اللقيط يلتحق بالكافر في النسب لا في الدين عندنا وعند احمد وللشافعي قولان أحدهما قال في باب اللقيط يلحق به فيه والثاني في الدعوى والبينات لا يلحق به فيه واختلف أصحابه في ذلك على طريقين قال أبو إسحاق ليست المسألة على قولين وانما هي على اختلاف حالين فالموضع الذي قال يلحق به في الدين أراد به إذا ثبت نسبه بالبينة والموضع الذي قال لا يلحق به في الدين أراد به إذا أثبت بدعواه وقال أبو علي من أصحابه انه يلحقه في الدين إذا أقام البينة بنسبه قولا واحدا وإذا ثبت نسبه بدعواه فقولان أحدهما لا يحلق به في الدين لأنه يجوز ان يكون ولده وهو مسلم باسلام أمة وإذا احتمل ذلك لم يبطل ظاهر الاسلام بالاحتمال وانما قبلنا اقراره فيما يضره في النسب دون ما يضر غيره فعلى قولنا انه لا يلحقه في الدين يفرق بينه وبينه إذا بلغ فان وصف الكفر لم يقر عليه وللشافعي قولان فان قلنا يلحق به في الدين كما هو مذهب الشافعي فإنه يحال أيضا بينه وبينه لئلا يعوده الكفر والتردد إلى البيع والكنايس الا إذا بلغ ووصف الكفر أقر عليه (عنده على هذا)؟ القول وجها واحدا مسألة: لو ادعى بنوة عبد صح دعوته بكسر الدال وهي ادعاء النسب وبضمها الطعام الذي يدعى إليه الناس وبفتحها مصدر دعاء وانما حكمنا بصحتها لان لمائه حرمة فلحقه نسب ولده كالحر فصحت دعوته إذا ادعى نسب لقيط نسبه فيلحقه سواء صدقه السيد أو كذبه غير أنه لا يثبت له حضانته لأنه مشغول بخدمة سيده ولا يجب عليه نفقته لان العبد فقير لا مال له ولا يجب على سيده لان اللقيط محكوم بحريته بظاهر الدار فتكون نفقته في بيت المال ويكون حكمه حكم من لم يثبت نسبه الا في ثبوت النسب خاصة وبه قال الشافعي ان صدقه السيد واما ان كذبه فله قولان أحدهما قال في باب اللقيط انه يلحقه به كما قلناه والثاني قال في الدعاوي ان العبد ليس أهلا للاستلحاق فحصل قولان أحدهما المنع لما فيه من الاضرار بالسيد بسبب انقطاع الميراث عنه لو أعتقه وأصحهما اللحوق لان العبد كالحر في أمر النسب لامكان العلوق منه بالنكاح وبوطئ الشبهة ولا اعتبار بما ذكر من الاضرار فان من استلحق ابنا وله أخ يقبل استلحاقه وان أضر بالأخ وعن ناصر الشريف العمري طريقتان للشافعية اخريان إحديهما القطع بالقول الأول والثانية القطع باللحوق إذا كان مأذونا في النكاح ومضى من الزمان ما يحتمل حصول الولد وتخصيص القولين بما إذا لم يكن مأذونا ويجري الخلاف فيما إذا أقر العبد باخ أو عم ولهم طريقة أخرى قاطعة بالمنع ههنا لان لظهور نسبه طريقا اخر وهو اقرار الأب والجد ويجرى الخلاف فيما إذا استلحق حر عبد غيره لما فيه من قطع الإرث المتوهم بالولاء وقال بعضهم بالقطع بثبوت النسب هنا وقال الحر من أهل الاستلحاق على الاطلاق ويجري الخلاف فيما إذا استلحق المعتق غيره والقول بالمنع هنا ابعد لاستقلاله بالنكاح والتسري وإذا جعلنا العبد من أهل الاستلحاق فلا يسلم اللقيط إليه كما تقدم لأنه لا يتفرغ لحضانته وتربيته مسألة: لو ادعت المراة مولودا فان أقامت بينة لحقها ولحق زوجها إن كانت ذات زوج وكان العلوق منه ممكنا ولا ينتفي عنه الا باللعان هذا ان قيدت البينة بأنها ولدته على فراشه ولو لم يتعرض للفراش ففي ثبوت نسبه من الزوج وجهان للشافعية وعندنا لا يثبت نسبه من الزوج الا إذا شهدت بأنها ولدته على فراشه ولو لم تقم المراة بينة واقتصرت على مجرد الدعوى قال بعض علمائنا يثبت نسبه ويلتحق بها كالأب وهو أحد أقوال الشافعي وهو رواية عن أحمد لأنها أحد الأبوين فصارت كالرجل بل أولي لان جهة اللحوق بالرجل النكاح والوطي بالشبهة والمراة تشارك الرجل فيه وتختص بجهة أخرى وهي الزنا والأظهر عندهم المنع وبه قال أبو حنيفة لأنها يمكنها إقامة البينة على الولادة فلا يقبل قولها فيه ولهذا لو علق الزوج طلاقها بولادتها فقالت قد ولدت لم يقع الطلاق حتى يقيم البينة وتفارق الرجل من حيث إنه يمكنها إقامة البينة على الولادة من طريق المشاهدة والرجل لا يمكنه فمست الحاجة إلى اثبات النسب من جهته بمجرد