولدت ولدا قيمته الف وزاد عبدا قيمته الف قسم الدين أولا على الام والولد نصفين سقط عنده بهلاكها نصف الدين وبقي في الولد نصف الدين وتبعه العبد وقسم ما فيه عليهما نصفين بشرط بقاء الولد إلى وقت الفك حتى لو هلك الولد قبل فكه ظهر انه لم يكن في الولد شئ من الدين وان الام هلكت وكل الدين وان الزيادة لم يصح حتى لو هلك العبد أيضا قبل هلاك الولد أو بعد هلاكه فذلك أمانة ولو لم يهلك الولد وزادت قيمته ألفا فصارت قيمته يوم الفك الفين فالدين يقسم أولا على الام والولد أثلاثا ثلثه في الام وقد سقط بهلاكها وثلثاه في الولد ثم يقسم ذلك بينه وبين الزيادة أثلاثا ثلثاه في الولد وثلثه في الزيادة ولو نقصت قيمته فصارت خمسمائة يقسم بين الام والولد أثلاثا ثلثاه في الام وقد سقط وثلثه في الولد ثم ما أصاب الولد يقسم بينه وبين الزيادة ثلثه في الولد وثلثاه في الزيادة. مسألة: لو رهن أمة قيمتها الف بألف ثم قضى الراهن نصف دين المرتهن ثم زاد عبدا قيمته الف فالزيادة يكون رهنا تبعا لنصف الأمة لان نصفها فارغ من الدين فيكون محسوبا بالدين غير مشغول بالدين والنصف الآخر مشغول بالدين غير محبوس به فالزيادة تبع للنصف المشغول لا للنصف الفارغ فيقسم الدين الذي في النصف المشغول عليه وعلى الزيادة أثلاثا ثلثه في النصف المشغول وثلثاه في الزيادة وهذا عندنا باطل لان الرهن عندنا مشغول بالدين وبكل جزء منه قال أبو حنيفة فلو هلكت الأمة هلكت بثلثي الدين لان النصف الفارغ
(٤٩)