ان يظهر نسبه بالقافة عند الشافعية أو بالبينة ولو انتسب إلى غير المدعيين وادعاه ذلك الغير ثبت نسبه منه وبه قال الشافعية ولهم وجه اخر انه إن كان الرجوع إلى انتساب بسبب الحاق القايف بهما جميعا لم يقبل انتسابه إلى غيرهما ولو انتسب إلى أحدهما لفقد القايف ثم وجد القايف قال الشافعي يعرض عليه فان الحقه بالثاني قدمنا قوله على الانتساب لأنه حجة أو حكم وقال بعضهم يقدم الانتساب على قول القايف وعلى هذا فمهما الحقه القايف بأحدهما فللآخر ان ينازعه ويقول ننتظر حتى يبلغ فينتسب وهذا كله عندنا باطل إذ لا عبرة بقول القايف في مذهبنا لو خلا عن المعارض فكيف إذا عارضه التصديق وعلى قول الشافعي لو الحقه القايف بأحدهما ثم أقام الآخر البينة قدمت البينة على قول القايف لان البينة حجة يعتمد عليها في كل خصومة وقول القايف مستنده حدس وتخمين وقال بعض الشافعية لا ننقض ما حكمنا به ولا نعمل بالبينة مسألة: لو ادعت المراة بنوته ففي الحاقها بالرجل في ثبوت النسب بمجرد الدعوى من غير تصديق ولا بينة إذا لم يكن معارض قولان لعلمائنا سبقا فان قلنا بمساواتها للرجل لو ادعت امرأتان بنوته وأقامتا بينتين أو لم يكن هناك بينة فالقرعة عندنا كالرجلين للشافعية في عرضه على القافة وجهان أحدهما المنع لان معرفة الأمومة يقينا بمشاهدة الولادة ممكنة وأصحهما انه يعرض لان قول القايف حجة أو حكم فكان كالبينة وعلى هذا يبتني تجربة القايف وامتحانه وإذا الحقه القايف باحديهما وهي ذات زوج لحق زوجها أيضا عند الشافعية كما لو قامت البينة ولهم وجه اخر انه لا يلحقه وهو المعتمد لان قول القايف لا يصلح للالحاق بالمنكر فان القائف لا يلحق المنبوذ بمن لا يدعيه ولا فرق بين ان يكون إحدى الامرأتين مسلمة والاخرى كافرة أو كانتا كافرتين وروى عن أحمد في يهودية ومسلمة ولدتا فادعت اليهودية ولد المسلمة فتوقف فقيل ترى القافة فقال ما أحسنه ولان الشبه يوجد بينها وبين ابنها كما يوجد بين الرجل وابنه بل أكثر لاختصاصها بجملة وتعذيبة والكافرة والمسلمة والحرة والأمة في التشابه سواء وقد عرفت بطلان القول بالقافة عندنا ولو ألحقته القافة بأمين لم يلحق بهما اجماعا عندنا وعند القائلين بالقافة لأنه يعلم خطأه يقينا وقال أصحاب الرأي يلحق بهما بمجرد الدعوى لان الام أحد الأبوين فجاز ان يلحق بأمين كالاباء وهذا غلط لأنا نعلم يقينا استحالة كونه منهما فلم يجز الحاقه بهما كما لو كان أكبر منهما أو مثلهما وفرق الشافعية بين الأمين والأبوين لأنه يجوز اجتماع نطفتي الرجل في رحم امرأة ويمكن ان يخلق منهما ولد كما يخلق من نطفة الرجل وامرأة ولذلك قال القائف لعمر قد اشتركا فيه ولا يلزم من الحاقه بمن يتصور كونه منه الحاقه بمن يستحيل تكونه منه كما لم يلزم من الحاقه بمن يولد مثله من مثله الحاقه بأصغر منه مسألة: ولو ادعى نسبه رجل وامرأة الحق بهما لأنه لا تنافي بينهما لامكان ان يكون بينهما نكاح أو وطئ شبهة فيلحق بهما جميعا فيكون ابنهما بمجرد دعواهما كما لو انفرد كل واحد منهما بالدعوى ولو قال الرجل هذا ابني من زوجتي وادعت زوجته ذلك وادعت امرأة أخرى انه ابنها فهو ابن الرجل وهل ترجح زوجته على الأخرى الأقرب ذلك لان زوجها أبوه فالظاهر أنها امه ولأنها ادعت وحصل لدعواها قرينة تصديق الرجل إياها بخلاف الأخرى فإنه حصل لدعواها معارضه تكذيب الأب لها ويحتمل تساويهما لان كل واحدة منهما لو انفردت لالتحق بها فإذا اجتمعتا تساويا ولو ادعت المراة الأخرى انه ابنها من زوجها وادعى الرجل غير الزوج انه ابنه من زوجته غير المدعية أولا وصدق الزوج المراة المدعية والزوجة الرجل المدعي تعارضت الدعاوى وتساوى المتنازعان مسألة: إذا ادعى بنوته اثنان واحدهما عبد تساويا في الدعوى وبكون الحكم القرعة كالحرين وبه قال احمد والشافعي على تقدير قبول استلحاق العبد الا انهما