الدعوى ولأنها إذا أقرت بالنسب فكأنها تقر بحق عليها وعلى غيرها ولأنها فراش الزوج وقد بطل اقرارها في حق الزوج فيبطل الجميع لان الاقرار الواحد إذا بطل بعضه بطل كله وفيه نظر لان من أقر على نفسه وغيره بمال يلزمه في حق نفسه وان لم يقبل في حق الغير والقول الثالث انها إن كانت ذات زوج لم يقبل اقرارها لتعذر الالحاق بها دون الزوج وتعذر قبول قولها على الزوج وعن أحمد روايتان كالوجه الأول والثالث وإذا قبلنا استلحاقها ولها زوج ففي اللحوق به عند الشافعية وجهان أحدهما اللحوق كما إذا قامت البينة وأصحهما عندهم المنع لاحتمال انها ولدته من وطي شبهة أو زوج آخر فصار كما لو استلحق الرجل ولدا وله زوجة فإنه لا يلحقها واستلحاق الأمة كاستلحاق الحرة عند من يجوز استلحاق العبد فان قبلناه فهل يحكم برق الولد لمولاها للشافعية وجهان النظر الثاني: فيما إذا تعدد المدعي مسألة: لو ادعى بنوته اثنان فإن كان أحدهما الملتقط فإن لم يكن قد حكم بنسب اللقيط للملتقط فقد استويا في الدعوى فالحكم فيه كما لو كانا أجنبيين وسيأتي وإن كان قد حكم بنسب اللقيط للملتقط بدعواه ثم أدعاه أجنبي فان أقام بينة كان أولي لان البينة أقوى من الدعوى ولو أقام كل منهما بينة تعارضت البينتان والشافعي وان حكم في الملك الذي اليد عند تعارض البينتين ونحن وأبو حنيفة وان حكمنا للخارج فهنا لا ترجيح باليد ولا تقدم بينة الملتقط باليد ولا بينة الأجنبي بخروجه لان اليد لا تثبت على الانسان وانما تثبت على الاملاك ولهذا يحصل الملك باليد كما في الاصطياد والاغتنام والنسب لا يحصل باليد بل يحكم بالقرعة وان لم يكن هناك بينة لأحدهما واستلحقاه معا فعندنا يحكم بالقرعة إذ لا مرجح هنا لان اليد قد قلنا إنها لا تدل على النسب فعندنا أيضا يقرع بينهما وعند الشافعي واحمد انه يعرض على القافة وهو قول انس وعطاء وزيد بن عبد الملك والأوزاعي والليث بن سعد كأن عايشة روت ان النبي صلى الله عليه وآله دخل عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال ألم ترى ان محرزا نظرا آنفا إلى زيد وأسامة وقد غطيا رؤسهما وبدت اقدامهما فقال إن هذه الاقدام بعضها من بعض فلولا جواز الاعتماد على القافة لما سر به النبي صلى الله عليه وآله ولا اعتمد عليه ولان عمر بن الخطاب قضى به والطريق عندنا ضعيف لا يعتمد عليه مع أنهم قد رووا عن النبي صلى الله عليه وآله توله؟ في ولد الملاعنة انظروها فان جاءت به حمش الساقين كأنه وحرة فلا أداه الا وقد كذب عليها وان جاءت به اكحل جعدا جميلا سابغ الأليتين مدبح الساقين فهو للذي رميت به فاتت به على النعت المكروه فقال النبي صلى الله عليه وآله لولا الايمان لكان لي ولها شأن وهو يدل على أنه لم يمنعه من العمل بالشبه به الا الايمان فكان العمل بالشبه منافيا للايمان فكان مردودا والسرور الذي وجده النبي صلى الله عليه وآله ان ثبت فلانه طابق قوله وحكمه عليه السلام في أن زيدا ولد أسامة لا ما يستدلون به من العرض على القافة إذا عرفت هذا فالقافة قوم يعرفون الانسان بالشبه ولا يختص ذلك بقبيلة معينة بل من عرف منه المعرفة بذلك وتكررت منه الإصابة فهو قايف وقيل أكثر ما يكون هذا في بني مدلج رهط (مجرز المدلجي الذي رأى أسامة وأباه زيدا قد غطيا رؤسهما وبدت اقدامهما فقال إن هذه الاقدام بعضها من بعض وكان اياس بن معاوية قايفا ولذلك قيل في شريح لا يقبل قول القايف الا ان يكون ذكرا عدلا مجربا في الإصابة حرا لان قوله حكم والحكم يعتبر فيه هذه الشروط قال بعض العامة ويعتبر معرفة القايف بالتجربة وهو ان يترك الصبي مع عشرة من الرجال غير من يدعيه ويرى إياهم فان الحقه بواحد منهم سقط قوله لأنا نتبين خطاءه وان لم يلحقه بواحد منهم أريناه إياه مع عشرين فيهم مدعيه فان الحقه لحق عند العامة ولو اعتبر بان يرى صبيا معروف النسب مع قوم فيهم أبوه أو اخوه فإذا الحقه بقريبه علمت اصابته وان الحقه بغيره سقط قوله جاز وهذه التجربة عند عرصه على القايف للاحتياط في معرفة اصابته
(٢٧٨)