من الرجوع سبيل عليه باسقاط ماله بغير عوض ولو لم يتمكن من شاهدين فان نوى الرجوع بما ينفق رجع والا فلا لكن لا يقضى له بقوله وادعائه النية على اشكال ينشأ من أن الرجوع في النية إليه ومن أصالة براءة الذمة مسألة: قد ذكرنا ان للملتقط الخيار بين تملكها وحفظها وبيعها فإذا اختار البيع جاز له وحفظ ثمنها وهل له ان يتولى ذلك بنفسه أو يجب رفعها إلى الحاكم الأقرب الأول والأحوط الثاني وليس شرطا خلافا لبعض الشافعية لأنه يجوز له اكلها بغير اذنه فبيعها أولي وهل يجب تعريفها الأقرب العدم لكن لو اختار ذلك عرفها حولا كما يعرف اللقطة ويغرم عليها النفقة إما من ماله أو من مال صاحبها على ما تقدم وقال بعض العامة يجب تعريفها حولا لأنها لقطة لها خطر فوجب تعريفها كالمطعوم الكثير ولا يلزم من جواز التصرف فيها في الحول سقوط التعريف كالمطعوم وقال آخرون لا يجب التعريف لقوله (ع) هي لك أو لأخيك أو للذئب ولم يأمر بتعريفها كما أمر (ع) في لقطة الذهب والورق والأقوى الأول فان اكلها ثبت في ذمته قيمتها ولا يلزم عزلها لعدم الفايدة في ذلك لأنها لا ينتقل عن الذمة إلى المال المعزول ولو عزل شيئا ثم أفلس كان صاحب اللقطة أسوة الغرماء في المال المعزول ولا يختص بصاحب اللقطة ولو باعها وحفظ ثمنها ثم جاء صاحبها اخذه ولم يشاركه فيه أحد من الغرماء لأنه ماله لا شئ للمفلس فيه بخلاف ما لو تملكها أو تملك الثمن ويحتمل التخصيص لان من وجد عين ماله كان أحق به مع وجود سبب الانتقال منه فهنا أولي مسألة: قد بينا انه لا يجوز اخذ الشاة وشبهها في العمران خلافا لأحمد فان اخذها لم يجز له تملكها بحال بل يتخير بين امساكها لصاحبها أمانة وعليه نفقتها من غير رجوع بها لتبرعه حيث اخذ في موضع المنع وبين دفعها إلى الحاكم لأنه من المصالح ولو تعذر الحاكم أنفق ورجع بالقيمة ولا فرق في ذلك بين الحيوان الممتنع وغيره ولو وجد شاة في العمران حبسها ثلاثة أيام ثم تصدق بها عن صاحبها ان لم يأت أو باعها وتصدق بثمنها والأقرب انه يضمن وقد روى ابن أبي يعفور عن الصادق (ع) أنه قال جاء رجل من أهل المدينة فسألني عن رجل أصاب شاة قال فأمرته ان يحبسها عنده ثلاثة أيام ويسأل عن صاحبها فان جاء صاحبها والا باعها وتصدق بثمنها ونقل المزني عن الشافعي فيما وضعه بخطه ولا اعلم أنه سمع منه إذا وجد الشاة أو البقرة أو الدابة ما قامت بمصر أو في قرية فهي لقطة فسوى في البلد والقرية بين الصغير والكبير واختلف أصحابه فقال أبو إسحاق الذي نقله المزني هو الصحيح ويستوي الصغير والكبير في كونها لقطة بالمصر لان الكبير لا يهتدي فيه للرعي وورود الماء فيكون ضايعا كالصغير وقال الباقون لا فرق بين المصر والصحاري والكبير لا يكون لقطة لان الكبير لا يضيع في البلد ولا يخفى امره بخلاف الصغير فعلى هذا الوجه لا فرق بين الصحاري والامصار الا في حكم واحد وهو ان في الصحاري له اكل الصغار لأنه يتعذر عليه بيعها ولا يتعذر ذلك في الأمصار فليس له اكلها وعلى ما نقله المزني الصغار والكبار لقطة وهي كالصغار في الصحاري في جواز الأكل وقد بينا مذهبنا في ذلك مسألة لا يجوز اخذ الغزلان واليحامير وحمر الوحش في الصحاري إذا ملكت هذه الأشياء ثم خرجت إلى الصحراء وكذا باقي الصيود المستوحشة التي إذا تركت رجعت إلى الصحراء لأنها تمتنع بسرعة عدوها عن صغار السباع وهي مملوكة للغير فلا يخرج عن ملكه بالامتناع كما لو توحش الأهلي إما لو خاف الواجد له ضياعها عن مالكها أو عجز مالكها عن استرجاعها فالأقوى جواز التقاطها لان تركها أضيع لها من سائر الأموال والمقصود حفظها لصاحبها لا حفظها في نفسها ولو كان الغرض حفظها في نفسها لما جاز التقاط الأثمان فان الدينار محفوظ حيث ما كان مسألة: حكم البقر حكم الإبل وبه قال الشافعي وأبو عبيد واحمد لأنها يمتنع عن صغار السباع ويجري في الأضحية والهدي عن سبعة فأشبهت الإبل وقال مالك ان