وبه قال مالك واحمد والشافعي في أصح القولين ويملكها المشتري مسلوبة المنفعة تلك المدة لان الإجارة إنما ترد على المنفعة فلا تمنع بيع الرقبة كالتزويج ولان البيع إنما وقع على غير المعقود عليه في الإجارة فلم يغير حكم الإجارة كبيع الأمة المزوجة ولما رواه إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إلى أبى الحسن عليه السلام سألته عن رجل استأجر ضيعة من رجل فباع المؤجر تلك الضيعة التي اجرها بحضرة المستأجر ولم ينكر المستأجر البيع وكان حاضرا له شاهدا عليه فمات المشترى وورثه هل يخرج ذلك إلى الميراث أم يبقى في يد المستأجر إلى أن تنقضي اجارته فكتب إلى أن تنقضي اجارته والثاني للشافعي ان البيع باطل لان يد المستأجر حايلة تمنع التسليم إلى المشتري فمنعت الصحة كبيع المرهون من غير المرتهن وبيع المغصوب قال بعض الشافعية ولا فرق بين ان يأذن المستأجر أو لم يأذن والفرق بين يد المغصوب والمستأجر ان الغصب يمنع التسليم ويد المستأجر لا تمنع فافترقا ولئن منعت التسليم في الحال فلا تمنع في الوقت الذي يجب التسليم فيه وهو عند انقضاء مدة الإجارة وتكفى القدرة على التسليم حينئذ كالمسلم فيه وقال أبو حنيفة ان البيع موقوف على اجازة المستأجر فان اجازه جاز وبطلت الإجارة وان رد البيع بطل إذا ثبت هذا فان البيع يصح ويملك المشتري المبيع مسلوب المنفعة إلى حين انقضاء الإجارة ولا تستحق تسليم العين الا حينئذ لان تسليم العين انما يراد لاستيفاء نفعها ونفعها انما يستحقه إذا انقضت الإجارة فيصير هذا بمنزلة من اشترى عينا في مكان بعيد فإنه لا يستحق تسليمها إلا بعد مضي مدة يمكن احضارها فيها وكالسلم إلى وقت لا يستحق تسليم المسلم فيه إلا في وقته ولا تنفسخ الإجارة على ما قلناه كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة المزوجة ويترك في يد المستأجر إلى انقضاء المدة ولو كانت الإجارة في مدة لا يتصل أوقاتها كما لو استأجر سنة الأيام دون الليالي استحق المشتري تسليم العين في المدة التي ليست للمستأجر حق الامساك فيما إذا عرفت هذا فان المشتري إن كان عالما بالحال لم يكن له خيار فلا فسخ له ولا اجرة لتلك المدة وإن كان جاهلا بالإجارة ثبت له الخيار في فسخ البيع وامضائه مجانا لان الإجارة تمنعه من استيفاء منافعه والمنافع هي المقصودة بالبيع فأشبه العيب ولو كان جاهلا فأجاز كان بحكم العالم مسألة لو باع المؤجر العين في مدة الإجارة ورضى المشتري ثم وجد المستأجر بالعين عينا ففسخ الإجارة بذلك العيب أو عرض ما ينفسخ به الإجارة فمنفعة بقية المدة للمشتري عند بعض الشافعية لان عقد البيع يقتضي استحقاق المشتري للرقبة والمنفعة جميعا إلا أن الإجارة السابقة كان تمنع منه فإذا انفسخت خلص المال له بحق الشراء كما إذا اشترى جارية مزوجة فطلقها زوجها تكون منفعة البضع للمشتري وليس للبايع الاستمتاع بها ولا تزويجها من الزوج المطلق وقال بعضهم انها للبايع لأنه لم يملك المشتري منافع تلك المدة وبنى بعضهم الوجهين على أن الرد بالعيب يرفع العقد من أصله أو من حينه ان قلنا بالأول فهى للمشتري وكان الإجارة لم تكن وإن كان من حينه فللبايع لأنه لم يوجد عند الرد ما يوجب الحق للمشتري ولو تقايلا الإجارة فان جعلنا الإقالة عقدا فهي للبايع وإن جعلناها فسخا فكذلك على أصح القولين لأنها ترفع الحق من حينها لا محالة وإذا حصل الانفساخ رجع المستأجر بأجرة بقية المدة على البايع ويمكن ان يقال يرجع على المشتري وليكن هذا مفرعا على أن المنفعة يكن للمشتري لأنه رضي بالمبيع ناقص المنفعة فإذا حصلت له المنفعة جاز ان يؤخذ منه بدلها والخلاف في بيع المستأجر يجرى في هبة وتجوز الوصية به مسألة لو باع عينا واستثنى لنفسه منفعتها شهرا أو سنة صح البيع والاستثناء عندنا وللشافعية طريقان أحدهما انه على القولين في بيع الدار المستأجرة لأنه إذا جاز ان لا يكون المنافع للمشتري مدة بل يكون للمستأجر كذلك جاز ان يكون للبايع لان جابر