تذنيب اخر لو مات الولي المؤجر للصبي وماله أو عزل وانتقلت الولاية إلى غيره لم يبطل عقده لأنه تصرف وهو من أهل التصرف في محل ولايته فلم يبطل تصرفه بموته أو عزله كما لو مات ناظر الوقف أو عزل أو مات الحاكم بعد تصرفه فيما له النظر فيه ويفارق فيما لو اجر الموقوف عليه الوقف مدة ثم مات في أثنائها فإنه اجر ملك غيره بغير اذنه في مدة لا ولاية له فيها وهنا انما يثبت للوالي الثاني الولاية في التصرف فيما لم يتصرف فيه الأول وهذا العقد قد تصرف فيه الأول فلم يثبت للثاني ولاية على ما يتناوله مسألة العقود الناقلة المتجددة لا تبطل عقد الإجارة السابق عليها فلو اجر عبده مدة ثم أعتقه في أثنائها صح العتق ونفذ قولا واحدا لا نعلم فيه خلافا لان المغصوب والآبق لو اعتقهما نفذ فهذا أولي ولان الحيلولة لا تمنع العتق كالعبد المغصوب ولا تبطل الإجارة عند علمائنا وهو أصح قولي الشافعي لان السيد أزال ملكه عن المنافع مدة الإجارة قبل العتق فالاعتاق يتناول ما بقى ملكا له ولأنه اجر ملكه ثم طرأ ما يزيل الملك فأشبه ما إذا اجر ثم مات وقال بعض الشافعية ان الإجارة تنفسخ كما إذا مات البطن الأول والصحيح عندهم عدم الفسخ إذا ثبت هذا فان العقد يلزم العبد ولا خيار له بعد العتق في فسخه لان المؤجر تصرف في ملكه الخالص لنفسه فلا وجه للاعتراض عليه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان له الفسخ كما إذا أعتقت الأمة تحت الزوج الرقيق وليس بجيد لأن العقد وقع لازما فلا يملك ابطاله بالعتق بخلاف النكاح لتضمنه الاستمتاع التابع للشهوة إذا تقرر هذا فان العبد لا يرجع على السيد بأجرة باقي المدة بعد العتق لان السيد تصرف في منافعه تصرفا كان تملكه فإذا طرأت الحرية لم يملك الرجوع عليه كما لو كانت أمة فتزوجها واستقر مهرها بالدخول ثم أعتقها فان ما يستوفيه الزوج بعد العقد لا يرجع به على السيد هذا قول الشافعي في الجديد وهو أصح القولين عندهم وقال في القديم ان العبد يرجع بأجرة المثل على سيده عن مدة الحرية لان المنافع يستوفى منه قهرا بسبب كان من جهة السيد فيرجع بها عليه كما إذا كرهه على عمل والفرق ان المكره متعد بالاكراه وعلى القول بالقديم فان نفقة العبد في مدة الحرية على نفسه إذا اشترط على المستأجر لأنه مالك لمنفعته وعلى الثاني فوجهان أحدهما انها على السيد لإدامته الحبس عليه ولأنه كالباقي على ملكه من حيث إن منافعه له ولان نفقته ليست عليه لعدم قدرته على منافعه لأنه مشغول بالإجارة ولا على المستأجر لأنه لم يشرط عليه النفقة وقد استحق منفعته بعوض عن نفقته فلم يبق إلا المعتق وأشبههما عندهم انها في بيت المال وهو الذي يقتضيه مذهبنا لان ملك السيد قد زال عنه وهو عاجز عن تعهد نفسه مسألة قد بينا أن الإجارة قد تقع لازمة جميع المدة وان أعتق في أثنائها وهو أصح قولي الشافعية لأنه عقد لازم من جهة من ملك العقد فوجب ان لا يثبت الخيار للمعقود عليه كما لو زوج ابنه أو بنته ثم بلغا وقال أبو حنيفة يثبت للعبد الخيار كالأمة إذا أعتقت تحت زوج والفرق ان الأمة انما يثبت لها الخيار لأجل نقصه وكماله ولو ظهر للعبد عيب بعد العتق وفسخ المستأجر الإجارة فان قلنا إن العبد إذا أعتق يرجع على السيد بأجرة المثل فالمنافع هنا للعبد وان قلنا إنه لا يرجع فهل المنافع هنا للعبد أو للسيد فيه احتمال وللشافعية وجهان ولو اجر عبده ومات واعتقه الوارث في المدة ففي انفساخ الإجارة ما سبق من الخلاف لكن إذا قلنا بعدم الانفساخ فلا خلاف هنا في أنه لا يرجع على المعتق بشئ ولو اجر أم ولده ومات في المدة عتقت وفي بطلان الإجارة الخلاف المذكور فيما إذا اجر البطن الأول ومات وكذا الحكم في اجارة المعلق عتقه بصفة وإنما تجوز اجارته مدة لا يتحقق وجود الصفة فيها فإن تحقق فهو كإجارة الصبي مدة يتحقق بلوغه فيها وكتابة العبد المؤجر جايزة وللشافعية قولان أحدهما المنع لأنه لا يمكنه التصرف لنفسه وليس بجيد لامكان ان يأخذ من الصدقات أو يقترض ما يدفعه في مال الكتابة أو يسقط المولى عنه مالها أو يسقط المستأجر منافعه فعلى ما اخترناه من الجواز يجي ء الخلاف في (ان) الخيار للعبد في الرجوع على السيد مسألة إذا اجر عينا ثم باعها على المستأجر صح البيع اجماعا لأنه عقد بيع صادف