على أن النكول ورد اليمين هل هو بمثابة الاقرار أو البينة ان قلنا بالأول لم يحلف لان غايته ان ينكل فيحلف وذلك مما لا يفيد شيئا كما لو أقر وان قلنا بالثاني حلفه فان نكل فحلف اليمين المردودة ففيما يستفيد به وجهان أحدهما يقضى له بالرهن وينتزع من الأول وفاء لجعله كالبينة وأصحهما انه يأخذ القيمة من المالك ليكون رهنا عنده ولا ينتزع المرهون من الأول لأنا وان جعلناه كالبينة فإنما يفعل ذلك بالإضافة إلى المتداعيين ولا يجعله حجة على غيرهما وان صدقهما جميعا فإن لم يدعيا السبق أو أدعاه كل واحد منهما وقال المدعى عليه لا اعرف السابق منكما فصدقاه قيل يقسم الرهن بينهما كما لو تنازعا ملكا في يد ثالث واعترف صاحب اليد لهما بالملك وأصحهما عندهم انه يحكم ببطلان العقد كما لو زوج وليان ولم يعرف السابق منهما وان ادعى كل واحد منهما السبق وعلم الراهن بصدقه ونفى علمه بالسبق فالقول قوله مع يمينه فان نكل ردت اليمين عليهما فان حلف أحدهما دون الأخر قضى له وان حلفا أو نكلا تعذر معرفة السابق وعاد الوجهان وان صدق أحدهما في السبق وكذب الأخر قضى للمصدق وهل يحلف للمكذب فيه القولان وحيث قلنا يقضي للمصدق فذاك إذا لم يكن العبد في يد المكذب فإن كان فقولان للشافعية أحدهما ان يده يرجح على تصديق المرتهن الأخر ويقضي له بالرهن وأصحهما ان المصدق يقدم لان اليد لا دلالة لها على الرهن ولهذا لا يجوز الشهادة بها على الرهن ولو كان العبد في أيديهما معا فالمصدق يقدم في النصف الذي هو في يده وفي النصف الآخر القولان والاعتبار في جميع ما ذكرناه بسبق العقد لا بسبق القبض حتى لو صدق هذا في سبق العقد وهذا في سبق القبض فالمقدم الأول خلافا للشافعي فان الاعتبار عنده بسبق القبض. مسألة: لو ادعى رجلان على ثالث برهن عبده عندهما بمائة وانه أقبضهما إياه فان صدقهما حكم برهنه عندهما وان كذبهما فالقول قوله مع اليمين وعدم البينة وان صدق أحدهما خاصة فنصف العبد مرهون عند المصدق بخمسين ويحلف للاخر فان شهد المصدق على المكذب فللشافعية ثلاثة أقوال أحدها انه لا يقبل مطلقا والثاني انه يقبل مطلقا والثالث ان فيه وجهين بناء على أن الشريكين ان ادعيا حقا أو ملكا بابتياع أو غيره فصدق المدعى عليه أحدهما دون الأخر هل يختص المصدق بالنصف المسلم أو يشاركه الأخر فيه وجهان ان قلنا بالاختصاص قبلت شهادته للشريك والا فلا لأنه يدفع بشهادته زحمة الشريك عن نفسه وقيل إن لم ينكر الا الرهن قبلت شهادته للشريك وان أنكر الدين والرهن فحينئذ يفرق بين ان يدعيا الإرث أو غيره ويمكن ان يقال كما أن استحقاق الدين يثبت بالإرث تارة وبغيره أخرى فكذلك استحقاق الرهن فليجر؟
التفصيل وان لم يكن الا الرهن ولو ادعى زيد وعمرو على ابني ثالث انهما رهنا عبدهما المشترك منهما بمائة فصدقا أحد المدعيين ثبت ما أدعاه فكان له على كل واحد منهما ربع المأة ونصف نصيب كل واحد منهما مرهونا به وان صدق أحد الاثنين زيدا والاخر عمروا ثبت الرهن في نصف العبد لكل واحد من المدعيين في ربعه المائة لان كل واحد منهما يدعي على الاثنين نصف العبد ولم يصدقه الا أحدهما ثم إن شهد أحد الاثنين على الأخر قبلت شهادته ولو شهد أحد المدعيين للاخر فعلى ما تقدم في الصورة الثانية وفي فهمها تعسف قال ابن شريح ما انتهيت إليها الا احتجت إلى الفكرة حتى أثبتها على حاشية الكتاب. مسألة: لو ارسل مع رجل سلعة إلى غيره ليستقرض منه للمرسل ويرهن به السلعة ففعل ثم اختلف المرسل إليه والمرسل فقال المرسل إليه ان الرسول استقرض مائة ورهن السلعة باذنك وقال المرسل لم اذن الا في خمسين فالرسول ان صدق المرسل فالمرسل إليه مدع عليهما إما على المرسل فبالاذن واما على الرسول فبالاخذ والقول قولهما في نفي ما يدعيه وقال بعض الشافعية ليس بين المتراهنين نزاع وليس بجيد لان الراهن لو أقر بالاذن في الزيادة وقبضها لزمه حكم اقراره فكان للمرتهن احلافه وان صدق المرسل إليه فالقول في نفي الزيادة قول المرسل ولا يرجع المرسل إليه على الرسول بالزيادة ان صدقه في الدفع إلى المرسل لأنه مظلوم بقوله وان لم يصدقه رجع عليه وفيه نظر لان الرسول