باقية بلا خلاف لقول النبي صلى الله عليه وآله على اليد ما أخذت حتى يؤديه ولان حق المغصوب منه متعلق بماله ولا يتحقق ذلك الا برده فان تلفت العين فقد تعذر الرد عليه فلا بد لأبرأ ذمته من سبيل دفعا للحرج ولا سبيل إلى ذلك الا برد بدله وما يساويه إذ الغرض الكلي أصل المالية وانما يتعلق بالجزيئات الأغراض النادرة فيجب حينئذ رد بدله وهو ما يقوم مقامه في المالية لقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ثم ينظر فإن كان من ذوات الأمثال وجب رد المثل لان المثل أقرب الأشياء إليه ومن القيمة وهو مماثل له من طريق الصورة والمشاهدة والمعنى واما القيمة فإنها مماثلة من طريق الظن والاجتهاد فكان ما هو من طريق المشاهدة مقدم كما يقدم النص على القياس عند القايلين به لكون النص طريقة الادراك بالسماع والقياس طريقة الظن والاجتهاد فإن لم يكن مثليا وجب قيمته في قول أكثر العلماء وحكى عن عبيد الله بن الحسين العنبري انه يجب في كل شئ مثله لما روت عايشة قالت ما رأيت صانعا مثل حفصة صنعت طعاما فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذني الأفكل فكسرت الاناء فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما كفارة ما صنعت فقال انا مثل الاناء وطعام مثل الطعام والافكل الرعدة عن الغيرة وعن انس ان امرأة كسرت قصعة أخرى فدفع النبي صلى الله عليه وآله قصعة الكاسرة إلى صاحبه المكسورة وحبس المكسورة في بيته وهو محمول على جواز ذلك بالتراضي وقد علم النبي صلى الله عليه وآله انها ترضى بذلك أو ان المثلية تحققت بذلك فيهما ومع ذلك فهو معارض بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أعتق شركا من عبد قوم عليه قيمة العدل فامر بالتقويم في حصة الشريك لأنها متلفة بالعتق ولم يأمر بالمثل ولأن هذه الأشياء لا يتساوى اجزائها وتفاوت صفاتها القيمة فيها اعدل واليها أقرب فكانت أولي مسألة قد بينا ان المثلي يضمن مع تلفه بمثله كالدراهم والدنانير والحبوب والادهان وقال ابن عبد البر كل مطعوم من مأكول أو مشروب مجمع على أنه يجب على مستهلكه مثله لا بقيمته واما ساير المكيل والموزون فإنها متماثلة عندنا تضمن بالمثل ولو كان فيه صناعة كمعمول الحديد والنحاس والرصاص من الأواني والآلات ونحوها والحلي من الذهب والفضة والمنسوج من الحرير والكتان والقطن والصوف والشعر والمغزول من ذلك فالأقرب انه يضمن بالقيمة لان الصناعة يؤثر في قيمته وهي مختلفة بالقيمة فأشبه غير المكيل والموزون وقال بعض العامة ان النقرة والسبيكة من الأثمان والعنب والرطب والكمثرى انه يضمن بالقيمة والوجه الأول مسألة إذا غصب عينا من ذوات الأمثال وتلفت في يده أو أتلفها والمثل موجود فلم يسلمه حتى فقد أخذت عنه القيمة لتعذر المثل فأشبه غير المثلى والمراد من الفقد ان لا يوجد في ذلك البلد وما حواليه فإذا لم يقبض القيمة وقت الاعواز حتى مضت مدة يختلف فيها القيمة وجب عليه القيمة يوم الاقباض لا يوم الاعواز ولو أعوز فحكم الحاكم بالقيمة فزادت أو نقصت لم يلزم ما حكم به الحاكم وحكم بالقيمة وقت تسليمها لان الثابت في الذمة انما هو المثل وقال الشيخ ره يكون له المطالبة بقيمة يوم القبض ولا اعتبار بحكم الحاكم به وللشافعية في القيمة المعتبرة عشرة أوجه أحدها انه اقصى قيمة من يوم الغصب إلى التلف ولا اعتبار بزيادة قيمة أمثاله بعد تلفه كما في المقومات ولان المثل جاز في الوجوب مجرى المغصوب فإذا تعذر صار بمنزلة تلف المغصوب والمغصوب إذا وجبت قيمته وجب أكثر ما كان من حين الغصب إلى حين التلف وثانيها انها اقصى قيمة من وقت تلف المغصوب إلى الاعواز ولان المثل هو الواجب الا انه لما فقد تعذر الوصول إليه فينظر إلى قيمته من وقت وجوبه إلى التعذر وربما بنى هذان الوجهان على أن الواجب عند اعواز المثل قيمة المغصوب لأنه الذي تلف على المالك أو قيمة المثل لأنه الواجب عند التلف وانما رجعنا إلى القيمة لتعذره وفيه وجهان لبعض الشافعية