ولو اختلفت القيمة يوم الاخذ ويوم الاكل قال بعض الشافعية انه ان اخذ للاكل اعتبرت قيمته يوم الاخذ وان اخذ للتعريف اعتبرت قيمته يوم الاكل ولا بأس به عندي ولو افتقر ما يمكن بقاؤه إلى المعالجة كتجفيف الرطب بحيث يصير تمرا فإن كان الحظ لصاحبه في بيعه رطبا بيع إما بأمر الحاكم ان وجد أو يتولاه الملتقط ان لم يمكن الوصول إليه وان لم يكن الحظ في بيعه فان تبرع أحد بتجفيفه فذاك والا باع الحاكم أو الملتقط مع تعذره بعضه واتفق على تجفيف الباقي بخلاف الحيوان حيث يباع بأجمعه لان النفقة قد تكرر فيؤدي إلى أن يأكل نفسه تذنيب إذا باع الطعام عرف المبيع دون الثمن كما أنه إذا اكل يعرف المأكول دون القيمة مسألة ما لا يبقى عاما كالطبخ والبطيخ والفاكهة التي لا تجفف والخضراوات يتخير ملتقطها بين اكلها وحفظ ثمنها وبين دفعها إلى الحاكم ليبيعها ان تمكن منه ليبيعها على ما قدمناه ولا يجوز له ابقاؤه ولأنه يتلف فان تركه حتى تلف ضمن لأنه فرط في حفظه فلزمه ضمانه كالوديعة وليس له بيعه بنفسه مع وجود الحاكم خلافا لأحمد في الشئ القليل وهو يبطل بالكثير ولأنه مال الغير ولا ولاية له عليه ولا على مالكه فلم يجز بيعه الا بالحاكم كغير اللقطة احتج بأنه أبيح له اكله فأبيح له بيعه كماله ولأنه أبيح له بيعه عند العجز عن الحاكم فجاز عند القدرة عليه وهو غلط لان في البيع ولاية على مال الغير بخلاف الاكل لان القصد به مع الانتفاع أداء القيمة إلى المالك وحالة العجز لا قدرة على الحاكم فأبيح له البيع تخلصا من ضررها بخلاف حال القدرة إذا تقرر هذا فان أراد الاكل أو البيع عرف صفاته وحفظها ثم عرفه عاما فان جاء صاحبه فإن كان قد باعه دفع ثمنه إليه وإن كان قد اكله غرمه له بقيمته ولو تلف الثمن منه بغير تفريطه قبل تملكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت بغير تفريط فلا ضمان على الملتقط وان تلفت أو نقصت أو نقص الثمن أو تلف بتفريطه لزمه ضمانه وكذا لو تلف الثمن بعد ان تملكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت بعد ان تملكها مسألة ما يفتقر إلى العلاج ينظر الحظ لصاحبه فيفعل كما قلناه أولا فإن كان في التجفيف جففه أو رفعه إلى الحاكم ليس له الا ذلك لأنه مال غيره فيلزمه الحظ فيه لصاحبه كالولي عن اليتيم ولو افتقر إلى غرامة باع بعضه في ذلك ولو كان الحظ في بيعه باعه وحفظ ثمنه ولو تعذر بيعه ولم يمكن تجفيفه تعين اكله كالبطيخ وعن أحمد رواية أخرى انه لا يؤكل بل إما ان يبيعه أو يتصدق به وكذا كل طعام يتغير لو بقى لا يجوز اكله بل يتخير بين الصدقة به والبيع وبه قال مالك وأصحاب الرأي وقال الثوري يبيعه ويتصدق قيمته والكل باطل بما روي من طرق العامة والخاصة من قول النبي صلى الله عليه وآله في ضالة الغنم خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب وهذا تجويز للاكل فإذا جاز فيما هو محفوظ تبقيته ففيما يفسد ببقائه أولي تذنيب إذا باع الطعام الذي يخشى فساده أو الذي يحتاج إلى العلاج تولاه الحاكم فان تعذر تولاه بنفسه لأنه موضع ضرورة وإذا باع وعرف صاحبه لم يكن له الاعتراض في البيع لأنه وقع جايزا إما لو باعه بدون اذن الحاكم وفي البلد حاكم كان البيع باطلا فإذا جاء صاحبه كان له مطالبة المشتري به فإن كان تالفا رجع بالقيمة على من شاء لان الملتقط ضمنه بالبيع والتسليم والمشتري بالتسلم فان رجع على الملتقط رجع الملتقط على المشتري لان التلف حصل في يده ويده ضامنة وان رجع على المشتري لم يرجع على الملتقط مسألة قد بينا انه يجب المبادرة إلى التعريف فلو اخره عن الحول الأول مع الامكان اثم لان النبي صلى الله عليه وآله أمر به وقال لا يكتم ولا يغيب ولان ذلك وسيلة إلى أن لا يعرفها صاحبها فان الظاهر أن صاحبها بعد الحول ييئس منها ويسلو عنها ويترك طلبها ولا يسقط التعريف بتأخيره عن الحول الأول لأنه واجب فلا يسقط بتأخره عن وقته كالعبادات وسائر الواجبات ولان المقصود يحصل بالتعريف في الحول الثاني على نعت من القصور فيجب