سقط الحد ووجب التعزير لأنه الواجب في قذف العبيد لان المستحق أقر بسقوط الحد وان كذبه اللقيط وقال اني حر فالقول قوله لأنه محكوم بحريته فقوله موافق للظاهر وأوجبنا له القصاص على الحر بناء على الظاهر والأمور الشرعية منوطة بالظاهر فيثبت الحد كثبوت القصاص وهو أحد قولي الشيخ (ره) وقال في الآخر لا يحد بل يعزر لان الحكم بالحرية غير معلوم بل هو بالبناء على الظاهر وهو محتمل للنقيض فيحصل الاشتباه الموجب لسقوط الحد فان الحد يدرء بالشبهات بخلاف القصاص لو ادعى الجاني انه عبد لان القصاص ليس بحد وانما وجب حقنا للآدمي وأصح قولي الشافعية عندهم الأول لان الأصل الحرية فيحد القاذف الا ان يقيم بينة على الرق وهو قول المزني والثاني أصالة البراءة وتصديق قول القاذف لاحتمال ان يكون رقيقا فلا يقطع بثبوت حق في الذمة بأمر محتمل وقطع بعض الشافعية بالقول الأول لأنه محكوم بحريته بظاهر الدار وحمل القول الثاني على مجهول لم يعلم حريته بالدار مسألة: لو قطع حر طرفه وادعى رقه وادعى اللقيط الحرية اقتص من الجاني وصدق اللقيط للأصل وللشافعية طريقان أحدهما اجراء القولين تخريجا لقول المنع من القصاص مما ذكر في اللعان فان الشافعي قال فيه انه يحكم بقول القاذف انه رق لا بدعواه الحرية والاخر منصوص والثاني القطع بالوجوب وقد فرق القائلون بأمرين آ: بتصديق القاذف بان المقصود من الحد الزجر وفي التعزير الذي يعدل إليه من الحد ما يحصل بعض هذا الغرض والمقصود من القصاص التشفي والمقابلة وليس في المال المعدول إليه من الحد ما يحصل هذا الغرض وهو ممنوع لان بعض غرض التشفي يحصل بالاضرار له في اخذ ماله ب: ان التعزير الذي يعدل إليه متيقن لأنه بعض الحد فالعدول إليه عدول من ظاهر أو مشكوك إلى متيقن وإذا أسقطنا القصاص عدلنا إلى نصف الدية أو القيمة وذلك مشكوك فيه لان الحرية شرط وجوب الدية والرق شرط القيمة فكان ذلك عدولا من ظاهر أو مشكوك فيه إلى غير مشكوك فيه ولان حد القذف أقرب سقوطا بالشبهة من القصاص فلذلك افترقا مسألة: لو قذف اللقيط محصنا واعترف بأنه حر حد حد الأحرار عملا بمقتضى اقراره وان ادعى انه رقيق وصدقه المقذوف حد حد العبيد وان كذبه فالأقرب وجوب الثمانين عليه عملا بأصالة الحرية وللشافعي قولان في أنه يحد حد العبيد أو حد الأحرار وبنى أصحابه للأول على قبول اقراره مطلقا والثاني على أنه انما يقبل فيما يضره لا فيما ينفعه وهما على القولين فيما إذا ادعى قاذف على اللقيط رقه ان صدقناه صدقنا اللقيط هنا والا فلا ولبعضهم وجه اخر انه ان أقر لمعين قبل اقراره وحد حد العبيد وان لم يعين حد حد الأحرار إذا عرفت هذا فقد حصل للشافعية ثلاثة أوجه فيقال ان لم توجب الدية في قتله فالقصاص أولي وان أوجبناها في القصاص وجهان لسقوطه بالشبهة فثالث الوجوه وجوب الدية دون القصاص القسم الثاني: ان يدعي رق اللقيط ولا بينة ولنقدم عليه مقدمة وهي ان كل من ادعى رقية صغير في يده ولا يعلم حريته فان تسمع دعواه لامكانها إذا كانت غير اليد التي عرفنا استنادها إلى الالتقاط المنبوذ فإن كانت اليد هي يد اللقطة لم يحكم برقه وكان الحكم الأصل فيه الحرية وهو أصح قولي الشافعي ويحتاج الملتقط في دعوى الرقية إلى البينة لأصالة الحرية فلا يخالف بمجرد الدعوى والثاني للشافعي انه يقبل قول الملتقط ويحكم له بالرق كما في يد غير الالتقاط وكما لو التقط مالا وادعى انه لا منازع له فيه فإنه يقبل قوله ويصح شراؤه منه والفرق ظاهر فان اليد إذا كانت عن الالتقاط يعرف حدوثها لا بسبب الملك لما بينا من أصالة الحرية ولم تظهر يد تدل على خلافها واما يد غير اللقطة فإنها تقضي بالملكية لأن الظاهر أن من في يده شئ وهو متصرف فيه تصرف السادات في العبيد فإنه ملكه ولم يعرف حدوثها بسبب لا يقتضي الملك واما المال الملقوط فإنه يحكم للملتقط به إذا ادعى ملكيته لان المال في نفسه مملوك وليس في دعوى ملكيته اخراج له عن صفة المال واما اللقيط