مولاه من الالتقاط والثاني طرد القولين وإن كان المولى لم يأمره بالالتقاط ولا نهاه عنه فإنه يصح التقاطه عندنا وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين لان يد العبد يد سيده فكأن السيد هو الملتقط وكما أنه يعتبر اصطياده واحتطابه كذا يعتبر التقاطه ويكون الحاصل للسيد ولا عبرة بقصده وهذا القول نقله المزني عما وضعه بحنطة قال ولا اعلمه سمع منه والثاني نص عليه في الام واختاره المزني انه لا يصح لان اللقطة أمانة وولاية في الابتداء وتملك في الانتهاء والعبد لا يملك ولا هو من أهل الأمانة والولاية قال ابن شريح القولان مبنيان على أن العبد يملك فاما إذا فرعنا على الجديد وهو انه لا يملك فليس له الالتقاط بحال وقال بعضهم في هذا القياس من جهة انه ليس القولان في أن العبد هل يملك مطلقا وانما هما في أنه هل يملك بتمليك السيد ولا تمليك هنا من جهة السيد. مسألة:
قد بينا ان العبد يصح التقاطه فإذا التقط شيئا صح منه ان يعرفه كما صح التقاطه وهو أحد قولي الشافعي كالحر فإذا كمل حول التعريف لم يكن للعبد ان يتملكها لنفسه لأنه ليس أهلا للتملك مطلقا عندنا وهو الجديد للشافعي وبدون تمليك السيد على قول بعض علمائنا والشافعي في القديم وهنا لم يملكه السيد فان اختار العبد التملك على الوجه الذي لو فعله الحر ملك بلم يملك به لان التملك على وجه الاقتراض واقتراضه بغير اذن سيده لا يصح الا انها تكون في يده مضمونة لأنها في يده بقرض فاسد فإذا تلفت ضمنها في ذمته يتبع بها بعد العتق وله التملك للسيد باذنه ولو لم يأذن السيد فالأقوى انه لا يدخل في ملك السيد بنية العبد والتملك له وللشافعية طريقان أحدهما انه على الوجهين في أنه هل يصح اتهاب العبد من دون اذن السيد أو على القولين في شرائه بغير اذن والثاني القطع بالمنع بخلاف الهبة لان الهبة لا يقتضي عوضا وبخلاف الشراء فانا ان صححناه علقنا الثمن بذمة العبد وهنا يبعد ان لا يطالب مالك اللقطة السيد الملك لأنه لم يرض بذمة العبد والأصح عندهم المنع سواء ثبت الخلاف أم لا وعلى هذا فقد قال بعض الشافعية انه لا يصح تعريفه دون اذن السيد أيضا لكن الأصح عندهم الحاق التعريف بالالتقاط قال الجويني نعم ان قلنا انقضاء مدة التعريف يوجب الملك فيجوز ان يقال لا يصح تعريفه ويجوز ان يقال يصح ولا يثبت الملك في هذه الصورة كما لا يثبت إذا عرف من قصده الحفظ ابدا وعلى القول الثاني للشافعي بأنه لا يصح التقاط العبد لا يعتد بتعريفه ثم إن لم يعلم السيد بالتقاطه فالمال مضمون في يد العبد والضمان يتعلق برقبته سواء أتلفه أو تلف بتفريطه أو بغير تفريط كما في المغصوب وان علم السيد فاقسامه ثلاثة أحدها ان يأخذه من يده وينبغي ان يقدم عليه مقدمة هي ان الحاكم لو اخذ المغصوب من الغاصب ليحفظه للمالك هل يبرأ الغاصب من الضمان فيه للشافعية وجهان ظاهر القياس منهما البراءة لان يد الحاكم نايبة عن يد المالك فان قلنا لا يبرأ فللقاضي اخذها منه وان قلنا يبرأ فإن كان المال عرضة للضياع والغاصب بحيث لا يبعد ان يفلس أو يغيب وجهه فكذلك والا فوجهان أحدهما انه لا يأخذ فإنه أنفع للمالك والثاني يأخذ نظرا لهما جميعا وليس لآحاد الناس اخذ المغصوب إذا لم يكن في معرض الضياع ولا الغاصب بحيث تفوت مطالبته ظاهرا وإن كان كذلك فوجهان أظهرهما عندهم المنع لان القاضي هو النايب عن الناس ولان فيه ما يؤدي إلى الفتنة وشهر السلاح والثاني الجواز احتسابا أو نهيا عن المنكر فعلى الأول لو اخذ ضمن وكان كالغاصب من الغاصب وعلى الثاني لا يضمن وبراءة الغاصب على الخلاف السابق واولى بان لا يبرء وفصل قوم بين ان يكون هناك قاض يمكن رفع الامر إليه فلا يجوز وبين ان لا يكون فيجوز إذا عرفت ذلك فقد قال أكثر الشافعية إذا اخذ السيد اللقطة من العبد صار هو الملتقط لان يد العبد إذا لم يكن يد التقاط كان الحاصل في يده ضايعا بعد ويسقط