الباطنة إما ان يكون ظاهرة أو لا فإن كانت ظاهرة لم يملك بالاحياء أيضا لما تقدم في المعادن الظاهرة ويكون للامام عند بعض علمائنا لا يجوز لاحد التصرف فيها الا باذنه (ع) وعند الباقين يكون لجميع المسلمين لان الناس فيها شرع وان لم يكن ظاهرة بل انما يظهر بالانفاق عليها والعمل فيها فهي للامام أيضا عند بعض علمائنا ولا تملك بالاحياء الا باذنه وعند الباقين انها لجميع من سبق إليها واحياها وحينئذ يملكها المحيي وهو محكي عن أبي حنيفة هو أحد قولي الشافعي لأنه غير مملوك ولا يتوصل إلى منفعته الا بمعالجة ومؤنة فأشبه به موات الأرض إذا أحييت والثاني للشافعي انها لا تملك بالاحياء كالمعادن الظاهرة وليس كاحياء الموات لأنه إذا أحيى ثبت الاحياء فيه واستغنى عن العمل كل يوم والنيل مثبوث في طبقات الأرض يحوج كل يوم إلى حفر وعمل ولان الاحياء الذي يملك به انما هو العمارة وهذا انما ينتفع بتخريبه ولان المحيى ما يتكرر الانتفاع به بعد عمارته من غير احداث عمارة وهذا لا يمكن في المعادن قال الشافعي انه لو ملكه لجاز له بيعه ولان من حفر بئرا في البادية لا يملكها بذلك كذلك هنا ونمنع امتناع بيعه والملازمة وانما لم يملك البئر حافرها لأنه لم يقصدها والفرق واقع بين الباطنة والظاهرة فان الظاهرة لا تفتقر إلى معرفة مؤنة ولا عمل ونمنع انحصار الاحياء في العمارة سلمنا لكن الحفر انما هو تخريب الأرض لا المعدن واظهاره بمنزلة عمارته لاشتراكهما في الانتفاعية ونمنع تفسير المحيي بما ذكر تذنيب لو أظهر السيل قطعة ذهب أو أجاء بها التحقت بالمعادن الظاهرة مسألة انما تملك المعادن الباطنة بالاحياء وهو ان يحفرها حتى يبلغ النيل ويظهره مع قصد التملك كما إذا حفر بئرا في الموات على قصد التملك ملكه إذا وصل إلى الماء لو لم يقصد التملك لم يملك وكذا لو حفر المعدن ولم يصل إليه لم يملكه ويكون ذلك تحجيرا بالسبق إليه والعمل فيه ولهذا يجوز للسلطان اقطاعه ويكون المحجر أحق به وبمرافقه على قدر حاجته في العمل عليه كما في البئر وإذا انصرف عنه لم يكن لغيره العمل فيه وإذا اتسع الحفر ولم يوجد النيل الا في الوسط أو بعض الأطراف لم يقتصر الملك على محل النيل بل كما يملكه يملك ما حواليه ما يليق تحريمه وهو قدر ما تقف الأعوان والدواب ومن جاوز ذلك وحفر لم يمنع وان وصل إلى العرق سواء قلنا إن المعدن يملك بحفره أو لم نقل لأنه ملكه فإنما يملك المكان الذي حفره واما العرق الذي في الأرض فلا يملكه بذلك ومن وصل إليه من جهة أخرى فله اخذه ولو ظهر في ملكه معدن بحيث يخرج النيل عن ارضه فحفر انسان من خارج ارضه كان له ان يأخذ ما يخرج عن ارضه لأنه لا يملكه انما يملك ما هو من اخر ارضه وليس لاحد ان يأخذ ما كان داخلا في ارضه من اجزاء الأرض الباطنة كما لا يملك اخذ اجزائها الظاهرة وعلى القول الثاني للشافعي من أنه لا يملك المعادن الباطنة بالاحياء فمن سبق إلى موضع كان أحق به فإذ أطال عكوفه عليه ففي ارجاعه عنه قولان كما في المعادن الظاهرة ومنهم من قطع هنا انه لا يزعج لان هناك يمكن الاخذ دفعة واحدة ولا حاجة إلى إطالة المكث ولان النيل هنا لا يحصل الا بتعب ومشقة فيقدم السابق على اللاحق وإذا ازدحم اثنان فعلى الوجوه المذكورة عندهم في المعادن الظاهرة وفي جواز اقطاعها على هذا القول قولان للشافعية أحدهما المنع كالمعادن الظاهرة وأصحهما عندهم الجواز هو مذهبنا لان النبي صلى الله عليه وآله أراد اقطاع علح مازن أو اقطعه فلما قيل إنه كالماء العد امتنع منه فدل على أن الباطن يجوز اقطاعه ولا يبعد دخول الاقطاع في ما لا يملك كمقاعد الأسواق مسألة لو أحيى أرضا ملكها بالاحياء لأنه سبب في التملك على ما تقدم فان وجد فيها معدنا ملكه سواء كان ظاهرا أو باطنا لأنه ملك الأرض بجميع اجزائها وذلك عنها لان المعدن مخلوق خلقة الأرض فهو جزء من اجزائها بخلاف ما إذا وجد كنزا فإنه لا يملكه باحياء الأرض لأنه مودع فيها بل ملكه بالظهور عليه ويخمس إن كان ركازا والا كان لقطة ولهذا قلنا إذا اشترى أرضا فوجد