بصحة المزارعة أو فسادها لأنها إن كانت صحيحة فالزرع بينهما على ما شرطاه وإن كانت فاسدة فلكل واحد منهما بقدر بذره لكن مع القول بصحتها لا يرجع أحدهما على صاحبه بشئ ومن شرط اخراج البذر من صاحب الأرض فهي فاسدة فعلى العامل نصف اجرة الأرض وله على صاحب الأرض نصف اجر عمله فيتقاصان بقدر الأقل منهما ويرجع أحدهما على صاحبه بالفضل وان شرطا التفاضل في الزرع وقلنا بصحته فالزرع بينهما على ما شرطاه ولا تراجع بينهما وإن قلنا بفسادها فالزرع بينهما على قدر بذرهما وتراجعا كما ذكرناه ولو تفاضلا في البذر وشرطا التساوي في الزرع أو تساويا في البذر وشرطا التفاضل في الحصة جاز عندنا كما تقدم في الشركة مسألة إذا اطلق المالك المزارعة زرع العامل ما شاء إن كان البذر منه أو زرع المالك ما شاء إن كان البذر منه ويحتمل قويا وجوب التعيين لتفاوت ضرر الأرض باختلاف جنس المزروعات ولو عين جنسين كحنطة وشعير فلا بد من تقدير كل واحد منهما إما بالكيل أو الوزن واما يتعين الأرض مثل ازرع هذه القطعة حنطة وهذه الأخرى شعيرا ولو عين الزرع لم يجز التعدي لأنه خلاف المشروط ولو زرع ما هو أكثر من المشروط كان لمالكها أجرة المثل ان شاء أو المسمى مع الأرش ولو كان أقل ضررا جاز ولا شئ عليه ولا للمالك الحصة لا أزيد وللمزارع ان يشارك غيره في الزراعة وان يزارع عليها غيره ولا يتوقف على اذن المالك لكن لو شرط المالك الزرع بنفسه لزم ولم تجز المشاركة إلا باذنه وخراج الأرض ومؤنتها على صاحبها إلا أن يشترط على المزارع وكل موضع حكم فيه ببطلان المزارعة يجب لصاحب الأرض أجرة المثل تذنيب إذا اطلق وجب ان يعين البذر ممن هو فإنه يجوز ان يكون من المالك أو من العامل أو منهما عندنا ومن قال إنه على رب الأرض انصرف الاطلاق إليه على مقتضى قوله مسألة يجوز ان يشترط المالك على العامل مع الحصة شيئا معينا من ذهب أو فضة أو بالعكس عملا بالشرط ولو زارعه على ارض فيها شجر يسير جاز ان يشترط العامل ثمرها عندنا وبه قال مالك لكن شرط مالك أن تكون الشجر قدر الثلث أو أقل لأنه يسير فيدخل تبعا وليس بشئ وقال الشافعي واحمد وابن المنذر لا يجوز ذلك لأنه اشترط الثمرة كلها فلم يجز ونمنع عدم الجواز لأنه ليس مساقاة لان التقدير ان العقد عقد المزارعة مسألة لو دفع رجل بذره إلى صاحب الأرض ليزرعه في ارضه ويكون ما يخرج بينهما جاز عندنا للأصل ولو دفعه إلى ثالث ليزرعه في ارض صاحب الأرض على أن يكون الحاصل بينهم منعه العامة لان البذر ليس من رب الأرض ولا من العامل فعلى قولهم يكون الزرع لصاحب البذر وعليه الأجرة لصاحب الأرض والعمل ولا بأس به إما لو قال صاحب الأرض انا ازرع بذرك في أرضي والحاصل بيننا فإنه يجوز كما تقدم ولو كان الأرض والبذر والعمل من واحد ومن الأخر الماء وشرطا ان يكون الحاصل بينهما فعن احمد روايتان إحديهما المنع لان موضوع المزارعة أن تكون من أحدهما الأرض ومن الأخر العمل وليس من صاحب الماء ارض ولا عمل ولا بذر ولأن الماء لا يباع ولا يستأجر فكيف تصح المزارعة به والثانية الجواز لأن الماء أحد ما يحتاج إليه في الزرع فجاز ان يكون من أحدهما كالأرض والعمل مسألة ولو اشترك ثلاثة على أن يكون من أحدهم الأرض ومن الأخر البذر ومن الأخر البقر والعمل على أن ما رزق الله تعالى بينهم فعملوا احتمل الجواز للأصل ومنع مالك والشافعي وأصحاب الرأي واحمد من ذلك لما رواه مجاهد أفي؟ أربعة نفر اشتركوا في زرع على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أحدهم على الفدان وقال الآخر فلى البذر وقال الآخر فلى العمل فجعل النبي صلى الله عليه وآله الزرع لصاحب البذر والأجرة لصاحب الأرض وجعل لصاحب العمل كل يوم درهما ولصاحب الفدان شيئا معلوما ولما سبق من أن موضع المزارعة على أن البذر من صاحب الأرض أو من العامل وليس هنا هو من أحدهما وليست الشركة لان الشركة تكون بالأثمان وإن كانت بالعروض اعتبر كونها معلومة ولم يوجد شئ من ذلك هنا وليست الإجارة لافتقار الإجارة إلى مدة معلومة وعوض معلوم فعلى هذا يكون الزرع لصاحب البذر لأنه نماء ماله ولصاحبيه عليه اجرة مثلهما لأنهما دخلا على أن يسلم لهما المسمى فإذا لم يسلم عاد إلى بذله وبه قال الشافعي وأبو ثور وقال أصحاب الرأي يتصدق بالفضل وليس بشئ لأنه نماء ماله فلا يلزمه الصدقة كساير ماله ولو كانت الأرض لثلاثة فاشتركوا على أن يزرعوها ببذرهم ودوابهم على أن ما اخرج الله تعالى بينهم على قدر مالهم فهو جايز ولهذا قال مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر ولا نعلم فيه خلافا لان أحدهم لا يفضل صاحبه بشئ مسألة يجوز لصاحب الأرض ان يخرص على الزراع ويتخير الزراع في القبول وعدمه فان قبل كان استقرار ذلك مشروطا بالسلامة فلو تلف الزرع بآفة سماوية أو أرضية لم يكن عليه شئ لما رواه محمد بن عيسى عن بعض أصحابه قال قلت لأبي الحسن (ع) ان لنا أكرة فيزارعهم فيقولون قد حرزنا هذا الزرع بكذا وكذا فاعطونا ونحن نضمن لكم ان يعطيكم حصته على هذا الحرز قال وقد بلغ قلت نعم قال لا بأس بهذا فإنه يجئ بعد ذلك ويقول لنا ان الحرز لم يجئ كما حرزت وقد نقص قال فإذا زاد يرد عليكم قلت لا قال فلكم ان تأخذوه بتمام الحرز كما أنه إذا زاد كان له كذلك إذا نقص مسألة إذا زارع رجلا في ارضه فزرعها وسقط من الحب شئ ونبت في ملك صاحب الأرض عما اخر فهو لصاحب البذر عند علمائنا وبه قال الشافعي لأنه عين ماله فهو كما لو بذره قصدا وقال احمد يكون لصاحب الأرض لان صاحب الحب أسقط حقه منه بحكم العرف وزال ملكه عنه لان العادة ترك ذلك لمن يأخذه ولهذا أبيح التقاطه وزرعه ولا خلاف في إباحة التقاطه ما رماه الحصاد من سنبل وحب وغيرهما فيجري ذلك مجرى بنذه على سبيل الترك له وصار كالشئ التافه يسقط منه كالثمرة واللقمة والنوى ونحوها ولا شك في أنه لو التقط انسان النوى وغرسه كان له دون من سقط منه كذا هنا وليس بجيد لان الحق والملك لا يزولان بالاعراض بل به وباستيلاء الغير عليه فإذا لم يحصل الثاني ونبت الحب حتى صار زرعا ينتفع به لم يكن من جملة ما تمثل به من الشئ التافه والنوى ولهذا لو نبت نواة سقطت من انسان في ارض مباحة أو مملوكة له ثم صارت نخلة لم يستول عليها غيره فان النخلة يكون ملك صاحب النواة قطعا مسألة لو تنازعا في قدر المدة فالقول قول منكر الزيادة مع يمينه عملا بالأصل وتبعا للنماء لمالك الأرض ولو اختلفا في قدر الحصة فالقول قول صاحب البذر ولو أقام كل منهما بينة قدمت بينة من يدعي خلاف الظاهر فحينئذ يكون القول قول من يدعي الزيادة في المدة والحصة وقال بعض علمائنا بالقرعة وليس بجيد ولو اختلفا فقال العامل أعرقني الأرض للزرع وانكر المالك وادعى الحصة أو الأجرة ولا بينة فالقول قول المالك مع يمينه في عدم الإعادة ويثبت له أجرة المثل وقيل بالقرعة وليس بجيد وللزراع تبقية الزرع إلى أوان اخذه لأنه مأذون فيه إما لو قال غصبتها حلف العامل على نفي الغصب وكان للمالك الأجرة والمطالبة بإزالة الزرع وأرش الأرض ان عابت وطم الحفر مسألة لا ينبغي ان يشترطا حصة للبذر وحصة للبقر بل يشترط الفايدة بينهما على قدر ما يتفقان عليه من نصف أو ثلث أو غيرهما لما رواه أبو الربيع الشامي انه سأل الصادق (ع) عن رجل يزرع ارض رجل اخر فيشترط عليه ثلثا للبذر وثلثا للبقر فقال لا ينبغي ان يسمى بذرا ولا بقرا ولكن تقول لصاحب الأرض ازرع في أرضك ولك منها كذا وكذا نصف أو ثلث أو ما كان من شرط ولا يسمى بذرا ولا بقرا وانما يحرم الكلام ونحوه عن سليمان بن خالد عن الصادق (ع) ونحوه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) وهل هذا النهي على سبيل التحريم أو للكراهة اشكال أقربه الثاني
(٣٤٠)