استأجر عقارا أو متاعا أو حيوانا أو انسانا أو غيره للانتفاع به ثم قبض العين التي تعلقت الإجارة بها كانت اعانة في يده غير مضمونة على إلا مع التعدي أو التفريط ولا نعلم فيه خلافا لأنه قبض العين لاستيفاء منفعة يستحقها منها فكانت أمانة كما لو قبض الموصى له بخدمة سنة أو قبض الزوج امرأته الأمة ولأنه مستحق للمنفعة ولا يمكن استيفاؤها إلا باثبات اليد على العين فكانت أمانة عنده كالنخلة التي يشتري ثمرتها بخلاف ما لو اشترى سمنا وقبضه في انية حيث تكون الآنية مضمونة في يده عند الشافعي في أصح الوجهين لأنه اخذها لمنفعة نفسه ولا ضرورة في قبض السمن فيها والأصح انها ليست مضمونة أيضا والعارية عند جماعة من العامة مضمونة مطلقا لأنه لا يستحق منفعتها واما إذا تلفت العين المستأجرة في يد المستأجر بعد مضي المدة فكذلك أيضا لأنها أمانة بعد المدة إذ لا يجب على المستأجر رد العين إلى مالكها بل الواجب عليه التخلية بينه وبينها والتمكين له منها إذا طلب لأنها أمانة فلا يجب ردها قبل الطلب كالوديعة وهذا أصح وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة والأصل فيه ان الإجارة عقد لا يقتضي الضمان فلا يقتضي رده ومؤنته كالوديعة والظاهر من كلام الشافعي وبه قال مالك انه يجب على المستأجر الرد ومؤنته وإن لم يطلب المالك لأنه غير مأذون في الامساك بعد المدة ولأنه اخذ لمنفعة نفسه فأشبه المستعير ونحن نخالف في حكم الأصل وقال بعض الشافعية لو شرط المؤجر عليه الرد لزمه ذلك قطعا ومنعه بعضهم وقال من لا يوجب الرد عليه ينبغي ان لا يجوز شرطه إذا عرفت هذا فإن قلنا لا يلزم الرد فلا ضمان عليه وإن قلنا يلزم ضمن ما تلف في يده إلا أن يكون الامساك لعذر فلا ضمان وعلى كل حال متى طلبها صاحبها وجب عليه تسليمها إليه فإن امتنع من ردها مع القدرة لغير عذر صارت مضمونة كالمغصوب بلا خلاف الثاني لو شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين لم يصح الشرط لأنه مناف لمقتضى العقد وإن وقع ذلك شرطا في الإجارة فالأقوى عندي بطلان الإجارة أيضا وبين العامة خلاف في فساد العقود بفساد الشروط التي تضمنها وإنما قلنا إنه لا يصح الشرط لان ما لا يجب ضمانه لا يصير بالشرط مضمونا كما أن ما يجب ضمانه لا ينتفي ضمانه بشرط إما لو شرط عليه ان لا يسير بها ليلا أو وقت القائلة أو لا يتأخر بها عن القافلة أو لا يجعل مسيره في اخر القافلة أو لا يسلك بها واديا أو طريقا معينا أو لا يركبه غيره أو لا يسكن الدار سواه أو لا يلبس الثوب غيره أو لا يوجر العين أو لا يحملها أزيد من المشروط أو لا يحملها إلا ما وقع العقد عليه مما يساويه أو يقصر ضرره أو يزيد أو لا يتعدى المكان المعين إلى غير ذلك من الشروط فخالف ضمن اجماعا لأنه متعد فيضمن ما تلف في يده كما لو شرط ان لا يحمل عليها شيئا فحملها لان الحسن الصيقل سأل الصادق (ع) عن رجل اكترى دابة إلى مكان معلوم فجاوزه قال يحتسب له الاجر بقدر ما جاوز وإن عطب الحمار فهو ضامن وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) في رجل استأجر دابة فأعطاه غيره فنفقت فما عليه قال إن كان اشترط ان لا يركبها غيره فهو ضامن لها وإن لم يسم فليس عليه شئ مسألة إذا كانت الإجارة فاسدة لم يضمن المستأجر العين أيضا إذا تلفت بغير تفريط ولا عدوان لأنه عقد لا يقتضى صحيحه الضمان فلا يقتضيه فاسده كالوكالة والمضاربة وحكم كل عقد فاسد حكم صحيحه في وجوب الضمان وعدمه فما وجب الضمان في صحيحه وجب في فاسده وما لم يجب في صحيحه لم يجب في فاسده ولان الأصل براءة الذمة من الضمان لأنه قبض العين بإذن مالكها فلم يجب عليه ضمانها مسألة المنافع المتعلقة بالعين بعد انقضاء مدة الإجارة إذا استوفاها المستأجر ضمنها وضمن العين أيضا وان لم يستوفها بل تلفت في يده فإن قلنا يلزمه الرد ضمنها والا فلا وللشافعي وجهان ولو غصب الدابة المستأجرة مع دواب ساير الناس المرافقين له فذهب بعضهم في الطلب ولم يذهب المستأجر مع قدرته ان قلنا لا يلزمه الرد فلا ضمان عليه وإن قلنا يلزم فإن أسترد من ذهب من غير مشقة ولا غرامة فالوجه انه لا ضمان عليه أيضا وقالت الشافعية يضمن المستأجر المتخلف وإن لحقهم مشقة أو غرامة فلا ضمان عليه وليس بشئ ولو استأجر قدرا مدة ليطبخ فيها ثم حملها بعد المدة ليردها فسقطت الدابة فانكسرت القدر فإن لم يفرط فلا ضمان وإن فرط ضمن وقال بعض الشافعية إن كان لا يستقل بحمله فلا ضمان وإن كان يستقل فعليه الضمان إما إذا ألزمناه مؤنة الرد فظاهر واما إذا لم نلزمه فلا؟ ان العادة ان القدر لا ترد بالدابة مع استقلال المستأجر أو استقلال حمال بها مسألة لو استأجر دابة للحمل أو الركوب أو الاستعمال في الحرث وغيره فربطها المستأجر ولم ينتفع بها في المدة استقرت الأجرة عليه ولا ضمان عليه لو ماتت الدابة في الاصطبل ولو انهدم عليها فهلكت فإن فرط ضمن وإلا فلا وقالت الشافعية إن كان المعهود في مثل ذلك الوقت أن تكون الدابة تحت السقف كجنح؟ الليل في الشتاء فلا ضمان عليه وإن كان المعهود في ذلك الوقت لو خرج بها أن تكون في الطريق وجب الضمان لان التلف والحال هذه جاء من ربطها مسألة للمستأجر ضرب الدابة بقدر العادة وقت الحاجة وتكبيحها باللجام للاستصلاح وحثها على السير ضرب؟ لتلحق القافلة لان النبي صلى الله عليه وآله نخس بعير حاير وضربه وكذا يجوز للرابض ضرب الدابة للتأدب وترتيب المشي والعدو والسير وللمعلم ضرب الصبيان للتأديب وكل هؤلاء إذا ضربوا ضمنوا ما وقع بجناية ضربهم سواء فعلوا المأذون أو تجاوزوا فيه لان الاذن منوط بالسلامة وبه قال أبو حنيفة والثوري كغير المستأجر وبه قال الشافعي أيضا في المعلم يضرب الصبي خاصة لأنه يمكنه تأديبه بغير الضرب وقال مالك والشافعي واحمد وإسحاق وأبو يوسف وأبو ثور ومحمد لا ضمان إذا لم يتجاوز أحدهم المأذون لأنه تلف من فعل مستحق فلم يضمن كما لو تلف تحت الحمل ولان الضرب معنى تضمنه عقد الإجارة فإذا تلف منه لم يضمنه كالركوب والفرق ظاهر ولا خلاف في أنه لو أسرف في التأديب وشبهه أو زاد على ما يحصل به الغرض أو ضرب من لا عقل له من الصبيان فعليه الضمان تذنيب يجب على المستأجر سقي الدابة وعلفها وقت الحاجة مجرى العادة فان فرط في ذلك ضمن ويرجع على المالك إلا أن يشترط على المستأجر فلا يرجع النظر ب فيما إذا كانت العين في يد الأجير مسألة الأجير إما مشترك أو منفرد مختص فالمشترك هو الذي تتقبل العمل في ذمته كالخياط يتقبل خياطة الثوب والحايك يتقبل نساجة الغزل والصابغ يتقبل صباغة الحلي وأشباه ذلك فإذا التزم لواحد امكنه أن يلتزم لغيره مثل ذلك العمل أو غيره فكأنه مشترك بين الناس والمنفرد المختص هو الذي اجر نفسه مدة مقدرة لعمل فلا يمكنه ان يتقبل مثل ذلك العمل ولا غيره لغيره في تلك المدة وقيل المشترك هو الذي شاركه في الرأي فقال اعمل في اي موضع شئت والمنفرد هو الذي عين عليه العمل أو موضعه إذا عرفت هذا فالمال في يد الأجير كالثوب إذا استؤجر لخياطته أو صبغه أو قصارته والعبد إذا استؤجر لتعليمه أو ارضاعه والدابة إذا استؤجر لرياضتها إذا تلف في يد الأجير فلا يخلو إما ان يكون الأجير منفردا باليد بان يسلم المالك الثوب إلى الخياط ليخيطه في ملك الخياط وصاحبه ليس معه أو لا فإن كان منفردا باليد فاما ان يكون مشتركا أو مختصا فإن كان مشتركا فان تلفت العين في يده لا بسببه من غير تفريط ولا تعد لم يضمن وبه قال عطاء وطاوس وزفر واحمد وإسحاق لأنها عين مقبوضة بالإجارة فلم تكن مضمونة كالعين المستأجرة ولان خالد بن الحجاج سأل الصادق عليه السلام عن الملاح أحمله الطعام ثم اقبضه منه فينقص فقال إن كان مأمونا فلا تضمنه وعن أبي بصير قال سألته عن قصار دفعت إليه ثوبا فزعم أنه سرق من بين متاعه فقال فعليه ان يقيم البينة انه سرق من بين متاعه وليس عليه شئ وان سرق عليه متاعه فليس عليه شئ وعن الحلبي عن الصادق (ع) قال في الصابغ والقصار ما يسرق منهم من شئ فلم يخرج منه على أمر بين انه قد سرق وكل قليل أو كثير فهو ضامن وان فعل فليس عليه شئ وان لم يفعل ولم يقم البينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى عليه فقد ضمنه إلا أن يكون له على قوله البينة وعن رجل استأجر أجيرا فاقعده على متاعه فسرق قال هو مؤتمن وللشافعية في الأجير المشترك طريقان أصحهما عندهم ان فيه قولين أحدهما يضمن وبه قال مالك وان أبي ليلى واحمد في رواية لقوله (ع) على اليد ما أخذت
(٣١٨)