الراهن والمرتهنان على أحد الفعلين تعين لا محالة ولو اتفق الراهن ومرتهن القتيل على النقل قال الجويني ليس لمرتهن القاتل المناقشة فيه وطلب البيع وقضية التوجيه الثاني ان له ذلك ولو كان مرهونا عند مرتهن القاتل أيضا فإن كان العبدان مرهونين بدين واحد فقد انتقضت الوثيقة ولا مستدرك كما لو مات أحدهما وان كانا مرهونين بدينين نظر في الدينين فان اختلفا في الحلول والتأجيل فله ان يتوثق لدين القتيل بالقاتل لأنه إن كان الحال دين المقتول فقد يريد استيفاؤه من ثمنه في الحال وإن كان الحال دين القاتل فقد يريد الوثيقة للمؤجل ويطالب الراهن بالحال في الحال وكذا الحكم لو كانا مؤجلين واحد الأجلين أطول وان اتفقا حلولا وتأجيلا فان اتفقا قدرا فان اختلف العبدان في القيمة وكانت قيمة المقتول أكثر لم ينقل الوثيقة وإن كانت قيمة القاتل أكثر نقل منه قدر قيمة القتيل إلى دين القتيل وبقي الباقي رهنا بما كان وان تساويا في القيمة بقي القاتل مرهونا بما كان ولا فايدة في النقل وان اختلف الدينان قدرا فان تساوت قيمة العبدين أو كان القتيل أكثرهما قيمة وإن كان المرهون بأكثر الدينين القتيل فله توثيقه بالقاتل وإن كان المرهون بأقلهما القتيل فلا فايدة في نقل الوثيقة وإن كان مرهونا بأكثرهما نقل من القاتل قدر قيمة القتيل إلى الدين الأخر وحيث قلنا بنقل التوثيق فيباع ويقام ثمنه مقام القتيل أو يقام عينه مقامه فيه الوجهان السابقان ولو اختلف الدينان في الجنس فهو كالاختلاف في القدر أو في الحلول والتأجيل واما ان اختلف الدينان بالاستقرار وعدمه كما لو كان أحدهما عوضا مما يتوقع رده بالعيب أو صداقا قبل الدخول فإن كان القاتل مرهونا بالمستقر فلا فائدة لنقل الوثيقة وإن كان مرهونا بالآخر فالأقرب جواز النقل خلافا للشافعية ولو تساوى الدينان في الأوصاف وحكم بعدم النقل وقال المرتهن اني لا آمنه وقد جنى فبيعوه وضعوا ثمنه مكانه الأقرب انه يجاب وللشافعية وجهان. تذنيب: لو كانت الجناية على مكاتب السيد ثبت للمكاتب القصاص والعفو فان عجز نفسه ثبت للسيد القصاص والعفو على مال لأنه انتقل إليه من المكاتب وان قتل مكاتبه ثبت للسيد أيضا القصاص والعفو على مال لأنه انتقل إليه من المكاتب لأنه بمنزلة الوارث لان الحق انتقل إليه من المكاتب وبالجملة إذا انتقل الحق من المكاتب إلى السيد بموته أو عجزه فهو كما لو انتقل من المورث. تذنيب اخر: لو قتل العبد المرهون سيده وله ابنان كان لهما القصاص وهل لهما العفو على مال للشافعي قولان فان عفى أحدهما سقط القصاص عندهم لأنه متى سقط القصاص من أحد الوارثين سقط مطلقا عندهم وعندنا انه لا يسقط فعلى قولهم هل يثبت للاخر نصيبه من الدية على القولين واما العافي فان شرط المال فعلى القولين وان اطلق فان قلنا يوجب القتل العمد القصاص خاصة فلا شئ له وان قلنا الواجب أحد الامرين إما القصاص أو الدية فهل يثبت الدية على القولين. مسألة: قد بينا ان من أسباب فك الرهن براءة ذمة الراهن عن جميع الدين إما بالقضاء أو الابراء أو الحوالة أو الإقالة المسقطة للثمن المرهون به أو المسلم فيه المرهون به ولو اعتاض عن الدين عينا ارتفع الرهن أيضا لتحول الحق من الذمة إلى العين فبراءة الذمة من الدين فان تلفت العين قبل التسليم بطل الاعتياض وعاد الرهن بحاله كما عاد الدين وفيه اشكال ولو برئ الراهن من بعض الدين بابراء أو قضاء أو غير ذلك من الأسباب لم ينفك شئ من الرهن قضية للاستيثاق قال الشيخ رحمه الله لأنه مرهون بجميع الحق وبكل جزء من اجزائه (و) وثيقة به وبكل جزء منه كالشهادة وكما أن حق الجنس يبقى ما بقي شئ من الثمن ولا يعتق شئ من المكاتب ما بقي من المال شئ. مسألة: ولو رهن عبدين لزم الرهن عندنا وان لم يقبض المرتهن على ما تقدم ومن شرط القبض كالشافعي لو رهن عبدين وسلم أحدهما كان المسلم رهنا بجميع الدين عنده خلافا لأبي حنيفة وسلم أبو حنيفة انه لو سلمهما ثم تلف أحدهما كان الباقي رهنا بجميع الدين فقال الشافعي عليه ولان العقد كان صحيحا فيهما وانما طرء انفساخ العقد في أحدهما فلم يؤثر في الأخر كما لو اشترى شيئين ثم رد أحدهما بعيب أو خيار أو إقالة والراهن مخير بين اقباض