فإنه حر ظاهرا وفي دعواه تغيير هذه الصفة فافترقا فلا يجوز القياس وإن كانت اليد غير يد اللقطة حكم لصاحبها بالرق إذا أدعاه بناء على الظاهر الذي سبق ولا فرق بين ان يكون الصبي مميزا أو غير مميز ولا بين ان يكون مقرا أو منكرا إذ لا عبرة بكلام الصبي ولا باقراره ولا بانكاره وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه إن كان مميزا منكرا افتقر مدعي رقيته إلى بينة لان لكلامه حكما واعتبارا في الجملة قال بعض الشافعية الوجهان مبنيان على الوجهين في المولود إذا أدعاه اثنان ولا قائف هل يؤمر بالانتساب السن التمييز أم ينتظر إلى أن يبلغ وفي ان الخنثى المشكل هل يراجع بسن التمييز أم ينتظر إلى أن يبلغ ثم يحلف المدعي والحالة هذه لخطر شأن الحرية وهل التحليف واجب أو مستحب للشافعية قولان ويحكى الوجوب عن نص الشافعي مسألة: لو بلغ الصبي وقال انا حر (صغير) فإن كان المدعي الملتقط فالقول قوله مع اليمين لأصالة الحرية فيه وإن كان مدعي رقه غير الملتقط وهو صاحب يد وحكمنا له بالرقية أولا كان القول قول المدعي ولا يقبل قول الصغير الا ان يقيم بينة على الحرية لأنا قد حكمنا برقه في حال الصغر فلا يرفع ذلك الحكم الا بحجة لكن له تحليف المدعي وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه يقبل قوله الا ان يقيم مدعي الرق بينة على رقه لان الحكم بالرق انما جرى حين لا قول له ولا منازعة فإذا صار معتبر القول فلا بد من اقراره أو البينة عليه كما لو ادعى مدع رق بالغ وهما كالوجهين فيما إذا التحق صغيرا فبلغ وأنكر والوجهان في المسئلتين مبنيان على القولين فيمن حكم باسلامه بأحد أبويه أو بالسابي ثم بلغ واعرب بالكفر يجعل مرتدا أو كافرا أصليا ويقال انه الان صار من أهل القول فيرجع إلى قوله ولا ينظر إلى ما حكمنا به من قبل مسألة: لو ادعى رق اللقيط أو غيره من الصغار المجهولي النسب مدع ولا يد له عليه لم يقبل دعواه الا بالبينة لأن الظاهر الحرية فلا يترك الا بحجة إما لو ادعى نسبه فإنه يقبل وان لم يكن له عليه يد إذا لم يدعه أحد والفرق ان في دعوى النسب وقبولها مصلحة للطفل واثبات حق له وهنا في القبول اضرار به واثبات رقه عليه لأنه لا نسب له في الظاهر فليس في قبول قول المدعي ترك أمر ظاهر والحرية محكوم بها ظاهرا ولو كان له عليه يد فادعى رقيته فقد بينا انه يحكم له بها إذا لم يكن ملتقطا على الخلاف فان بلغ الصغير وأقر بالرق لغير صاحب اليد لم يقبل وان رأى صغيرا في يد انسان يأمره وينهاه ويستخدمه هل له ان يشهد بالملك للشافعية وجهان وقال بعضهم ان سمعه يقول هو عبدي أو سمع الناس يقولون إنه عبد شهد بالملك والا فلا ولو كانت صغيرة في يد انسان فادعى نكاحها فبلغت وأنكرت قبل قولها واحتاج المدعي إلى البينة ولا يحكم في الصغر بالنكاح وهو أصح وجهي الشافعية والفرق بينه وبين الملك ان اليد في الجملة دالة على الملك ويجوز ان تولد المولود وهو مملوك ولا يجوز ان تولد وهي منكوحة فالنكاح طاري بكل حال فافتقر إلى البينة والثاني لهم انه يحكم بالزوجية قبل البلوغ القسم الثالث ان يقيم مدعي رقه بينة إذا ادعى مدع رق الصغير الملقوط أو المجهول نسبه وأقام بينة فلا يخلو إما ان تشهد البينة باليد أو بالملك أو بالولادة فان شهدت بالملك أو اليد لم يقبل فيه الا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وان شهدت بالولادة قبلت شهادة المراة الواحدة أو الرجل الواحد لأنه مما لا يطلع عليه الرجال وحيث يحتاج مدعي الرق إلى البينة فالأقرب سماع الشهادة بالملك مطلقا أو الرق مطلقا والاكتفاء بهذه الشهادة في ثبوت الملك المطلق والرقية المطلقة كما لو شهدت البينة على الملك في دار أو دابة وشبههما فإنه يكفي الاطلاق كذا هنا وهو أحد قولي الشافعي واختاره المزني وذكره الشافعي في الدعاوي والبينات وفي القديم والثاني وهو الذي ذكره في كتاب اللقيط انه لا يكتفي بها لأنا لا نأمن ان
(٢٨٢)