البقر كالشاة وليس بشئ إما الخيل والبغال فإنها كالإبل لأنها تمتنع عن صغار السباع وبه قال الشافعي واحمد واما الحمار فإنه كذلك أيضا لامتناعه عن صغار السباع ولها أجسام عظيمة فأشبهت البغال والخيل ولأنها من الدواب فأشبهت البغال وهو أحد قولي الحنابلة والثاني انها كالشاة لان النبي صلى الله عليه وآله علل الإبل بان معها حذاها وسقاها يريد شدة صبرها عن الماء لكثرة ما توعي في بطونها منه وقوتها على وروده وإباحة ضالة الغنم بأنها معرضة لاخذ الذئب إياها لقوله هي لك أو لأخيك أو للذئب والحمر مساوية للشاة في علتها فإنها لا تمتنع من الذئب ومفارقة الإبل في علتها فإنها لا صبر بها على الماء والحاق الشئ بما ساواه في علة الحكم وفارقه في الصورة أولي من الحاقه بما فارقه في الصورة والعلة مسألة: الاحجار الكبار كاحجار الطواحين والحباب الكبيرة وقدور النحاس الكبيرة العظيمة وشبهها مما يتحفظ بنفسه ملحقة بالإبل في تحريم اخذه بل هو أولي منه لان الإبل في معرض التلف إما بالأسد أو بالجوع أو بالعطش أو غير ذلك وهذا بخلاف تلك ولأن هذه الأشياء لا يكاد تضيع عن صاحبها ولا يخرج من مكانها بخلاف الحيوان فإذا حرم اخذ الحيوان فهذه أولي وكذا السفن المربوطة في الشرايع المعهودة لا يجوز اخذها والاخشاب الموضوعة على الأرض إما السفن المحلولة الرباط السارية في الفرات وشبهها بغير ملاح فإنها لقطة إذا لم يعرف مالكها مسألة: ما يؤخذ من الحيوان قريبا من العمران حكمه حكم الموجود في العمران للعادة القاضية بان الناس يشمرون دوابهم قريبا من عمارة البلد وقد تقدم ان للشافعي في جواز التقاط الممتنع في المفازة قولان وكذا له قولان في جواز التقاطها في العمران أصحهما جواز التقاطها للتملك لأنها في العمران يضيع بامتداد اليد الخاينة بخلاف المفازة فان طروق الناس بها لا يعم ولأنها لا تجد ما يكفيها ولان البهايم في العمران لا تهمل وفي الصحراء قد تسرح وتهمل فيحتمل ان صاحبها يظفر بها ولا يضل عنها وحكى بعض الشافعية طريقين أحدهما القطع بالمنع والثاني القطع بالجواز هذا إذا كان الزمان زمان امن إما في زمان النهب والفساد فيجوز التقاطها سواء وجدت في الصحارى أو العمران والمشهور عند الشافعية ان ما لا يمتنع من الغنم والعجاجيل والفصلان يجوز اخذها للتملك سواء كانت في العمران في المفاوز وقال بعضهم انها لا يؤخذ كما ذهبنا نحن إليه فإذا وجدها في المفازة تخير بين ان يمسكها ويعرفها ويتملكها وبين ان يبيعها ويحفظ ثمنها ويعرفها ثم يتملك الثمن وبين ان يأكلها إن كانت مملوكة مأكولة ويغرم قيمتها والأول أرجح من الثاني والثاني من الثالث قالوا لو وجدها في العمران فله الامساك والتعريف ويملك الثمن وفي الاكل قولان أحدهما الجواز كما في الصحراء وأرجحهما عند أكثر الشافعية المنع بسهولة البيع في العمران وهل يجوز تملك الصغار مما يوكل في الحال لهم وجهان أحدهما نعم كما لا يجوز اكل المأكول وأصحهما عندهم انه لا يجوز تملكها حتى يعرف سنة كغيرها من اللقطة فإذا امسكها وأراد الرجوع بالانفاق استأذن الحاكم فان تعذر اشهد وقد سبق وان أراد البيع ولا حاكم هناك استقل به فإن كان فوجهان لهم أحدهما جواز الاستقلال لأنه نائب عن المالك في الحفظ فكذا في البيع مسألة: لو وجد بعيرا في أيام منى في الصحراء مقلدا كما يقلد الهدي لم يجز اخذه لأنه لا يجوز مع عدم التقليد فمعه أولي وقال الشافعي يأخذه ويعرفه أيام منى فان خاف ان يفوته وقت النحر نحره والأولى عنده ان يرفع إلى الحاكم حتى يأمره بنحره ونقل بعضهم قولا اخر انه لا يجوز اخذه كما ذهبنا إليه ثم بنو القولين على القولين فيما إذا وجد بدنة منحورة غمس ما قلدت به في دمها وضرب صفحة سنامها هل يجوز الاكل منها فان منعنا الاكل منعنا الاخذ هنا وان جوزنا الاكل اعتمادا على العلامة فكذا التقليد علامة كون البعير هديا والظاهر أن تخلفه كان لضعفه عن
(٢٦٨)