ملكا فصح كغيره ولان الملك في الرقبة خالص له وعقد الإجارة إنما وردت على المنفعة فلا يمنع من بيع الرقبة كما أن تزويج الأمة لا يمنع من بيعها ولان التسليم غير متعذر لا يقال ألستم قلتم ان المبيع قبل القبض لا يجوز بيعه من البايع ولا من غيره فالا سويتم هنا بين المستأجر وغيره لأنا نقول هذا لا يلزمنا لأنا نقول بالتسوية بينهما على ما يأتي وانما يرد على الشافعي حيث فرق في أحد القولين والفرق عنده ان المانع من البيع ان العين لا تدخل في ضمان المشتري وذلك موجود في بيعها من البايع والمانع من الإجارة الحيلولة وذلك غير موجود إذا كان المشتري هو المستأجر إذا ثبت هذا فهل تبطل الإجارة أم لا الحق عندنا انها لا تبطل وهو أصح وجهي الشافعية لأنه ملك المنافع أولا بعقد الإجارة ملكا مستقرا فلا تبطل بما يطرأ من ملك الرقبة وإن كانت المنافع تتبعها لولا الملك الأول كما أنه إذا ملك ثمرة غير مؤبرة ثم اشترى الشجرة لا تبطل ملك الثمرة وإن كانت تدخل في الشراء لو لم يملكها أولا ولأنه ملك المنفعة بعقد وملك الرقبة مسلوبة المنفعة فلم يتنافيا كما تملك الثمرة بعقد ثم يملك الأصول وكذا إذا اجر الموصى له بالمنفعة لمالك الرقبة صح العقد فدل على أن ملك المنفعة لا ينافي ملك الرقبة وكذا لو استأجر المالك العين المستأجرة من مستأجرها جاز والثاني للشافعية ان الإجارة تبطل فيما بقى من المدة لان ملك الرقبة لما منع ابتداء الإجارة منع استدامتها الا ترى ان المالك لما منع ابتداء النكاح منع استدامته فإنه كما يجوز ان يزوج أمته كذلك لو اشترى زوجته انفسخ نكاحه والأصل فيه انه إذا ملك الرقبة حدثت المنافع على ملكه تابعة للرقبة وإذا كانت المنافع مملوكة له ثم عقد الإجارة عليها كما أنه لو كان مالكها في الابتداء لم يصح منه الاستيجار والفرق بين النكاح والمتنازع ان ملك الرقبة في النكاح يغلب ملك المنفعة الا ترى ان سيد الأمة إذا زوجها لا يجب عليه تسليمها وان قبض الصداق وفي الإجارة ملك المنفعة يغلب ملك الرقبة فان المؤجر إذا قبض الأجرة يجب عليه تسليم العين وأيضا فان المؤجر لم يكن مالكا للمنفعة حين باع فلا يصير المنافع ملكا للمشتري بالشراء والسيد مالك لمنفعة بضع الأمة للزوجة الا ترى انها لو وطئت بالشبهة يكون المهر له لا للزوج فإذا باع تبع منافع المملوكة له رقبتها وملكها الزوج بالشراء فانفسخ النكاح إذا ثبت هذا فان قلنا بانفساخ الإجارة فهل يرجع المستأجر على المؤجر بأجرة باقي المدة للشافعية قولان أحدهما لا يرجع قاله ابن الحداد لان الإجارة انفسخت بمعنى كان من جهته فأشبه المرأة إذا ارتدت ولان المنافع قايمة في يده ولأنه لو اشترى زوجته لا يسقط المهر وأصحهما عندهم انه يرجع لان الأجرة انما تستقر بسلامة المنفعة للمستأجر على موجب الإجارة فإذا انفسخت الإجارة سقطت الأجرة كساير أسباب الانفساخ ويخالف المهر فان استقراره لا يتوقف على سلامة المنفعة للزوج بدليل ما إذا ماتت والمرتدة أتلفت عليه المعقود عليه مع أن ما قالوه يبطل بما إذا تقابلا فإنه يرجع بالأجرة ولو فسخ المستأجر البيع بعيب لم يكن له الامساك بحكم الإجارة لأنها قد انفسخت بالشراء ولم يرجع بالأجرة لان الإجارة انفسخت وسقطت الأجرة الرد بالعيب قطع للمالك من حين الرد ولو تلفت العين لم يرجع على البايع بشئ لان الإجارة غير باقية عند التلف حتى يتأثر به على الوجه الأخر وهو ان الإجارة لا ينفسخ بالشراء ففي صورة فسخ البيع بالعيب له الامساك بحكم الإجارة ومن قال ينفسخ ويرجع بالأجرة فيرجع بها ولو فسخ عقد الإجارة رجع على البايع بأجرة بقية المدة وفي صورة التلف تنفسخ الإجارة بالتلف وحكمه ما تقدم ولو اجرها من رجل وباعها من اخر وقلنا يصح البيع ثم حدث بها عيب يفسخ المستأجر الإجارة رجعت المنفعة إلى صاحب الرقبة عند بعض الشافعية لان المنفعة تابعة للرقبة وإنما استحقت بعقد الإجارة فإذا زالت عادت إليه كما تقول في الأمة المؤجرة إذا طلقها الزوج وقال بعضهم ترجع المنفعة إلى البايع لان المشتري ملك العين مسلوبة المنفعة تلك المدة بالبيع فلا يرجع إليه ما لم يملكه ولان البايع تستحق عوضها على المستأجر فإذا سقط المعوض عاد العوض إليه مسألة لو باع المؤجر العين المستأجرة من غير المستأجر صح عند علمائنا
(٣٢٨)