الاتيان به لقوله (ع) إذا امرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم وقال احمد يسقط التعريف بتأخره عن ذلك الحول الأول لان حكمة للتعريف لا يحصل بعد الحول الأول وهو ممنوع فعلى هذا لو ترك التعريف في بعض الحول الأول عرف بقيته وأكمله من الحول الثاني وعن أحمد يكتفي بالتعريف باقي الحول خاصة وإذا عرفها حولا بعد الحول الأول جاز ان يتملكها بعده وكذا لو اخر بعد الحول عرف باقية وأتمه من الثاني وتملكها بعد الاتمام عندنا وقال احمد ليس له ان يتملكها بعد اهماله سواء قلنا بسقوط التعريف لحول الحول الثاني أو قلنا بوجوبه وسواء عرفها الحول الثاني أو بعض الأول وكمل من الثاني لان شرط الملك التعريف في الحول الأول وقد فات فيسقط لفوات شرط وهو ممنوع لان العبادات لا تسقط بفوات أوقاتها فكيف إذا تعلق بها حق الغير إذا عرفت هذا فقال احمد انه يجب عليه إما حفظها ابدا أو الصدقة بها على روايتين وقال أصحابه يجوز ان يدفعها إلى الحاكم كما إذا التقط مالا حول لالتقاطه ولو ترك التعريف في بعض الحول الأول لم يملكها أيضا بالتعريف فيما بعده عنده لان الشرط لم يكمل وعدم بعض الشرط كعدم جميعه كما لو أخل ببعض الطهارة ولو ترك التعريف في الحول الأول لعجزه عنه بان يتركه لمرض أو حبس أو نسيان ونحوه لم يسقط التعريف عندنا وجاز وملك بعد التعريف في الحول الثاني وللحنابلة وجهان أحدهما ان حكمه حكم ما لو تركه مع امكانه ليس له التملك بعد التعريف في الحول الثاني لان تعريفه في الحول الأول سبب الملك والحكم ينتفي لانتفاء سببه سواء كان انتفاؤه لعذر أو لغير عذر والثاني انه يعرفه في الحول الثاني ويملكه لأنه لم يؤخر التعريف عن وقت امكانه فأشبه ما لو عرفه في الحول الأول البحث الثالث في التملك مسألة إذا عرف الملتقط حولا ولم يكن من لقطة الحرم تخير بين أمور ثلاثة إما ان يستديم حفظها لمالكها ابدا إلى أن يظهر فيسلمها إليه ولا ضمان عليه الا مع التفريط أو التعدي أو نية التملك بعده أو يتصدق بها ويضمن إذا جاء صاحبها خيره بين الاجر والقيمة أو أو يتملكها ويتصرف فيها كيف شاء ويضمنها ويكون في ذمته سواء كان الملتقط كان غنيا أو فقيرا أو من تحل له الصدقة أو تحرم عند علمائنا وبه قال علي (ع) وابن عباس والشعبي والنخعي وعمرو بن مسعود وعايشة وطاوس وعكرمة والشافعي لما رواه العامة في حديث زيد بن خالد فإن لم تعرف فاستنفقها وفي لفظ والا فهي كسبيل مالك وفي لفظ ثم كلها وفي لفظ فانتفع بها وفي لفظ شأنك بها وفي حديث أبي بن كعب فاستنفقها وفي لفظ فاستمتع بها قال الشافعي وكان أبي أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم ومن طريق الخاصة وما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) في اللقطة يجدها الرجل الفقير أهو فيها بمنزلة الغني قال نعم اللقطة يجدها الرجل ويأخذها قال يعرفها سنة فان جاء بها طالب والا فهي كسبيل ماله ولان من ملك بالعوض القرض مالك بالعوض اللقطة كالفقير ولان اللقطة سبب في التملك فاستوي فيه الغني والفقير كالاحتطاب ولان تملك الغني لها أولي من تملك الفقير وانفع لمالكها حيث يجد لها عوضا بخلاف الفقير فإنه إذا تملكها لم يجد عوضا لها غالبا فيتلف منه وقال أبو حنيفة إن كان الملتقط فقيرا تخير بين الثلاثة المذكورة الحفظ لصاحبها دايما أو الصدقة بها وتكون موقوفة على اجارة صاحبها والتملك لها الا ان يكون من ذوي القربى وإن كان غنيا لم يكن له التملك بل يتخير بين الامساك والصدقة فإذا جاء صاحبها فان رضي بالاجر والا كان له الرجوع على الملتقط بها وبه قال الحسن بن صالح والثوري لما رواه عياض بن حماد المجاشعي ان النبي صلى الله عليه وآله قال من وجد لقطة قال فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب فان وجد صاحبها فليردها عليه والا فهو مال الله يؤتيه من يشاء قالوا وما يضاف إلى الله تعالى فإنما يملكه من يستحق الصدقة ولما روى العامة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله
(٢٦٠)