ان قلنا بالأول اعتبرنا بالأقصى من الغصب إلى وقت تلف المغصوب لان المثل حينئذ يجب إلى وقت الانقطاع والاعواز وثالثها وهو الأصح عندهم القيمة المعتبرة اقصى القيمة من يوم الغصب إلى يوم الاعواز لان وجود المثل كبقاء عين المغصوب من حيث إنه كان مأمورا بتسليم المثل كما كان مأمورا برد العين فذا لم يفعل غرم اقصى قيمته في المدتين كما أن المتقومات تضمن بأقصى قيمتها لهذا المعنى ولا نظر إلى ما بعد انقطاع المثل كما لا نظر إلى ما بعد تلف المغصوب من المتقوم ورابعها اقصى القيم من وقت الغصب إلى وقت تغريم القيمة والمطالبة بها لان المثل لا يسقط بالاعواز الا ترى ان المغصوب منه لو صبر إلى وجدان المثل ملك المطالبة به وانما المصير إلى القيمة عند تغريمها وهذه الأوجه الأربعة هي المذكورة في الكتاب وخامسها انها اقصى القيم من وقت انقطاع المثل واعوازه إلى وقت المطالبة بالقيمة لان الاعواز وقت الحاجة إلى العدول إلى القيمة فتعين الأقصى من يومئذ وسادسها انها اقصى القيم من وقت تلف المغصوب إلى وقت المطالبة لأن الضمان يومئذ يجب وسابعها ان الاعتبار بقيمة يوم الذي تلف فيه المغصوب وثامنها ان الاعتبار بقيمة يوم الاعواز لأنه وقت العدول إلى القيمة وتاسعها وبه قال أبو حنيفة ومالك ان الاعتبار بقيمته يوم المطالبة لان الاعواز حينئذ يظهر ويتحقق وقد يبدل لفظ المطالبة والتغريم بالحكم بالقيمة والمرجع بهما إلى شئ واحد وعاشرها انه إن كان منقطعا في جميع البلاد فالاعتبار بقيمته يوم الاعواز وان فقد في تلك البقعة فالاعتبار بقيمته يوم الحكم بالقيمة وقال بعضهم المعتبر قيمة يوم اخذ القيمة لا يوم المطالبة ولا يوم التلف وقال أبو حنيفة الاعتبار بقيمة يوم المطالبة والقبض وهو الوجه عندي وقال احمد بالوجه الثامن ولو غصب مثليا فتلف والمثل مفقود فالقياس ان يجب على الوجه الأول والثالث اقصى القيم من يوم الغصب إلى التلف وعلى الثاني والسابع والثامن قيمة يوم التلف وان يعود الرابع والسادس والتاسع بحالها على الخامس اقصى القيم من يوم التلف إلى يوم التغريم وعلى العاشر إن كان مفقودا في جميع البلاد وجبت قيمة يوم التلف والا فقيمة يوم التغريم ولو أتلف مثليا على انسان من غير غصب واثبات يد عليه وكان المثل موجودا فلم يسلمه حتى فقد فعلى الوجه الأول يجب قيمة يوم الاتلاف وعلى الثاني والثالث اقصى القيم من يوم الاتلاف إلى الاعواز وعلى الرابع من يوم الاتلاف إلى التقويم والقياس عود الوجوه السابقة ولو أتلفه والمثل مفقود فالقياس ان يقال على الوجه الأول والثاني والثالث والسابع والثامن تجب قيمته يوم الاتلاف وعلى الرابع والخامس والسادس اقصى القيم من يوم الاتلاف إلى يوم التغريم وعلى التاسع قيمة يوم التغريم وعلى العاشر إن كان منقطعا في جميع البلاد وجب قيمته يوم الاتلاف والا فقيمة يوم التغريم ومهما غرم الغاصب أو المتلف القيمة لاعواز المثل ثم وجد المثل هل للمالك رد القيمة وطلب المثل الأقرب المنع لبراءة ذمة الغاصب بأداء بذل المثل فلا يعود الذمة مشغولة بالمبدل كما لو صام الفقير عن الكفارة ثم استطاع العتق بخلاف ما لو غرم قيمة العبد ثم وجد لان القيمة ليست بدلا عن العبد حقيقة وانما هي مأخوذة للحيلولة ولان العبد عين حق المغصوب منه والمثل بدل حقه ولا يلزمه من تمكين المالك من الرجوع إلى عين حقه تمكينه من الرجوع إلى بدل حقه مسألة لو غصب عينا من ذوات الأمثال ونقلها إلى بلد اخر كان للمالك مطالبته برده إلى مكانه الأول وله ان يأخذه من المكان الثاني وله ان يطالبه في المكان الأول بالقيمة في الحال للحيلولة فإذا رده الغاصب أسترد القيمة التي دفعها إلى المالك لأنه انما ملكها للحيلولة وقد زالت بالرد إليه ولو تلف في البلد المنقول إليه طالبه بمثله حيث ظفر به من البلدين لتوجه الطلب عليه برد الثمن في الموضعين فان فقد المثل غرمه قيمة أكثر البلدين قيمة ولو أتلف مثليا أو غصبه ثم تلف عنده في بلد ثم ظفر المالك في بلد اخر
(٣٨٣)