وكيل المرسل وبقبضه يحصل الملك للموكل حتى يغرم له ان تعدى فيه ويسلمه إليه إن كان باقيا وإذا كان كذلك فرجوع المرسل إليه إن كان بناء على توجه العهدة على الوكيل فليرجع وان صدقه في دفع المال إلى المرسل كما يطالب البايع الوكيل بالشراء بالثمن وان صدقه في تسليم المبيع إلى الموكل وإن كان الرجوع لان للمقرض ان يرجع في عين القرض ما دام باقيا عندهم فهذا ليس بتغريم ورجوع مطلق وانما يسترد عين المدفوع فيحتاج إلى اثبات كونه في يده ولا يكفي فيه عدم التصديق بالدفع إلى المرسل وإن كان غير ذلك فلم يرجع إذا لم يصدقه ولم يوجد منه تعد عليه ولا على حقه. مسألة: لو اختلف المتراهنان في قبض الرهن فادعاه المرتهن وانكره الراهن فإن كان في يد الراهن وقت النزاع فالقول قوله مع يمينه كما في أصل الرهن لأنه منكر والأصل معه وإن كان في يد المرتهن وقال اقبضنيه عن الرهن وأنكر الراهن فان قال غصبتها مني أو اجرتها لغيرك وحصلت في يدك فالقول قول الراهن مع يمينه لان الأصل عدم القبض وعدم الإذن فيه وعدم الرضا به بخلاف العين المبيعة والمستأجرة إذا حصلت في يد المشتري والمستأجر حيث حكمنا بتمام العقد لان القبض لا يتعلق به لزوم العقد فيهما وانما يتعلق به انتقال الضمان واستقراره وذلك حاصل بالقبض كيف حصل وهنا القبض يتعلق به لزوم العقد لأنه غير لازم الا به عند بعضهم فلا يلزمه الا بقبض يرضاه ولهذا لو آجره ثم رهنه صحت الإجارة والرهن لأنهما لا يتنافيان فإذا اقبضه عن الإجارة لم يكن له قبضه عن الرهن الا باذنه فإذا اذن فيه ومضى زمان يمكن فيه القبض صار مقبوضا عن الرهن أيضا ولو رهنه وسلمه إليه ثم اجره ومضى زمان يمكن قبضه فيه صار مقبوضا لان القبض في الإجارة لازم فلم يعتبر اذنه فيه وان ادعى قبضه عن جهة أخرى مأذون فيها سوى الرهن بان قال أودعتكه واعترف أو اكتريته أو أكريته من فلان فأكراه منك فوجهان أحدهما ان القول قول المرتهن لأنهما اتفقا على قبض مأذون فيه وأراد الراهن ان يصرفه إلى جهة أخرى والظاهر خلافه لتقدم العقد المحوج إلى القبض وأصحهما عندهم ان القول قول الراهن لان الأصل عدم اللزوم وعدم اذنه في القبض عن الرهن وله وجه بعيد فيما إذا قال غصبته أيضا ان القول قول المرتهن لدلالة اليد على الاستحقاق كما يستدل بها على الملك ويجري مثل هذا التفصيل فيما إذا اختلف المتبايعان في القبض حيث كان للبايع حق الحبس الا ان الاظهر هنا الحكم بحصول القبض إذا كان المبيع عند المشتري وادعى البايع انه اعاره أو أودعه لتقوى اليد بالملك وهذا يتفرع على أن حق الحبس لا يبطل بالايداع والإعارة عند المشتري وفيه وجهان ولو سلم الراهن انه اذن له في قبضه عن جهة الرهن وادعى الرجوع قبل القبض وأنكر المرتهن الرجوع فالقول قول المرتهن لان الأصل عدم الرجوع ولو قال الراهن لم يقبضه بعد وقال المرتهن قبضته فإن كان الرهن في يد الراهن فالقول قوله مع يمينه وإن كان في يد المرتهن فالقول قوله مع يمينه لان اليد قرينة دالة على صدقه. مسألة: يقبل اقرار الراهن بالقبض ويلزمه حكمه بشرط الامكان ولا يقبل لو ادعى المحال كما لو قال رهنته داري اليوم بالحجاز وهما في العراق وأقبضتها إياه لم يلتفت إليه ولو أنكر الاقباض فالقول قوله مع اليمين فان أقام المرتهن شاهدين على اقراره حكم بالبينة في محل الامكان فان قال أشهدت على رسم القبالة ولم اقبضه بعد كان له احلاف المرتهن على أنه اقبضه وكذا لو ذكر لاقراره تأويلا يمكن حمله عليه كما لو قال كنت أقبضته بالقول وظننت انه يكفي في القبض أو وصل إلى كتاب عن وكيلي ذكر فيه انه اقبضه وظهر ان الكتاب مزور فله الاحلاف أيضا وان لم يذكر تأويلا فالأقرب ان يمكن من احلافه وهو ظاهر قول الشافعي لان الغالب في الوثايق وقوع الشهادة قبل تحقيق ما فيها فأي حاجة إلى تلفظه بذلك وله قول اخر انه لا يلتفت إليه ولا يمكن من احلافه لمناقضته لكلامه الأول فلا يقبل انكاره بعد اعترافه ولو شهد الشاهدان على نفس الاقباض وفعله فليس له الاحلاف بحال وكذا لو شهدا على اقراره بالاقباض فقال ما أقررت لم يلتفت إليه لأنه تكذيب للشهود هذا إذا قامت الحجة على اقراره إما