صاحبه فإن كان صاحبه قد تركه من جهد في كلاء وماء فكذلك لا يجوز اخذه وإن كان قد تركه في غير كلاء ولا ماء فهو لواجده لأنه كالتالف ويملكه الاخذ ولا ضمان عليه لصاحبه لأنه يكون كالمبيع له وكذا حكم الدابة والبقرة والحمار إذا ترك من جهد في غير كلاء ولا ماء لما رواه السكوني عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (ع) قضى في رجل ترك دابته من جهد قال إن تركها في كلاء وماء وامن فهي له يأخذها حيث أصابها وإن كان تركها في خوف وعلى غير ماء ولا كلاء فهي لمن أصابها وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قال من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلت وقامت وسيبها صاحبها لما لم يتبعه فاخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقة حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها وانما هي مثل الشئ المباح وعن مسمع عن الصادق (ع) قال إن أمير المؤمنين (ع) كان يقول في الدابة إذا سرحها أهلها أو عجزوا عن علفها أو نفقتها فهي للذي أحياها قال وقضى أمير المؤمنين (ع) في رجل ترك دابته فقال إن كان تركها في كلاء وماء وامن فهي له يأخذها متى شاء وان تركها في غير كلاء وماء فهي للذي أحياها مسألة لو اخذ البعير وشبهه في موضع المنع من اخذه بان كان في كلاء وماء أو كان صحيحا كان ضامنا لأنه متعد بالأخذ لأنه اخذ ملك غيره بغير اذنه ولا اذن الشارع فهو كالغاصب ولا يبرء لو تركه في مكانه أو رده إليه بل انما يبرء بالرد إلى صاحبه مع القدرة فان فقده سلمه إلى الحاكم لأنه منصوب للمصالح وبه قال الشافعي واحمد لان ما لزمه ضمانه لا يزول عنه الا برده إلى صاحبه أو نايبه كالمسروق والمغصوب وقال أبو حنيفة ومالك يبرأ لان عمر قال أرسله في الموضع الذي أصبته فيه وجرير طرد البقرة التي لحقت ببقرة وقول عمر لا حجة فيه ولا جرير أيضا مع أنه لم يأخذ البقرة ولا اخذها راعيه انما لحقت بالبقر فطردها عنها فأشبه ما لو دخلت داره فاخرجها على هذا متى لم يثبت يده عليها ويأخذها لم يلزمه ضمانها وان طردها على اشكال مسألة: لو وجد شاة في الفلاة أو في مهلكة كان له اخذها عند علمائنا وهو قول أكثر أهل العلم قال ابن عبد البر اجمعوا على أن ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له اكلها والأصل فيه ما رواه العامة والخاصة حين سئل عن ضالة الغنم قال خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب وكذا الحيوان الذي لا يمتنع عن صغار السباع مثل الثعلب وابن آوى والذئب وولد الأسد ونحوها فان صغار الغنم كفصلان الإبل وعجول البقر وصغار الخيل والدجاج والإوز ونحوها فان ذلك كله يجوز التقاطه في الفلوات والمواضع المهلكة وعن أحمد رواية أخرى انه لا يجوز لغير الامام التقاط الشاة وصغار النعم وقال الليث بن سعد لا أحب ان يقربها الا ان يحرزها لصاحبها لقول النبي صلى الله عليه وآله لا يأوي الضالة الا ضال ولأنه حيوان فأشبه الإبل في المنع وحديثهم عام فيحمل على ما يمتنع من الحيوان لكبره أو لسرعة عدوه أو طيرانه جمعا بين العام والخاص والقياس على الإبل لا يصح لأنه (ع) منع من التقاطها بان معها حذاها وسقاها وهذا معنى مفقود في الغنم فلا يتم القياس وأيضا ان النبي (ع) فرق بينهما في خبر واحد فلا يجوز الجمع بين ما فرق الشارع ولا قياس ما أمر بالتقاطه على ما منع ذلك فيه مسألة: وهذا الحكم في الشاة وغيرها من صغار الانعام التي لا يمتنع من صغار السباع انما يثبت لو وجدها في الصحراء أو في موضع مهلكة إما لو وجدها في العمران فإنه لا يجوز له التقاطها بحال وفرق بين ما يمتنع بكبره أو سرعة عدوه أو طيرانه وبين ما لا يمتنع كالشاة وشبهها في تحريم الاخذ من العمران وبه قال مالك وأبو عبيد وابن المنذر لأنه المفهوم من قوله صلى الله عليه وآله هي لك أو لأخيك أو للذئب والذئب لا يكون في المصر ولعموم قوله (ع) الضوال لا يأكلها الا الضالون ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الشاة الضالة بالفلاة فقال للسائل هي لك أو لأخيك أو للذئب قال وما أحب ان أمسها وإذا كان في موضع المخافة والهلاك وتعرضها للذئب كره اخذها ناسب التحريم وجدانها في العمران وقال أحمد بن حنبل لا فرق بين ان يجدها في الفلاة أو في العمران لان النبي صلى الله عليه وآله قال خذها ولم يفرق ولم يستفصل بين وجدانها في العمران والصحاري ولو افترق الحال لسال واستفصل ولأنها لقطة فيستوي فيها المصر والصحراء كغيرها من اللقطات ونمنع عدم الاستفصال لأنه مفهوم من قوله صلى الله عليه وآله أو للذئب والقياس باطل خصوصا مع قيام الفارق مسألة: إذا اخذ الشاة وشبهها من صغار النعم من الفلاة تخير ان شاء تملكها وضمن على اشكال وان شاء دفعها إلى الحاكم ليحفظها أو يبيعها ويوصل ثمنها إلى المالك وان شاء حبسها أمانة في يده لصاحبها وينفق عليها من ماله وان شاء تصدق بها وضمن ان لم يرض المالك بالصدقة وقال الشافعي هو بالخيار بين ان يأكلها في الحال ويغرم قيمتها إذا جاء صاحبها وبين ان يعرفها سنة وينفق عليها من ماله وبين ان يمسكها على صاحبها وينفق عليها من ماله ولا يعرفها ولا يتملكها وبين ان يبيعها بإذن الامام في الحال ويحفظ ثمنها على صاحبها قال ابن عبد البراء اجمعوا على أن ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له اكلها لقوله هي لك أو لأخيك أو للذئب أضافها إليه بلفظة له المقتضية للتملك في الحال وسوى فيها بينه وبين الذئب الذي لا يتأنى؟ باكلها ولان في اكلها في الحال دفعا لثقلها بالمؤنة عليها والانفاق وحفظها لماليتها على صاحبها إذا جاء اخذ قيمتها بكمالها من غير نقص فيه وفي ابقائها تضييع للمالك بالانفاق عليها والغرامة في نقلها فكان اكلها أولي إذا ثبت هذا فإذا أراد اكلها حفظ صفتها حتى إذا جاء صاحبها غرمها له فان الغرامة تجب عليه في قول عامة أهل العلم الا مالكا فإنه قال يأكلها ولا يغرم قيمتها لصاحبها ولا يعرفها لقول النبي صلى الله عليه وآله هي لك ولم يوجب تعريفا ولا غرما وسوى بينه وبين الذئب والذئب لا يعرف ولا يغرم قال ابن عبد البر لم يوافق مالكا أحد من العلماء على قوله وقول النبي صلى الله عليه وآله رد على أخيك ضالته دليل على أن الشاة على ملك صاحبها ولأنها لقطة لها قيمة وتتبعها النفس فيجب غرامة قيمتها لصاحبها إذا جاء كغيرها ولأنها ملك لصاحبها فلم يجز تملكها عليه بغير عوض من غير رضاه كما لو كانت في التبيان؟ ولأنها عين تجب ردها مع بقائها فوجب غرمها إذا أتلفها كلقطة الذهب وقوله صلى الله عليه وآله هي لك لا يمنع وجوب غرامتها فإنه قد اذن في لقطة الذهب والورق بعد تعريفها في اكلها وانفاقها وقال هي كسائر مالك ثم قد اجمعوا على وجوب غرامتها ولم يذكره في الحديث فكذا الشاة ولا فرق بينهما في المالية فلا فرق بينهما في الغرم مسألة: إذا اختار الملتقط للشاة في الفلاة حفظها على صاحبها كان عليه الانفاق عليها لان بقاؤها لا يتم بدونه ولأنه قد التزم حفظها فقد الزم نفسه بما يتوقف حفظها عليه إذا ثبت هذا فإنه يتخير بين ان يتبرع بالانفاق عليها ولا يرجع به على مالكها أو بين ان يرفع امرها إلى الحاكم لينفق عليها الحاكم أو يأمره بالانفاق عليها ليرجع به على مالكها ولو لم يرفع امرها إلى الحاكم وأنفق فهو متبرع كما لو أنفق على حيوان غيره مع تمكنه من استيذانه فان الحاكم ولي المالك ونائب عنه مع غيبته ولو لم يجدها كما اشهد شاهدين بالرجوع بما ينفقه ويرجع به لأنه أنفق على اللقطة لحفظها فكان من مال صاحبها كمؤنة تجفيف الرطب والعنب وهو إحدى الروايتين عن أحمد والرواية الثانية عنه انه لا يرجع بشئ وبه قال الشعبي والشافعي ولم يعجب الشعبي قضاء عمر بن عبد العزيز في من وجد ضالة فلينفق عليها فإذا جاء ربها طالبه بما أنفق لأنه أنفق على مال غيره بغير اذنه فلم يرجع به وهو غلط لأنه محسن بالانفاق فلا سبيل عليه وفي عدم تمكنه
(٢٦٧)