قد يكون للجهل بتحريم الزنا مطلقا وقد يكون لتوهم حلها خاصة لدخولها بالغصب في ضمانه ولا تقبل دعويهما الا من قريب العهد بالاسلام أو ممن شاء في موضع بعيد من المسلمين وقد يكون لاشتباهها عليه وظنه انها جاريته فلا يشترط في قبول الدعوى ما ذكرناه مسألة لو غصب جارية فباعها من اخر فوطئها المشتري فإن كان المشتري عالما بالغصب فحكمه في الوطي حالتي العلم والجهل كما ذكر في الغاصب الا ان الجهل في حق المشتري قد ينشأ من الجهل بكونها مغصوبة أيضا فلا يشترط في دعواه الشرط السابق من قرب العهد بالاسلام أو خفاء ذلك لبعد داره عن دايرة الاسلام كما لا يشترط في الاشتباه فإذا عزم المشتري المهر ففي رجوعه على الغاصب خلاف مبني على أن المشتري هل يرجع بما غرم عما حصل له في مقابلته نفع أو لا وهل للمالك مطالبة الغاصب به ابتداء للشافعية وجهان أحدهما المنع لان المهر بدل منفعة البضع وهي غير داخلة تحت اليد ولا مضمونة بالغصب والثاني الجواز لان الامر إذا افضى إلى الغرم بعد فرضه غير متعلق بالغاصب قال الجويني هذان الوجهان جاريان سواء قلنا برجوع المشتري على الغاصب بالمهر أو بعدم الرجوع وقال إذا قلنا بعدم الرجوع فظاهر القياس ان يطالب وغيره متحمل وإذا قلنا بالرجوع فالظاهر المطالبة لاستقرار الضمان عليه ويمكن ان يقال الرجوع بسبب الغرور فيختص به المغرور وطرد الخلاف في مطالبة الغاصب بالمهر إذا وطئت بالشبهة واعلم أن كل ضمان يجب على المشتري فللمغصوب منه ان يرجع به على من شاء منهما لان يد الغاصب يد المشتري وما يجب على الغاصب من اجرة المدة التي كانت في يده أو نقص حدث عنده فإنه يرجع به على الغاصب وحده لان ذلك كان قبل يد المشتري فإذا طالب المالك المشتري بما وجب عليه في يده فاخذه منه فأراد المشتري الرجوع به على الغاصب نظر فإن كان المشتري عالما بالغصب حين الشراء لم يرجع بشئ لان سبب الضمان كان في يده من غير تغرير وان لم يعلم فاقسامه ثلاثة آ ما لا يرجع به وهو قيمتها ان تلف في يده وأرش بكارتها وبذل جزء من اجزائها لان دخل مع البايع على أن يكون ضامنا لذلك بالثمن وإذا ضمنه لم يرجع به ب ما يرجع به هو بدل الولد إذا ولدت منه لأنه دخل معه في العقد على أن لا يكون الولد مضمونا وان لم يحصل من جهة اتلاف وانما الشرع أتلفه بحكم بيع الغاصب منه وكذلك نقص الولادة ج ما اختلف فيه وهو مهر مثلها واجر نفعها فهل يرجع به على الغاصب لعلمائنا قولان أحدهما يرجع به لأنه دخل في العقد على أن يتلفه بغير عوض فإذا غرم عوضه رجع به كبدل الولد ونقص الولادة وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يرجع به وبه قال أبو حنيفة وان رجع بذلك على الغاصب فكلما لو رجع على المشتري لا يرجع به المشتري على الغاصب إذا رجع به الغاصب (رجع به الغاصب على المشتري)؟ على المشتري وكلما لو رجع على المشتري رجع به المشتري على الغاصب إذا غرمه الغاصب لم يرجع به على المشتري وإذا ردها حاملا فماتت من الوضع فإنها مضمونة على الواطي لان التلف بسبب من جهته مسألة إذا تكرر الوطي من الغاصب أو من المشتري من الغاصب؟
فإن كان حاله الجهل لم يجب الا مهر واحد لان الجهل شبهة واحدة مطردة فأشبه ما إذا وطي في النكاح الفاسد مرارا وإن كان وجب المهر لكونها مستكرهة أو على ما اختاره بعض علمائنا بالوجوب مع طواعيتها فالأقرب تعدده بكل مرة لان الوجوب هنا لاتلاف منفعة البضع فيتعدد بتعدد الاتلاف وحينئذ يحتمل ان يقال بالتعدد في صورة الجهل أيضا لان الاتلاف الذي هو سبب الوجوب حاصل فلا معنى للإحالة على الشبهة وانما يحس الاعتقاد الشبهة حيث لا يجب المهر لولا الشبهة وهو أصح جهي الشافعية والثاني الاكتفاء بمهر واحد كما في حالة الجهل ولو وطئها مرة جاهلا ومرة عالما وجب مهران مسألة من استكره امرأة على الزنا وجب عليه الحد دونها لأنها معذورة حيث هي مقهورة وعليه مهرها حرة كانت أو أمة فإن كانت حرة فالمهر لها وإن كانت أمة فالمهر لمولاها وبه قال مالك والشافعي واحمد لأنه وطي في غير ملكه سقط به الحد عن الموطوءة فإذا كان الواطي من أهل الضمان في حقها وجب عليه مهرها كما لو وطئها بشبهة واما