الباقي ومنعه ولو كان التلف بعد قبض الأخر فقد لزم الرهن فيه فإن كان الرهن مشروطا في بيع ثبت للبايع الخيار لتعذر الرهن بكماله فان رضي لم يكن له المطالبة ببدل التالف لان الرهن لم يلزم فيه ويكون المقبوض رهنا بجميع الثمن ولو تلف أحدهما بعد القبض فلا خيار للبايع لان الرهن لو تلف كله لم يكن له خيار فإذا تلف بعضه كان أولي ثم إن كان تلفه بعد قبض الأخر فقد لزم الرهن فيه وإن كان قبل قبض الأخر فالراهن مخير بين اقباضه وتركه فان امتنع من قبضه ثبت للبايع الخيار كما لو لم يتلف الأخر ولو رهنه دارا فانهدمت قبل قبضها لم ينفسخ عقد الرهن لان ماليتها لم يذهب بالكلية فان عرصتها وانقاضها باقية ويثبت للمرتهن الخيار إن كان الرهن مشروطا في بيع لأنها تعيبت ونقصت قيمتها ويكون العرصة والانقاض رهنا بجميع الدين لأن العقد ورد على مجموع الدار المشتملة على العرصة والانقاض من الأخشاب والأحجار ونحوها وما دخل في العقد استقر بالقبض تذنيب: انما يعرض انفكاك الرهن في بعض المرهون دون بعض بأحد أمور ستة أحدها تعدد العقد كما إذا رهن أحد نصفي العبد بعشرة في صفقة ونصفه الأخر في صفقة أخرى فإنه إذا قضى دين أحد النصفين خرج ذلك النصف عن الرهن وبقي الأخر رهنا بدينه المختص به وثانيها ان يتعدد مستحق الدين وثالثها ان يتعدد من عليه الدين ورابعها ان يقضى أحد الوكيلين وخامسها إذا فك المستعير نصيب أحد المالكين وسادسها ان يقضي أحد الوارثين ما يخصه من الدين ونحن نبين هذه الجملة. مسألة:
الفرض الأول ظاهر واما الثاني فإذا تعدد مستحق الدين كما لو كان لرجلين على رجل دينان فرهن منهما بدينهما عليه عينا صفقة واحدة ثم برئت ذمته عن دين أحدهما بأداء أو ابراء انفك من الرهن بقسط دينه لان نصف العبد رهن عند أحدهما ونصفه الأخر عند الأخر كل واحد منهما بدينه فإذا وفى أحدهما خرجت حصته من الرهن لان عبد الواحد مع الاثنين بمنزلة عبدين فكأنه رهن عند كل واحد منهما النصف منفردا فان أراد مقاسمة المرتهن واخذ نصيب من وفاه وكان الرهن مما لا ينقصه القسمة كالمكيل والموزون لزم ذلك وإن كان مما ينقصه القسمة لم تجب قسمته لما فيه من تضرر المرتهن بالقسمة فيقره في يد المرتهن يكون نصفه رهنا ونصفه وديعة وبهذا قال الشافعي واختاره الشيخ رحمه الله وقال أبو حنيفة لا ينفك شئ حتى يؤدي دينهما جميعا سواء كانا شريكين فيه أو لا وجميعها رهن عند كل واحد منهما لان الرهن أضيف إلى كل العين في صفقة واحدة ولا شيوع في المحل باعتبار تعدد المستحق وموجبه صيرورته محبوسا بدين كل واحد منهما فكان استحقاق الحبس لهما استحقاقا واحدا من غير انقسام بينهما بخلاف الهبة من اثنين عند أبي حنيفة فان هناك لابد من انقسام الحكم وهو الملك بينهما إذ يستحيل اثباته لكل منهما على الكمال في محل واحد فدخل فيه الشيوع ضرورة بخلاف مسئلتنا إذ لا حاجة إلى هذا لأن العين الواحدة يجوز ان يكون محبوسة بحق كل واحد منهما على الكمال إذ لا تضايق في استحقاق الجنس الا ترى ان الرهن الواحد لا ينقسم على اجزاء الدين بل يكون محبوسا كله بكله وبكل جزء منه فكذا هنا يكون العين محبوسة بحقهما وبحق كل واحد منهما فلا يدخل فيه الشيوع فان قضى الراهن دين أحدهما فالكل رهن عند الأخر لان جميع العين رهن عند كل واحد منهما من غير تفرق وعلى هذا حبس المبيع إذا اشترى رجلان من رجل فادى أحدهما حصته لم يكن له ان يقبض شيئا وكان للبايع ان يحبس الجميع حتى يستوفي ما على الأخر؟؟ والوجه الأول وللشافعية وجه غريب عندهم انه إذا اتحد جهة الدينين كما لو أتلف عليهما مالا أو ابتاع منهما لم ينفك شئ بالبراءة عن دين أحدهما وانما ينفك إذا اختلفت الجهتان. مسألة: لو تعدد من عليه الدين كما لو استدان شخصان من رجل شيئا ورهنا عنده بدينه عليهما شيئا صح الرهن لان رهن المشاع جايز عندنا وعند الشافعي خلافا لأبي حنيفة فإذا أدي أحدهما نصيبه أو أبرأه المستحق انفك نصيبه من الرهن وليس له ان يطالب المرتهن بالقسمة بل المطالبة بالقسمة إلى الشريك المالك فان قاسمه المرتهن بإذن الراهن الأخر صحت القسمة وان قاسمه بغير اذنه لم يصح القسمة سواء كان مما يمكن قسمته بغير رضا الشريك الأخر وبغير حضوره