عليه إما من أحد أو من بيت المال أو من المستأجر واستأجر عليه لأنه أمر ثبت في ذمة الجمال وتعذر استيفاؤه منه لتعيينه فكان على الحاكم المنصوب لمصالح الاستيفاء من أمواله إن كانت وإن يقترض ان لم تكن لأنه من مصلحة المستأجر ولو اقترض الحاكم إما من المستأجر أو من غيره كان ذلك دينا في ذمة الجمال يستوفي منه مع حضوره وهل للحاكم تفويض الامر إلى المستأجر في الاكتراء ليكترى لنفسه عن الجمال الأقرب الجواز كغيره من الناس ومنع بعض الشافعية منه لأنه يكون وكيلا في حق نفسه كما لا يجوز ان يقبض لنفسه من نفسه والحكم في الأصل ممنوع وإن تعذر الاقتراض لعدم المقرض وعدم المال في بيت المال أو كان واحتيج إليه لأهم من ذلك أو لم يجد المستأجر حاكما أو وجد حاكما وتعذر عليه اثبات ذلك عنده كان للمستأجر فسخ العقد لأنه تعذر عليه قبض المعقود عليه فأشبه ما لو انقطع المسلم فيه عند محله وإن شاء أقام على الإجارة فان اختار الفسخ فسخ عليه وكانت الأجرة دينا له على الجمال وإن اختار المقام على العقد كان له فإذا عاد الجمال كان له مطالبته بظهر يركبه وإن كان العقد على مدة انقضت في هربه انفسخ العقد بذلك وإن كان العقد على بهيمة بعينها لم يكن للحاكم ان يكترى له غيرها لان الحق تعلق بعينها إلا أنه قد تعذر عليه استيفاء المنفعة فهو بالخيار ان شاء فسخ الإجارة ويكون له الأجرة فإن كانت في ماله اخذها الحاكم ودفعها وإن لم يكن موجودة دفع إليه بدلها من ماله فإن لم يظهر له مال فالأقرب ان للحاكم الاقتراض عليه ودفع مال القرض إلى المستأجر ومنعه بعض الشافعية وقال إن لم يظهر له مال لم يقترض الحاكم عليه لان الحق في ذمته وإذا استدان عليه كان الحق للمقرض في ذمته فلا فايدة في نقل الحق من واحد إلى واحد ويفارق المنفعة لأنها من غير جنس المقرض وقد تفوت بتأخيرها أيضا وليس بجيد لان المستأجر قد يحتاج إلى ماله والمقرض قد يستغني عنه فاقتضت الحكمة الاقراض عليه دفعا لحاجة المستأجر وإن لم يفسخ المستأجر العقد فإن كانت الإجارة متعلقة بمدة انفسخ العقد بمضيها وإن كانت مقدرة بالعمل فإذا عاد الجمال بجماله استوفاها ولو عاد بعد مضي بعض المدة انفسخ العقد فيما مضى ويتخير المستأجر فشئ وللشافعية في الباقي طريقان تقدما ولو هرب الجمال خاصة وترك الجمال عند المستأجر فان الجمال يحتاج إلى مؤنة ومن يقوم بما يحتاج إليه من خدمتها فيرفع المستأجر امره إلى الحاكم فان وجد له مالا أنفق منه وإن لم يجد له مالا غيرها استقرض من بيت المال أو من بعض الناس أو من المستأجر ان لم يكن فيها فضل عن الكراء وإن كان فيها فضل باعه وانفقه عليها وعلى من يتعهدها وإذا لم يجد من يقرضه سوى المستأجر فان قبضه منه وانفقه عليها جاز وان امره ان ينفقه بنفسه فكذلك يجوز عندنا وللشافعي قولان أحدهما كما قلناه لان إقامة امين في ذلك تشق ويتعذر لأنه يحتاج إلى الانفاق في طريقه فجوز له ذلك كما يجوز لمن كان له دين على من لا يصل إليه فإنه يجوز له ان يأخذ من ماله شيئا ويتولى بيعه لموضع الحاجة كذا هنا والثاني لا يجوز لأنه إذا كان أمينا في ذلك وجب قبول قوله في حق يجب له والأمين لا يقبل قوله فيما يستحقه وإنما يقبل قوله في اسقاط غرم عنه وكذا إذا اقرض من غيره هل يجعله أمينا عندنا يجوز وعند الشافعي قولان وإذا قلنا لا يرد ذلك إليه فرده إليه قال أصحاب الشافعي يكون متطوعا ولا يرجع به لأنه بمنزلة من ينفق بغير اذن الحاكم وإن قلنا يجوز ذلك وهو أظهر القولين فانفق وادعى نفقة نظرت فإن كان الحاكم قدر له النفقة قبل قوله فيما قدر له الحاكم ولم يقبل قوله فيما زاد على ذلك وإن لم يقدر الحاكم فان ادعى نفقة المعروف فالقول قوله مع يمينه ان أنكر ذلك الجمال وإن ادعى زيادة النفقة على المعروف لم يرجع بها لأنه متطوع بذلك واما ان أنفق بغير اذن الحاكم نظر فإن كان قد قدر على الحاكم لم يرجع بما أنفق لأنه متبرع وإن كان لم يقدر على الحاكم فان أنفق من غير ذكر (شرط) الرجوع والاشهاد لم يرجع أيضا لأنا لا نعلم أنه لم يتبرع ولا يقبل قوله في ايجاب الرجوع له على غيره وان اشهد على الانفاق بشرط الرجوع رجع