يعرضانه على القافة لان كل واحد منهما لو انفرد صحت دعوته فإذا تنازعوا تساووا في الدعوى كالأحرار المسلمين وان قلنا لا يقبل استلحاق العبد كما ذهب إليه الشافعي في القول الآخر فان الحر يكون أولي من العبد وقال أبو حنيفة الحر أولي من العبد لان على اللقيط ضررا في الحاقه بالعبد فكان الحاقه بالحر أولي كما لو تنازعا في الحضانة ونمنع الضرر لأنا لم نحكم برقه والنسب لا يشبه الحضانة لأنا نقدم في الحضانة الموسر والحضري ولا نقدمهما في دعوى النسب مسألة: ولو كان أحد المدعيين مسلما والاخر كافرا تساويا أيضا وحكم بالقرعة عندنا وبالعرض على القافة عند الشافعي واحمد لاستوائهما في الاستلحاق وجهات النسب وقال أبو حنيفة المسلم أولي من الذمي لما تقدم من لحوق الضرر باللقيط لو ألحقناه بالذمي وهو ممنوع لما تقدم من انا لا نحكم بكفر اللقيط وان ألحقناه به في النسب وكذا لو كان أحدهما حرا مسلما والاخر عبدا كافرا فإنهما يتساويان عندنا وعند الشافعي واحمد ويقدم المسلم الحر عند أبي حنيفة ولو كان أحدهما مسلما عبدا والاخر حرا كافرا تساويا عندنا ويتأتى على قول أبي حنيفة ذلك أيضا لما في كل واحد منهما من صفات الأرجحية (الراجحية) والمرجوحية مسألة: لو اختص أحد المتداعيين باليد فإن كان صاحب اليد هو الملتقط لم يقدم لان اليد لا تدل على النسب نعم لو استحلقه الملتقط أولا وحكمنا بالنسب ثم أدعاه اخر فالأقوى تقديم الملتقط لأنا أثبتنا نسبه قبل معارضة المدعي وقال الشافعي يعرض مع الثاني على القايف فان نفاه عنه فهو للثاني وان الحقه به أيضا فقد تعذر العمل بقول القايف فيوقف وأم كان صاحب اليد غير الملتقط فقد حكى الجويني عنه انه كان قد استلحقه حكم بالنسب له ثم إن جاء آخر وادعى نسبه لم يلتفت إليه لثبوت النسب من الأول معتضدا باليد وتصرف الآباء في الأولاد وان لم يسمع استلحاقه الا بعد ما جاء الثاني واستلحقه ففيه وجهان أحدهما تقديم صاحب اليد كما يقدم استلحاقه وأشبههما عندهم التساوي لان الغالب من حال الأب ان يذكر نسب ولده ويشهره فإذا لم يفعل صارت يده كيد الملتقط في أنها لا تدل على النسب مسألة: لو تداعياه اثنان فأقام كل واحد منهما بينة وتعارضتا أقرع بينهما عندنا وقد تقدم دليله وللشافعي في تعارض البينتين في الاملاك قولان أحدهما التساقط فعلى تقديره يتساقطان هنا وأيضا ويرجع إلى قول القائف أو لا يتساقطان ويرجح أحدهما بقول القائف والثاني انهما يستعملان إما بالتوقف أو بالقسمة أو بالقرعة على ثلاثة أقوال معروفة بينهم والتوقف لا يمكن هنا لما فيه من الاضرار بالطفل ولا القسمة إذ لا مجال لها في النسب واما القرعة ففيه وجهان أحدهما انها تجري هنا فيقرع ويقدم من خرجت قرعته والثاني المنع لان القرعة لا يثبت في النسب ولا يعمل به ولو اختص أحدهما باليد لم يرجح بينته باليد بخلاف الاملاك حيث تقدم فيها بينة ذمي اليد لان اليد تدل على الملك وقال بعض الشافعية لو أقام أحدهما البينة على أنه في يده منذ سنة والثاني على أنه في يده منذ شهر وتنازعا في نسبة فالتي هي أسبق تاريخا أولي وصاحبها مقدم وهو باطل لان ثبوت اليد لا يقتضي ثبوت النسب ولو فرض تعرض البينتين لنفس النسب فلا مجال فيه للتقدم والتأخر وان شهدا على الاستلحاق فيبنى على أن الاستلحاق من شخص هل يمنع غيره من الاستلحاق بعده فروع: آ لو الحقه القايف بأحدهما ثم الحقه بالثاني لم ينتقل إليه فان الاجتهاد لا ينتقض بمثله ب: لو وصف أحد المتداعيين خالا أو اثر جراحة في ظهر أو بعض أعضائه الباطنة وأصاب لا يقدم جانبه وبه قال الشافعي كما لو وصف أحدهما في الملك المتنازع بينهما وصفا خفيا لم يقدم باعتبار ذلك كذا هنا وقال أبو حنيفة يقدم ويثبت النسب للواصف وليس بشئ ج: لو تداعياه ثم رجع أحدهما الحق بالآخر عملا بالمقتضى وهي الدعوى السالمة عن معارضة الدعوى الأخرى
(٢٨٠)