أباع في بعض الاسفار بعيرا من رسول الله صلى الله عليه وآله على أن يكون له ظهره إلى المدينة والثاني القطع بالمنع لأن اطلاق البيع يقتضي دخول المنافع التي يملكها البايع في العقد والاستثناء بغير مقتضاه فيمنع منه وفى بيع المستأجر المنافع ليست مملوكة للبايع وأيضا فان استثناء المنفعة اشتراط الامتناع من التسليم الذي هو مقتضي العقد فلا يمكن ان يقدر كون البايع نايبا عن المشتري في اليد والقبض لكن يجوز ان تقام يد المستأجر مقام يد المشتري ويقال انه يمسك المال لنفسه بالإجارة فللمالك تملك الرقبة والأظهر المنع عندهم سواء ظهر الخلاف أو لا ونمنع كون الاستثناء بغير مقتضي العقد فان مقتضى العقد دخول المنافع مع الاطلاق إما مع التقييد بشرط عدم الدخول فلا وذلك كاستثناء جزء من العين فلو قال بعتك هذه الدار إلا هذا البيت صح البيع والاستثناء اجماعا فكذا لو استثنى المنفعة بل هنا أولي لان اخراج العارض؟
أقل مناقضة من اخراج الذاتي بالمقوم وكذا في اشتراط الامتناع من التسليم مسألة لو باع العين المستأجرة من المستأجر فقد قلنا إنه يصح البيع ولا تبطل الإجارة على الأقوى ولا يثبت للمشتري هنا خيار هذا إذا كان عالما بالحال إما لو استأجر وكيله من غير علم منه ثم اشترى هو أو بالعكس أو عقد وكيلا له العقدين ولا شعور لمشتري منهما بالحال فان المشترى يثبت له الخيار بين الفسخ والامضاء كالأجنبي لو اشترى ولو كان وكيل الشراء عالما بالحال فهذا كما لو كان المشترى عالما لا خيار له ولو اوصى لزيد برقبة دار ولعمر بمنفعتها فاجرها عمر ومن زيد صحت الأجرة عندنا وللشافعية وجهان كالخلاف فيما لو باع مسألة لو اجر داره من وارثه ثم مات فورثه المستأجر فالحكم فيه كما لو اشتراها في بطلان الإجارة أو بقاؤها وللشافعية وجهان الا انه لا فرق في الحكم بين فسخ الإجارة وابقائها وإذا قلنا بالفسخ رجع بالأجرة من تركته قولا واحدا وفرق ابن الحداد من الشافعية بين الوارث والمستأجر بان الوارث دخل في ملكه بغير اختياره فلو استأجر انسان من ابنه دارا ثم مات الأب وخلف ابنين أحدهما المستأجر فان الدار يكون بينهما نصفين والمستأجر أحق بها لان النصف الذي لأخيه (الإجارة) باقية فيه والنصف الذي ورثه تستحقه إما بحكم الإجارة والميراث وما عليه من الأجرة بينهما نصفين وإن كان أبوه قد قبض الأجرة لم يرجع بشئ منه على أخيه ولا بتركة أبيه ويكون ما خلفه أبوه بينهما نصفين لأنه لو رجع بشئ افضى إلى أن يكون قد ورث النصف بمنفعته وورث اخوه نصفا مسلوب المنفعة والله تعالى قد سوى بينهما في الميراث ولأنه لو رجع بنصف اجر النصف الذي انتقضت الإجارة فيه لوجب ان يرجع اخوه بنصف المنفعة التي انتقضت الإجارة فيما إذ لا يمكن ان يجمع له بين المنفعة واخذ عوضها من غيره مسألة لو اجر المستأجر العين التي استأجرها من المالك للمالك صحت الإجارة وهو أصح وجهي الشافعية وهو منصوص الشافعي عندهم كما يجوز ان يشتري شيئا ثم يبيعه من بايعه وبه قال ابن الحداد من الشافعية وعد ذلك من مناقضاته لأنه حكم بانفساخ الإجارة إذا اشترى من المستأجر ما استأجره لامتناع اجتماع الملك والإجارة وانه لازم هنا ولا فرق بين ان يكترى ثم يملك وبين ان يملك ثم يكترى لا يقال الاستيجار السابق لم يمنع صحة الشراء اللاحق كذلك الملك السابق وجب ان لا يمنع صحة الاستيجار اللاحق لكن ينفسخ الإجارة إذا حصل الاجتماع كما انفسخت هناك لأنا نقول إن ما ينفسخ إذا كان سابقا وجب ان لا يصح إذا طرأ على ما لا ينقطع الا ترى ان النكاح لما انفسخ إذا كان سابقا لم يصح إذا طرء على الملك والوجه الثاني المنع من صحة الإجارة وبه قال ابن شريح من الشافعية لاجتماع الإجارة والملك وأيضا فان المؤجر يطالب التسليم مدة الإجارة فإذا اكترى ما اكرى كان مطالبا ومطالبا في عقد واحد وذلك لا يحتمل الا في حق الأب والجد في مال الصغير وقد بينا امكان اجتماع الإجارة والملك ونمنع وحده العقد مسألة لو اجر دارا من ابنه ومات الأب في