لأنه موضع ضرورة فقام ذلك مقام الاذن له وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يرجع لأنه لم ينفق بإذن من له الاذن فلا يرجع به وليس بجيد لأدائه إلى اتلاف ماله ومال الغير وإن نوى الرجوع ولم يشهد فإن كان لتعذر الشهود فالوجه الرجوع لأنها حالة ضرورة وان تمكن من الاشهاد احتمل الرجوع أيضا لان ترك الجمال مع العلم بان لا بد لها من النفقة اذن في انفاق وعدمه لأنه يثبت لنفسه حقا على غيره ولو قدر على استيذان الحاكم وانفق من غير استيذانه واشهد في ذلك ففي رجوعه وجهان إذا عرفت هذا فإذا انقضت مدة الإجارة ورجع الجمال طولب بما عليه وسلمت الجمال إليه وإن لم يعد كان للحاكم ان يبيع منها بقدر ما حصل على صاحبها من الدين المقترض ويدفع الدين فان بقى منها شئ كان ذلك إلى رأى الحاكم ان رأى أن يبيعه ليحفظ ثمنه على صاحبه لأنه متى أبقاها اكلت؟ بعضها بعضا لأنه يحتاج إلى أن يبيع منها وينفق على الباقي فعل ذلك وان رأى تبقيتها ليعود صاحبها فعل وإذا مات الجمال فحكمه حكم بربه؟ ولا تنفسخ الإجارة عندنا بالموت وله ان يركبها ولا يسرف في علفها ولا يقصر ويرجع بذلك في مال المتوفى وإن لم يكن في يد المستأجر ما ينفق لم يجز له ان يبيع منها شيئا لان البيع إنما يجوز من المالك أو نائبه أو ممن له ولاية عليه تذنيب وعلى القول بالرجوع فيما لو أنفق بغير مراجعة الحاكم لتعذره أو لتعذر الاثبات عنده أو لغير ذلك فلو اختلفا فالقول قول الجمال لان انفاق المستأجر لم يستند إلى ايتمان من جهة الحاكم وفيه احتمال لان الشارع سلطه عليه وإذا انقضت مدة الإجارة ولم ترجع الجمال باع الحاكم منها ما يقضي بثمنه ما اقترض ويحفظ سايرها وان رأى بيعها لئلا تأكل نفسها فعل مسألة يجوز لولي الطفل اجارته وإجارة ما يرى من أمواله سواء كان أبا أو جدا للأب أو وصيا أو قيما من جهة الحاكم مع المصلحة له في ذلك لكن لا يجوز مدة بلوغه بالسن فلو اجره مدة يبلغ في أثنائها مثل إن كان له تسع سنين فيوجره عشر سنين بطل الزائدة على مدة البلوغ وفيما لا يزيد يتخير المستأجر بين الفسخ لتبعض الصفقة عليه وبين الامضاء بقدر نصيبه من مال الإجارة وللشافعية طريقان قال أكثرهم تبطل فيما زاد على مدة البلوغ وفيما لا يزيد قولا تفريق الصفقة وقطع بعضهم بالبطلان كما إذا اجر الراهن الرهن مدة يحل الدين قبل انقضائها ويجوز ان يوجره مدة لا يبلغ فيها بالسن وإن احتمل ان يبلغ فيها بالاحتلام لان الأصل دوام الصغر فلو اتفق الاحتلام في أثنائها فللشافعية وجهان أظهرها ان الإجارة تبقى وهو قول الشيخ في الخلاف لأنه كان وليا حين تصرف وقد بني تصرفه على المصلحة فتلزم كما لو زوجه ثم بلغ ولان الإجارة عقد لازم عقده من له عقده بحق الولاية فلم يبطل بالبلوغ كما لو باع داره والثاني ان الإجارة تنفسخ في الزايد وهو المعتمد عندنا الا ان يجير الصبي بعد البلوغ فيلزم لأنا بينا انه قد زاد على مدة ولايته وقد تصرف في منافع لا يملك التصرف فيها ولا ولاية له عليه (فيها) فأشبه ما إذا عقد عليه بعد البلوغ وقال بعض الشافعية ينظر فيما عقد عليه الأب من المدة فان تحقق انه يبلغ قبل انقضائها مثل ان يكون له أربع عشرة سنة فيوجره سنتين فإنه يبلغ بتمام خمس عشرة سنة فلا يصح العقد في إحديهما وهل يصح في الأخرى مبنى على تفريق الصفقة فإن كانت مدة لا يتحقق بلوغه فيها فلا يلزم الصبي بعقد الولي لان ذلك يؤدي إلى أن يعقد على منافعه طول عمره ولا يشبه هنا؟ النكاح فان النكاح لا يمكن تقدير مدة فيه وإنما يعقد للأبد وقال أبو حنيفة إذا بلغ الصبي ثبت له الخيار لأنه عقد على منافعه في حال لا يملك التصرف على نفسه فإذا ملكه ثبت له الخيار كالأمة إذا عتقت تحت عبد وقد اختلف عبارة الشافعية فتارة قالوا بالانفساخ وتارة تبين البطلان وعلى القول ببقاء الإجارة هل يثبت عندهم للصبي خيار الفسخ إذا بلغ أظهرهما لا كما لو زوج ابنته ثم بلغت لا خيار لها والثاني يثبت وبه قال أبو حنيفة لان التصرف كان لمصلحته وهو اعرف بمصلحته بعد البلوغ تذنيب لو اجر الولي مال المجنون فافاق في أثناء المدة فهو في معنى البلوغ بالاحتلام
(٣٢٧)