لو غصب عصيرا فأغلاه حرم عندنا وصار نجسا لا يحل ولا يطهر الا إذا ذهب ثلثاه بالغليان فلو رده الغاصب قبل ذهاب ثلثيه وجب عليه غرامة الثلثين والوجه انه يضمن أيضا غرامة الخسارة على العمل فيه إلى أن يذهب كمال الثلثين لأنه رده معيبا ويحتاج زوال العيب إلى خسارة العيب من فعله وكانت الخسارة عليه النظر الثالث في نقص الصفات مسألة الصفات يضمن كما يضمن الأعيان إذا كانت متقومة فلو غصب عصيرا فصار خمرا عند الغاصب وجب عليه دفع مثل العصير إلى المالك لان المالية قد فاتت تحت يده وهي يد عادية فكان عليه ضمانها كما لو تلفت ويجوز ان يأخذه المالك ليمسكها حتى يتخلل عنده ولا يجوز على قصد الخمرية ولو تخللت في يد الغاصب فالخل للمالك لأنه عين ماله وعلى الغاصب أرش النقصان إن كانت قيمة الخل انقص من قيمة العصير ولو نقص وزنه وجب عليه غرم الناقص من العصير وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الغاصب يغرم مثل العصير لأنه بالتخمير كالتالف وعلى هذا القول ففي الخل عندهم وجهان أحدهما انه للغاصب كما لو غصب الخمر فتخللت يكون الخل للغاصب على وجه وأظهرهما انه للمالك لأنه فرع ملكه ويجوز ان يكون الخل له ولا يسقط الضمان اللازم قبل التخلل كما في السمن العائد على أحد الوجهين وبعضهم فرق وقال السمن الثاني غير الأول وهنا العين واحدة وانما تغيرت الصفة فافترقا مسألة هذا الخلاف جار فيما إذا غصب بيضة ففرخت عنده أو نوى فزرعه فصار شجرا أو بذرا فزرعه فنبت وازداد (أو بزر قزا فصار قزا)؟ فالأصح من وجهي الشافعية وهو المعتمد عندنا ان الحاصل للمالك ولا يغرم الغاصب شيئا الا ان يكون الحاصل انقص قيمة مما غصبه لان المغصوب قد عاد إليه زايدا وعلى الوجه الثاني يغرم المغصوب لهلاكه والحاصل للمالك في أظهر الوجهين وللغاصب في الأخر وبه قال أبو حنيفة والمزني واحمد في إحدى الروايتين لو غصب دجاجة فباضت عنده ثم حضنت بيضها فصار فراخا فهما معا للمالك ولا شئ عليه عن علفها ولو غصب شاة أو دابة فأنزا عليها فحلا فالولد لصاحب الشاة والدابة ولا شئ للغاصب لان الولد من نماء الام ولو غضب فحلا فأنزاه على شاة فالولد لصاحب الشاة وإن كان الغاصب لأنه تتبع الام وعليه اجرة الضراب عندنا خلافا لبعض العامة حيث لم يوجبوا له اجرة لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن عسب الفحل والنهي محمول على بيعه أو على الكراهية ولو نقص الفحل ضمن النقص اجماعا مسألة لو غصب خمرا فتخللت في يده أو جلد ميتة فدبغه عند من يطهر جلد الميتة بالدباغ فالخل والجلد للمغصوب منه لأنه فرع ملكه فلو تلف في يده غرمه وهو أصح وجهي الشافعية وهذا مذهبنا في الخل إما في الجلد فلا يطهر عندنا بالدباغ فوجود الدبغ كعدمه والثاني للشافعية انهما للغاصب لحصولهما عنده مما ليس بمال وللشافعية في المسألة طريقان آخران أحدهما القطع بان الخل للمالك وتخصيص الوجهين بالخل لان جلد الميتة يقتني والخمر التي غصبها لا يجوز اقتناؤها فإن كانت الخمر محترمة كانت كجلد الميتة وإذا جمعت الطرق قلت هما للمالك أو للغاصب أو الخل للمالك والجلد للغاصب أو بالعكس فيه لهم أربعة أوجه فإذا حكمنا بأنهما للمالك فذلك فيها إذا لم يكن المالك معرضا عن الخمر والجلد واما إذا كان قد أراق الخمر أو القى الشاة الميتة فاخذها أحد هل للمعرض استرداده الحاصل فيه الوجهان لأنه أبطل اختصاصه بالالقاء مسألة إذا غصب عينا نقصت في يده ضمن النقصان وان زادت بعد النقص وعادت القيمة بحالها وإن كان الزايد من الوجه الذي حصل فيه النقصان كما لو غصب جارية سمينة فهزلت عنده فنقصت قيمتها ثم سمنت بعد ذلك عنده وعادت القيمة بحالها كما كانت فالوجه انه لا ينجبر النقصان بالثاني فيرد العين ويغرم الناقص لان السمن الثاني ليس هو الأول لاستحالة إعادة المعدوم لان ملك الانسان لا ينجبر بملكه لان الزيادة الثانية غير الأولى وهي تابعة للعين في تملك صاحب العين لها وكما لو كانت الزيادة في جنس غير الجنس الأول وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني ان النقص ينجبر بالزيادة ويسقط الغرم كما إذا ابق العبد فعاد وكما لو جنى على عين فابيضت ثم زال البياض وليس بجيد لان السمن غير محسوسة قد تلفت فيضمنها الغاصب بخلاف الاباق والبياض لبقاء العين بحالها حالة البياض وعدمه وقال بعض الشافعية الوجهان مبنيان على الخلاف فيما إذا قلع سن كبير فعادت وهو ضعيف لان عود سن الكبير نادر وعود السمن ليس بنادر فهو بعود سن الصغير أشبه وهذان الوجهان جاريان فيما إذا كان العبد المغصوب صانعا فنسى الصنعة ثم تذكرها أو تعلمها وبعضهم وقطع هنا بان الناقص ينجبر بالمتجدد وهو المعتمد بان الفرق ظاهر بين السمن الثاني وبين تذكر الصنعة لان السمن الثاني محسوس زايد في الجسم مشاهد وهو مغاير لما كان وتذكر الصنعة لا يعد في العرف شيئا متجددا وبعض الشافعية قطع في السمن بعدم الانجبار وخص الخلاف بالصورة الثانية ولو قلنا بالانجبار فلو لم يبلغ القيمة بالعايد إلى القيمة الأولى ضمن ما بقى في النقصان وانجبر ما وراؤه بما عاد ويجري الخلاف فيما إذا كسر الحلي والاناء المغصوبين ثم أعاد تلك الصنعة من غير نقص فاما إن كان الكمال من وجه اخر مثل ان نسى صنعة كانت قيمته معها مائه فصارت القيمة إلى خمسين ثم تعلم صنعة أخرى غير الأولى فعادت المائة أو أبطل صنعة الأخرى واحدث صنعة أخرى مخالفة للأولى لم تجبر الثانية الأولى بحال وعلى هذا لو تكرر النقصان وكان الناقص في كل مرة مغايرا بالنوع للناقص في المرة الأولى ضمن الجميع حتى لو غصب جارية قيمتها مائة فسمنت في يده وبلغت القيمة ألفا وتعلمت صنعة وبلغت الفين ثم هزلت ونسيت الصنعة فعادت قيمتها إلى مائة رد الجارية وغرم ألفا وتسعمائة وان بلغت بالسمن ألفا ثم هزلت فعادت إلى مائة ثم تعلمت صنعة فبلغت ألفا فنسيها فعادت إلى مائة فإنه ويردها ويرد ألفا وثمان مائة لأنها نقصت بالهزال تسعمائة ولو هزلت وكانت قيمتها ألفا فصارت بالهزال مائة ثم سمنت فبلغت ألفا فردها بسمنها ففي وجوب أرش النقصان وجهان الأقرب الوجوب بناء على أن العايد غير الزايل وان تماثلا ولو سمنت بعد الهزال ولم يبلغ إلى قيمتها في السمن الأول ضمن ما بقى من النقصان وكان فيما بقى من الأول الوجهان وقال بعض الشافعية في تعلم الصنعة كالسمن وليس بجيد لان مغايرة السمن الثاني للأول له وجه بخلاف مغايرة التعلم الثاني للأول فان العلم بعينه يعود لا يقال العلم غير باق فلا يكون الثاني عين الأول لأنا نقول نمنع عدم بقائه سلمنا لكن يلزم منه ان العلم يتجدد وان لم ينسيا ويلزم على قول هذا القايل في السمن والصنعة جميعا إذا مرض العبد في يد الغاصب ثم برأ؟ ان يضمن ما نقص وكذا إذا حملت ثم وضعت ان يضمن ما نقصت بالحمل وإن كان قد زال؟ ولو علم العبد المغصوب سورة في القران أو حرفة فنسيها ثم علمه حرفة أخرى أو سورة أخرى فنسيها أيضا ضمنهما معا وان لم تكن مغايرة للأولى كما إذا علمه سورة واحدة أو حرفة واحدة مرارا وهو ينساها في كل مرة فان قلنا لا يحصل الانجبار بالعايد ضمن النقصان كل مرة وان قلنا يحصل ضمن أكثر المرات نقصانا مسألة لو غصب جارية قيمتها مائة فسمنت في يده أو تعلمت صنعة فبلغت قيمتها ألفا ثم هزلت في يده أو نسيت الصنعة فعادت قيمتها إلى مائة وجب عليه ردها ورد تسعمائة وبه قال الشافعي واحمد لأنها زيادة في عين المغصوب فوجب ان يضمنها الغاصب كما لو طالبه بردها فلم يردها وقال أبو حنيفة ومالك لا يجب عليه رد ذلك الا ان يطالبه بردها في تلك الحالة فلا يردها لأنه ردها كما أخذها فلم يضمن نقصان القيمة كما لو نقصت زيادة السوق والفرق ان زيادة السوق لو كانت موجودة حال الغصب لم يضمنها وانها ليست من عينه والصنعة وان لم تكن من العين الا انها صفة فيها وقد أجرينا الصنعة وإن كان ابراء كالسمن الذي هو عين لأنه صفة تتبع العين ويدخل في ملكه وأجرينا الزيادة الحادثة في يد الغاصب مجرى الزيادة الموجودة حال الغصب في العين المملوكة للمغصوب منه فتكون مملوكة له أيضا لأنها تابعة للعين فاما ان غصب العين سمينة أو ذات
(٣٨٧)