يكون قد اعتمد الشاهد على ظاهر اليد ويكون اليد يد التقاط وإذا احتمل ذلك واللقيط محكوم بحريته بظاهر الدار فلا يزال ذلك الظاهر الا عن تحقيق ويخالف ساير الأموال لان أمر الرق خطير وليس بجيد لان قيام البينة على مطلق الملك ليس بأقل من دعوى غير الملتقط رقية الصغير في يده فإذا اكتفينا به جاز ان يكتفى بالبينة على الملك المطلق وللشافعية قول ثالث انه لا يقبل من الملتقط البينة على الملك المطلق أو الرقية المطلقة ويقبل من غيره لسقوط الخيال الذي قيل في الملتقط من جواز استناد البينة إلى يد اللقطة مسألة: ولو شهدت البينة باليد عقيب ادعائه الرقية فإن كانت يد الملتقط لم يثبت بها ملكه لأنا عرفنا سبب يده ولانا لو شاهدناه تحت يده وهو ملتقط وادعى رقيته لم يثبت فكيف إذا شهد له بيد الالتقاط إما لو كانت يد أجنبي فإنه يحكم له باليد والقول قوله مع يمينه في الملك وان شهدت له البينة بالولادة فان شهدت له ان مملوكته ولدته أو انه ابن مملوكته فان ضمت إلى ذلك انها ولدته مملوكا له أو انها ولدته في ملكه حكم له بالملك قطعا وان اقتصرت البينة على أن مملوكته ولدته أو انه ابن مملوكته ولم يضم إليه شيئا فالأقرب الاكتفاء بذلك إذ الغرض بذلك العلم بان شهادتهم لم تستند إلى ظاهر اليد وقد حصل هذا الغرض ولان الغالب ان ولد أمته ملكه وهو أظهر قولي الشافعي والثاني عدم الاكتفاء لأنه قد يكون ابن مملوكته ولا يكون مملوكا له كما لو اشترى جارية كانت قد ولدت في ملك غيره أولادا له له أو ولدت في ملكه ولدا يكون ملكا لغيره إما بان يشترطه مولى الأب أو لم يكن مولاه قد اذن له في النكاح وقد تلد حرا بالشبهة والغرور وقد يكون الولد مملوكا لغيره بالوصية بان يوصي لزيد بما تلد أمته ثم مات فالمملوكة للورثة والولد للموصي له وهو كثير النظاير مسألة: إذا لم يكتف بالبينة المطلقة فلابد للمشهود من تعرضهم لسبب الملك من الإرث أو الشراء أو الاتهاب ونحوه فلو شهدت البينة بان أمته ولدته في ملكه فالأقرب على هذا القول عدم الاكتفاء لأنه قد تلد أمته في ملكه حرا أو مملوكا للغير على ما تقدم وهو أظهر قولي الشافعي والثاني الاكتفاء بهذا هذا على تقدير عود قوله في ملكه إلى المولود لا إلى الولادة ولا إلى الوالدة وحينئذ فلا فرق بينه وبين قوله ولدته مملوكا له ويكون قوله في ملكه بمثابة قول القايل ولدته في مشيمته وعلى القولين يقبل هذه الشهادة من رجل وامرأتين لان الغرض اثبات الملك ولو اكتفينا بالشهادة على أنه ولدته أمته فيقبل فيه أربع نساء أيضا لأنها؟ شهادة على الولادة ثم يثبت الملك في ضمنها كما يثبت النسب في ضمن الشهادة على الولادة وذكر الملك لا يمنع من ثبوت الولادة ثم يثبت الملك ضمنا لا بتصريحهن مسألة: قد بينا انه لو شهدت البينة المدعي الرق باليد فإن كان المدعي الملتقط لم يحكم له وإن كان غيره حكم وللشافعي في الحكم للغير قولان ولو أقام الغير المدعي البينة على أنه كان في يده قبل ان التقطه الملتقط قبلت بينة وثبتت يده ثم يصدق في دعوى الرق لان صاحب اليد على الصغير إذا لم يعرف ان يده عن التقاط يصدق في دعوى الرق ولو أقام الملتقط بينة على أنه كان في يده قبل ان التقط فالأقوى الحكم له بدعوى الرقية له لما تقدم وانضمام الالتقاط لا ينافي دعواه ولا ينافي يده أولا وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني انه لا تسمع دعوى الملتقط في رقه ولا بينته حتى يقيم البينة على سبب الملك لأنه إذا اعترف بأنه التقطه فكأنه أقر بالحرية ظاهرا فلا تزال الا عن تحقيق وليس بشئ القسم الرابع: ان يقر اللقيط على نفسه بالرق وانما نحكم عليه باقراره لو كان بالغا عاقلا فإذا أقر اللقيط أو غيره من البالغين العقلاء الذين لا تعرف حريتهم ولا ادعاها أحدهم أولا انه مملوك حكم عليه بمقتضى اقراره لقوله عليه السلم اقرار العقلاء على أنفسهم جايز فان كذبه المقر له لم يثبت الرق عند الشيخ وبه قال الشافعي ويحتمل ثبوت الرقية المجهولة المالك فان عاد المقر له فصدقه لم يلتفت إليه عند الشيخ والشافعي