ثم عرفها سنة فان جاء صاحبها والا فشأنك بها ومن طريق الخاصة ما رواه داود بن سرحان عن الصادق (ع) أنه قال في اللقطة يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادق (ع) في اللقطة في حديث قال يعرفها سنة فان جاء طالبها والا فهي كسبيل ماله ولأنه مال للغير حصل في يده فيجب عليه دفعه إلى مالكه ولا طريق إلى العلم به الا بالتعريف والانشاد وما لا يتم الواجب الا به يكون واجبا فوجب التعريف ولان ترك التعريف كتمان مفوت للحق على المستحق وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه ان قصد الملتقط التملك وجب التعريف حولا وان قصد الحفظ ابدا لم يجب لان التعريف انما يجب لتحقق شرط التملك وهو ممنوع بل التعريف وجب لايصال الحق إلى مستحقه ولان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهما السلام لم يفرقوا بل اطلقوا وجوب التعريف ولان حفظها في يد الملتقط من غير ايصالها إلى مستحقها مساو لعدمها عنه ولهلاكها ولان امساكها من غير تعريف تضييع لها عن صاحبها فلم يجز كردها إلى موضعها أو القائها في غيره ولأنه لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط لان بقائها في مكانها إذا أقرب إلى وصولها إلى صاحبها إما بان يطلبها في الموضع الذي ضاعت منه فيجدها واما ان يجدها من يعرفها واخذ هذا لها يفوت الامرين معا فكان محرما لكن الالتقاط جايز فلزم التعريف كيلا يحصل هذا الضرر ولان التعريف واجب على من أراد تملكها فكذا يجب على من أراد حفظها فان التملك غير واجب فلا تجب الوسيلة إليه فيلزم ان يكون الوجوب في المحل المتفق عليه لصيانتها عن الضياع عن صاحبها وهذا موجود في محل النزاع مسألة لا يراد بالتعريف سنة استيعاب السنة وصرفها بأسرها في التعريف بل يسقط التعريف في الليل لان النهار مجمع الناس وملتقاهم دون الليل ولا يستوعب الأيام أيضا بل على المعتاد فيعرف في ابتداء اخذ اللقطة في كل يوم مرتين في طرفي النهار ثم في كل يوم مرة ثم في كل أسبوع مرة أو مرتين ثم في كل شهر مرة بحيث لا ينسى كونه تكرار الماضي وبالجملة فلم يقدر الشرع في ذلك سوى المدة التي قلنا إنه لا يجب شغلها به فالمرجع حينئذ في ذلك إلى العادة وينبغي المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط لان العثور على المالك في ابتداء الضياع أقرب ويكرر ذلك طول الأسبوع لان الطلب فيه أكثر وللشافعية في وجوب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط قولان أحدهما الوجوب لما تقدم والثاني عدمه بل الواجب تعريفها سنة مطلقا وبه ورد الامر مسألة قدر مدة التعريف سنة فيما بلغ درهما فصاعدا عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وابن عباس وعمرو بن المسيب والشعبي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي لحديث زيد بن خالد الذي رواه العامة وقد تقدم ومن طريق الخاصة ما تقدم وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن اللقطة فقال لا ترفعوها فان ابتلبت فعرفها سنة فان جاء طالبها والا فاجعلها في عرض مالك يجرى عليها ما يجري على مالك إلى أن يجئ لها طالب ولان السنة لا يتأخر عنها القوافل ويمضي فيها الأزمان التي يقصد فيها البلاد من الحر والبرد والاعتدال وروي عن عمر روايتان اخريان إحديهما يعرفها ثلاثة أشهر والاخرى ثلاثة أعوام لان أبي بن كعب روى عن النبي صلى الله عليه وآله وأمره بتعريف مائة دينار ثلاثة أعوام لأنه قد روي في حديث أبي بن كعب أنه قال له عرفها حولا فعرفها ثم عاد إليه فقال له عرفها فعرفها ثم عاد إليه فقال له عرفها حولا فأمره ان يعرفها ثلاثة أحوال قال ابن داود شك الراوي في ذلك فقال له حولا أو ثلاثا قال ابن المنذر قد ثبت الاجماع بخلاف هذا الحديث وعلى ان حديث زيد بن خالد امره بسنة واحدة فدل على اجزاء ذلك وقال أبو أيوب الهاشمي ما دون الخمسين درهما يعرفها ثلاثة أيام إلى سبعة أيام وقد روى عن أبان بن تغلب قال أصبت يوما ثلاثين دينارا فسألت الصادق (ع) عن ذلك فقال لي