المطاوعة فإن كانت أمة وجب مهرها على الأقوى لسيدها ولا يسقط برضاها وإن كانت حرة لم يجب لها المهر لان رضاها اقترن بالسبب الموجب فلم يوجب كما لو أذنت في اتلاف مالها وقال أبو حنيفة لا يجب المهر لا للحرة ولا للأمة إذا أكرهها أو طاوعته لأنه وطي تعلق به وجوب الحد ولم يجب به مهر كما لو طاوعته وقد تقدم بطلانه مسألة إذا حصل من الوطي حبل سواء كان من الغاصب أو من المشتري منه نظر فإن كان الواطي عالما بالتحريم والولد رقيق للمالك ولا يلتحق للواطي ولا نسب له معه لأنه زان فان انفصل حيا فهو مضمون على الغاصب وان انفصل ميتا بجناية جاز فبدله لسيده فان انفصل ميتا من غير جناية فالأقوى وجوب ضمانه على الغاصب لثبوت اليد عليه تبعا لثبوت اليد على الام وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجب الضمان لان جنايته غير معلومة وبسبب الضمان هلاكه رقيق تحت يده ولا باس به ويجرى الوجهان في حمل البهيمة المغصوبة إذا انفصل ميتا فان أوجبنا الضمان فنوجب قيمة يوم الانفصال لو كان حيا في؟ ولد الجارية والبهيمة سواء وقال بعض الشافعية انه يضمن ولد الجارية بعشر قيمة الام تنزيلا للغاصب منزلة الجاني يترتب على جنايته للاجهاض وإن كان الواطي جاهلا بالتحريم فالولد لاحق بأبيه الواطي سواء قلنا الغاصب أو المشتري منه حر؟ للشبهة وعلى الواطي قيمته لمولى الجارية يوم الانفصال ان انفصل حيا لان التقويم قبله غير ممكن وان انفصل ميتا فاما ان ينفصل بنفسه أو بجناية جان فان انفصل بنفسه ففي ضمانه اشكال المشهور عند الشافعية انه يلزمه قيمته لأنا لا نتيقن حياته وان الغاصب أتلفه وخالف ما لو انفصل رقيقا حالة العلم حين الزنا حيث قلنا في وجوب الضمان وجهين لان الرقيق يدخل تحت اليد والغصب فجعل تبعا للام فيه ولهم وجه اخر انه يلزمه القيمة لأن الظاهر الحياة واما على التقدير الثاني فعلى الثاني ضمانه لان الانفصال عقيب الضرب يغلب على الظن انه كان حيا مات بفعله وللمالك الضمان على الغاصب بخلاف ما إذا انفصل ميتا من غير جناية فإنه لا بدل له هناك وهنا يقوم له فيقوم عليه وكان حق المالك تعلق ببدله كما لو قتل عبد الجاني تعلق حق المجني عليه ببدله ولو مات فات حقه ثم الذي يجب على الجاني دية الجنين وعند الشافعية ان الذي يجب على الجاني الغرة؟ والذي يجب للمالك عشر قيمة الام لان الجنين الرقيق به يضمن فإن كانت قيمة الغره وعشر الام سواء ضمن الغاصب للمالك عشر قيمة الام وإن كانت قيمة الغرة أكثر وكذلك والزيادة تستقر بحق الإرث وان نقصت الغرة عن العشر فوجهان أظهرهما عندهم انه يضمن المالك تمام العشر لأنه لما انفصل متقوما كان بمثابة ما لو انفصل حيا لان بدله انما نقص عن العشر بحسب الحرة الحاصلة لظنه والثاني انه لا يضمن الا قدر الغرة ويعبر عن هذا بان الواجب أقل الأمرين من الغرة والعشر لان سبب وجوب الضمان تقومه عليه فلا يضمن فوت ما يحصل له ولو انفصل ميتا بجناية الغاصب بنفسه لزمه الضمان لان ما قصده منه سبب الضمان الا انه لا يستحق على نفسه شيئا مسألة لو أجل الغاصب جارية ومات وخلف أباه ثم انفصل الجنين ميتا بجناية جان فالغرة يكون لحد الجنين وقال بعض الشافعية انه يضمن للمالك ما كان يضمنه الغاصب ولو كان حيا وعنه انه لو كان مع الغاصب أم الجنين فورثت سدس الغرة لقطع النظر عنه وينظر إلى عشر قيمة الام وخمسة أسداس الغرة وكأنها كل الغرة والحبوابان؟ مختلفان فرأى الجويني اثبات احتمالين في الصورتين فصار في إحديهما ان من يملك الغرة ينبغي ان يضمن للمالك ويستبعد في الثاني تضمين من لم يغصب ولا تفرغت يده على يد الغاصب وقال بعض الشافعية ان الغرة تجب مؤجلة وانما يغرم الغاصب عشر قيمة الام إذا اخذ الغرة هذا ظاهر مذهب الشافعية في الولد المحكوم بحريته وفيه طريقة أخرى لهم انه لا ينظر إلى عشر قيمة الام ولكن يعتبر قيمته لو انفصل حيا وينظر إليه والى الغرة على التفصيل الذي تقدم وذكر بعضهم ان هذه الطريقة مستمدة من قول الشافعي القديم في أن جراح العبد لا يقدر لان عشر قيمة الام نوع مقدر لكنه ليس بواضح فان الخلاف في أن المبدل مقدر أو لا يقدر في أطراف العبد لا في جملته