لأنه لما كذبه ثبتت حريته بالأصل فلا يعود رقيقا والملازمة الأولى ممنوعة لما بيناه من ثبوت الرقية المطلقة فمن ادعاها حكم له بها إذ لا فرق بين العبد والمال في ذلك هذا إذا لم يسبق من اللقيط ما ينافي اقراره وللشافعي قول اخر انه لا يقبل اقراره وان صدقه المقر له لأنه محكوم بحريته بالدار فلا ينقض كما أن المحكوم باسلامه بظاهر الدار إذا اعرب بالكفر لا ينقض ما حكم به في قول بل يجعل مرتدا وليس بشئ لان الحكم بحريته انما هو ظاهر وظاهر اقراره أقوي من ظاهرية الدار لأنه كالبينة بل أقوى وانما لم يحكم بالكفر إذا اعرب به احتفاظا (احتياطا للدين) بالدين مسألة: لو أقر اللقيط بعد بلوغه ورشده بأنه حر ثم أقر بالعبودية لم يقبل لأنه بالاقرار الأول التزم احكام الأحرار في العبادات وغيرها فلم يملك اسقاطها ولان الحكم بالحرية بظاهر الدار قد تأكد باعرابه عن نفسه فلا يقبل منه ما يناقضه كما لو بلغ واعرب عن نفسه بالاسلام ثم وصف الكفر لا يقبل ويجعل مرتدا ولأنه اعترف بالحرية وهي حق لله تعالى فلا يقبل رجوعه في ابطالها وبه قال الشافعي واحمد وقطع بعض الشافعية بالقبول تشبيها بما إذا أنكرت المراة الرجعة ثم أقرت ولأنه لو قال هذا ملكي ثم أقر به لغيره يقبل مسألة: إذا ادعى رجل رقية اللقيط بعد بلوغه كلف اجابته فان أنكر ولا بينة للمدعي لم يقبل دعواه وكان القول قول اللقيط مع يمينه وإن كان له بينة حكم بها فإن لم يكذبه بل صدق اللقيط المدعي لرقه حكم عليه بمقتضى اقراره على ما تقدم وبه قال أصحاب الرأي لأنه مجهول الحال أقر بالرق فقبل كما لو تقدم رجلان من دار الحرب فاقر أحدهما للاخر بالرق وكما لو أقر بقصاص أو حد فإنه يقبل وان تضمن ذلك فوات نفسه وقال ابن المنذر وأبو القاسم والشافعي في أحد الوجهين واحمد لا يقبل اقراره لأنه مبطل به حق الله تعالى في الحرية المحكوم بها فلم يصح كما لو كان قد أقر قبل ذلك بالحرية ولأنه حال الطفولية لا يعلم رقه ولم يتجدد له رق بعد التقاطه فكان اقراره بالرقية باطلا وقد سبق الجواب مسألة: لو أقر بعد بلوغه ورشده بالرق لزيد فكذبه زيد فاقر لعمرو حكم عليه بالرقية لعمرو كما لو أقر بمال لزيد فكذبه زيد فاقر لعمرو به ولان احتمال الصدق في الثاني قايم فوجب قبوله وهو قول بعض الشافعية والمنصوص لهم عن الشافعي المنع لان اقراره الأول تضمن الملك لغيره فإذا رد المقر له خرج عن كونه مملوكا له أيضا فصار حرا بالأصل والحرية مظنة حقوق الله تعالى والعبادة فلا سبيل إلى ابطالها بالاقرار الثاني وليس بجيد لان اقراره الأول تضمن الشيئين الرقية المطلقة واسنادها إلى زيد ولا يلزم من ابطال الثاني ابطال الأول وإذا حكم عليه بالرقية المطلقة قبل اضافتها إلى عمرو كما يقول في المال فان ما ذكره بعينه آت فيه ولا مخلص الا ما قلناه مسألة: إذا بلغ اللقيط رشيدا ووجد منه بعد تصرفات يستدعي نفوذها الحرية كالبيع والنكاح وغيرهما ثم أقر على نفسه بأنه رق فان قامت البينة برقه نقضت تصرفاته لأنه قد ظهر فسادها حيث تصرف بغير اذن سيده وان لم يكن بينة لكن أقر فإن كان قد اعترف قبل الاقرار بالرقية بأنه حر لم يقبل اقراره بالرقية وقالت الشافعية ان قلنا إنه لا يقبل اقراره بالرقية لو لم يدع الحرية أولا فاقراره بالرق هنا لاغ مطرح بل هو أولي بالابطال نعم لو نكح ثم أقر بالرق فاقراره اعتراف بأنها محرمة عليه فلا يمكن القول بحلها وان قلنا بالقبول هناك ولا اقرار قبله ولا تصرف فقولان الا انه لو ثبت الرق بالبينة والحالة هذه نقضت التصرفات المبينة على الحرية وتجعل صادرة من عبد لم يأذن له السيد ويسترد ما دفع إليه من الزكاة والميراث وما أنفق عليه من بيت المال ويباع رقيته فيها وان لم تكن بينة بل اقرار لا غير الزم بما لزمه قبل اقراره وفي الزامه بالرق للشافعي قولان ولأصحابه فيما ذكره طريقان أحدهما ان في قبول أصل الاقرار قولين عدم القبول لأنه محكوم بحريته بظاهر الدار وثبوته لان ذلك الحكم كان بناء على الظاهر فيجوز ان يغير بالاقرار كما أن من حكم باسلامه
(٢٨٣)