فيها معدنا أو حجارة مثبتة دخلت في البيع فإن كانت مودعة لم تتبع الأرض مسألة إذا اقطع الامام بعض المعادن الباطنة لم يقطعه الا بقدر ما يتمكن المقطع من العمل عليه والاخذ منه لان الزايد على يضيق على الناس من غير أن ينتفع به أحد فيكون ممنوعا منه وهو قول الشافعي وقال علمائنا للامام ان يقطعه الزايد ويجوز العمل على المعدن الباطن والاخذ منه من غير اذن الامام فإنه إما كالمعدن الظاهر أو كالموات وبه قال الشافعي على القولين بجواز الاقطاع وعدمه وقد بينا انه إذا أحيى أرضا ميتة فوجد فيها معدنا باطنا لكنه بالاحياء إذا لم يكن عالما بان فيها معدنا فإن كان عالما واتخذ عليه دارا ففي ملك المعدن للشافعية قولان أحدهما انه على القولين السابقين والثاني القطع بأنه ملك كما لو لم نعلم وهو الأقوى عندي واما البقعة المحياة فقد قال الجويني ظاهر مذهب الشافعي انها لا تملكه لان المعدن لا يتخذ دارا ولا مزرعة والقصد فاسد وقال بعضهم يملكها بالاحياء مسألة احياء المعدن الباطن الوصول إلى نيله وقبل ذلك يكون العمل تحجيرا يفيد أولوية واختصاصا لا تملكا ويجوز للسلطان اقطاعه ويكون المقطع أحق به وبمرافقه على قدر حاجة في العمل عليه إن كان يخرج منه بالأيدي وان يخرج باعمال وإذا انصرف عنه لم يكن لغيره العمل فيه لأنه قد حجره الأول بل يقول السلطان مع الأول ان يجتنيه أو يخلى بينه وبين غيرك طلب؟ فان الأول منه الاجل اجله بحسب ما يقتضيه رأى الامام وعلى أحد قولي الشافعي ان المعادن الباطنة لا يملك بالاحياء ففي جواز اقطاعه قولان أحدهما ليس له ان يقطعه لأنه لا يملكه بالاحياء فلم يكن له اقطاعه كالمعادن الظاهرة والثاني له اقطاعه لما روى أن النبي اقطع بلال ابن الحارث المعادن الفعلية جليثها؟ وغوريها؟ على القول بجواز الاقطاع فمن اقطع كان أحق به وإذا سبق إليه كان أحق به أيضا وإذا استبق اثنان واستويا فللشافعية فيه الوجوه الثلاثة القرعة والقسمة وان تقدم الامام من يختار فقد حصل في هذه المعادن للشافعي ثلاثة أقوال أحدهما تملك وتقطع ويحجر والثاني لا يملك ولا يقطع ولا يحجر والثالث لا يملك ولا يحجر ويجوز اقطاعها مسألة إذا غنم المسلمون بلاد المشركين وفيها موات قد عمل جاهلي فيه معدنا لم يكن غنيمة ولا يملكها الغانمون فيكون على أصل الإباحة كالموات لأنه لا يعلم هل من أظهره قصد التملك أم لا فلا يدري انه كان ملكه فيغنم والأصل انه على الإباحة وجرى ذلك مجرى من حفر بئرا في البادية ثم ارتحل عنها جاز لغيره الانتفاع بها لأنها لا يعلم أنه تملكها ولو اشترى دارا فظهر فيها معدن كان للمشتري لأنه جزء من اجزائها ولو وجد فيها كنزا مدفونا فإن كان دفن الجاهلية ملكه بالإصابة والظهور إليه وحكمه حكم الكنوز ولو كان دفن الاسلام فهو لقطة ولو كان في ارض اشتريها عرف البايع فان عرفه كان له لان الكنز مودع في الأرض ليس جزءا منها فلا يدخل في البيع مسألة يجوز لمالك المعدن الباطن ان يبيعه وهو أحد قولي الشافعي والظاهر عنده المنع من البيع لان المقصود منه النيل والنيل متفرق في طبقات الأرض مجهول القدر والسفة فصار كما لو جمع قدرا من تراب المعدن وفيه النيل وباعه وليس بجيد لان مورد البيع رقبة المعدن والنيل فايدته وريعه مسألة إذا ملك أرضا بالاحياء أو الشراء وشبهه فوجد فيها معدنا باطنا كان هذا المعدن ملكه على ما تقدم وبه قال الشافعي أو أحيى المعدن بأنه يملكه عندنا وهو أحد قولي الشافعي فان عمل فيه عامل غيره فاستخرج منه شيئا فإن كان بغير اذن المالك كان ما أخرجه الغير للمالك ولا اجرة للعامل عن عمله لأنه تعدي بذلك وإن كان بإذن المالك فإن كان قد قال له استخرجه لنفسك أو اعمل فما استخرجته فلنفسك فالحاصل للمالك قال الشيخ ره وبه قال الشافعي لان ذلك هبة مجهول والمجهول لا يصح تملكه الا ان يستأنف له هبة بعد الاخراج ولقبضه إياه ويمكن تشبيهه بإباحة ثمار البستان ونحوها ولا اجرة للعامل لأنه عمل لنفسه وانما يثبت له الأجرة إذا عمل لغيره بإجارة صحيحة أو فاسدة وتجرى لك مجرى
(٤٠٤)