أين أصبته قال فقلت كنت منصرفا إلى منزلي فأصبتها قال فقال صر إلى المكان الذي أصبت فيه فتعرفه فان جاء طالبه بعد ثلاثة أيام فاعطه والا تصدق به والرواية في سندها قول فلا تعويل عليها على أنه يحتمل تعريفها سنة ثم يتصدق بها بعد ثلاثة أيام من تمام الحول استظهارا في الحفظ لصاحبها وقال الثوري في الدرهم يعرفه أربعة أيام وقال الحسن بن صالح بن حي ما دون عشرة دراهم يعرفها ثلاثة أيام وإن كان فوق ذلك فليعرفها سبعة أيام وقال إسحاق ما دون الدينار يعرفه جمعة أو نحوها وروى أبو إسحاق الجورجاني باسناده عن يعلى بن أمية قال قال رسول الله (ع) من التقط درهما أو حبلا أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام وإن كان فوق ذلك فليعرفه سبعة أيام وهذا الحديث لم يعلم به قائل على وجهه فإذا الأحاديث التي أوردناها أولي بالعمل من هذا فان اطراح الفقهاء من العامة والخاصة له يدل على الضعف في الرواية (مسألة)؟ لا يجب التوالي في التعريف فلو فرقه جاز بان يعرف شهرين ويترك شهرين وهكذا وهو أحد وجهي الشافعية كما لو نذر صوم سنة يجوز ان يوالي وان يفرق كذا هنا وفي الآخر لا يجوز التفريق لأنه إذا فرق لم تظهر فايدة التعريف فعلى هذا لو قطع التعريف مدة وجب الاستيناف عندهم والأقرب وجوب المبادرة في التعريف تحصيلا لغرض وقوف المالك عليها وهو في الغالب يعجل الطلب فإذا أخفاها عن مالكها فات الغرض المطلوب شرعا فان فرط في المبادرة فعل محرما فإذا عرف متفرقا لم يجب الاستيناف وكفاه التلفيق مسألة الأحوط في التعريف الايغال في الابهام فلا يذكر الجنس فضلا عن النوع ووصفه بل يقول من ضاع له شئ أو مال لأنه ابعد ان يدخل عليه بالتخمين واحفظ لها من ادعاء كاذب ولو ذكر الجنس جاز كان يقول من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب ولا يزيد عليه فإنه ربما أدعاه الكاذب ولو ذكر بعض صفاتها لم يستقص على الجميع لئلا يعلم بصفتها من يسمع تلك الأوصاف المفصلة فلا يبقى صفتها دليلا على ملكها لمشاركة غير المالك في ذلك ولا يؤمن ان يدعيها بعض من سمع صفاتها ويذكر صفتها التي يدفع اللقطة بها فيأخذها وهو غير مالك لها فتضيع على مالكها وقال بعض الشافعية لابد وان يصف الملتقط بعض أوصاف اللقطة فإنه افضى إلى الظفر بالمالك وهل ذلك شرط أو مستحب فيه وجهان الاظهر منهما عندهم الثاني وعلى القول بكونه شرطا فهل يكفي ذكر الجنس بان يقول من ضاع منه دراهم قال الجويني ما عندي انه يكفي ولكن يتعرض للعفاص والوكاء ومكان الالتقاط وتاريخه ولا يستوعب الصفات ولا يبالغ لئلا يدعيها الكاذب فان استوعب جميع الصفات ففي الضمان عندهم الوجهان أحدهما المنع لأنه لا يلزمه الدفع الا بالبينة والثاني الثبوت لان المدعي قد يرفع الملتقط إلى حاكم يعتقد وجوب الدفع إلى الواصف مسألة لا يجب على الملتقط مباشرة التعريف إذ الغرض به الاشهاد والاعلان ولا غرض للشارع متعلق بمباشر دون اخر فيجوز ان يباشر النداء بنفسه وان يوليه غلامه وولده ومن يستعين به ويستأجر عليه ولا نعلم فيه خلافا فان تبرع الملتقط بالتعريف أو بذل مؤنته فذاك والا فان اخذها للحفظ ابدا وجب التعريف أيضا عندنا وعلى أحد قولي الشافعي لا يجب حينئذ فهو متبرع إذا عرف فان قلنا يجب وهو الحق عندنا إذا احتاج التعريف إلى مؤنة فان اخذها للتملك واتصل الامر بالتملك فمؤنة التعريف على الملتقط لأنه انما يفعل التعريف ليتشبث به إلى إباحة تملكه لها فكانت مؤنة التعريف عليه لأنها لمصلحته ونفعه وان ظهر المالك فهي على الملتقط أيضا لقصده التملك وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انها على المالك لعود الفايدة إليه ولو قصد الحفظ حين الالتقاط ابدا فالأقرب انه لا يجب على الملتقط اجرة التعريف بل يرفع الامر إلى الحاكم ليبذل اجرته من بيت المال أو يستقرض على المالك أو يأمر الملتقط بالاقتراض ليرجع أو يبيع بعضها ان رآه أصلح أو لم يمكن الا به ولو قصد الأمانة أو لا دائما ثم قصد التملك ففيه للشافعية وجهان
(٢٥٨)