الضمان عن العبد لوصوله إلى نايب المالك فإن كان أهلا للالتقاط كان نايبا عنه وبمثله أجابوا فيما لو اخذه الأجنبي الا ان بعضهم جعل اخذ الأجنبي على الخلاف فيما لو تعلق صيد بشبكة انسان فجاء غيره واخذه واستبعد الجويني قولهم إن اخذ السيد التقاط لان العبد ضامن بالأخذ ولو كان اخذ السيد التقاطا لسقط الضمان عنه فيتضرر به المالك وقال بعضهم ان السيد ينتزعه من يده ويسلمه إلى الحاكم ليحفظه للمالك ابدا واما الجويني فإنه قال إذا قلنا إنه ليس بالتقاط فأراد اخذه بنفسه وحفظه لمالكه ففيه وجهان مرتبان على اخذ الآحاد المغصوب للحفظ واولى بعدم الجواز لان السيد ساع لنفسه غير محتسب ثم يترتب على جواز الاخذ حصول البراءة كما قدمناه وان استدعى من الحاكم انتزاعه فهذه الصورة أولي بان يزيل الحاكم فيها اليد العادية وإذا أزال فأولى بان يصحل البراءة له لتعلق غرض السيد بالبراءة وكونه غير منسوب إلى العدوان حتى يغلظ عليه. الثاني: ان يقره في يده ويستحفظه عليه ليعرفه فإن كان العبد أمينا جاز كما لو استعان به في تعريف ما التقطه بنفسه والأقرب عندهم عدم سقوط الضمان وقياس كلام جمهورهم سقوطه وان لم يكن أمينا فالمولى متعد باقراره عليه وكانه اخذه منه ورده إليه. الثالث: ان يهمله فلا يأخذه ولا يقره بل يعرض عنه فللشافعي قولان ففي رواية المزني ان الضمان يتعلق برقبة العبد كما كان ولا يطالب به السيد في سائر أمواله لأنه لا تعدي منه ولا اثر لعلمه كما لو رأى عبده يتلف ما لا فلم يمنعه منه وفي رواية الربيع تعلقه بالعبد وبجميع أموال السيد لأنه متعد بتركه في يد العبد ثم اختلفوا فيهما على أربعة طرق قال الأكثر المسألة على قولين أظهرهما تعلقه بالعبد وبسائر أموال السيد حتى لو هلك العبد لا يسقط الضمان ولو أفلس السيد قدم صاحب اللقطة في العبد على ساير الغرماء ومن قال به لم يسلم عدم وجوب الضمان فيما إذا رأى عبده يتلف مالا فلم يمنعه وبعضهم حمل منقول المزني على ما إذا كان العبد مميزا وحمل منقول الربيع على ما إذا كان غير مميز وقطع بعضهم بما رواه المزني وبعضهم بما رواه الربيع وغلطوا المزني في النقل واستشهدوا بأنه روى في الجامع الكبير كما رواه الربيع فاشعر بغفلته هنا عن آخر الكلام وهذا كله ساقط عندنا حيث قلنا إن للعبد الالتقاط مسألة: إذا التقط العبد ولم يأمره السيد به ولا نهاه عنه صح التقاطه ثم لا يخلو إما ان يعلم السيد بالالتقاط أو لا يعلم فإن لم يعلم فالمال أمانة في يد العبد فان اعرض عن التعريف ضمن وهو أحد وجهي الشافعية كالحر فان فيه وجهين لهم لو اعرض عن التعريف ولو أتلفه العبد بعد مدة التعريف أو تملكه لنفسه فهلك عنده تعلق المال بذمة العبد كما لو استقرض قرضا فاسدا واستهلكه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يتعلق برقبته كما لو غصب شيئا فتلف وعنده ليس كالفرض فان صاحب المال سلمه إليه والحكم في الأصل عندنا ممنوع ولو أتلفه في المدة تعلق بذمته عندنا يتبع به بعد العتق وأكثر الشافعية قالوا يتعلق برقبته وكذا لو تلف بتقصير منه وعندنا يتعلق بذمته وعندهم يتعلق برقبته وفرقوا بينه وبين الاتلاف بعد المدة حيث كان على الخلاف السابق بان الاتلاف في السنة خيانة محضة لأنه لم يدخل وقت التملك واما بعدها فالوقت وقت الارتفاق والانفاق فاستهلاك العبد يشابه استقراضا فاسدا وحكى بعض الشافعية ان المسألة على قولين أحدهما التعلق بالرقبة والثاني التعلق بالذمة لأنا إذا جوزنا له الالتقاط فكان المال قد حصل في يده برضى صاحبه وحينئذ فالاتلاف لا يقتضي الا التعلق بالذمة كما لو أودع العبد مالا فاتلفه يكون الضمان في ذمته ولمانع ان يمنع ذلك لأن الضمان في الوديعة أيضا يتعلق برقبته عند بعض الشافعية واما عندنا فيتعلق بذمته أيضا ؟؟ السيد فله انتزاعها من يده كالأموال التي يكتسبها العبد فان اللقطة نوع منها ثم يصير السيد كالملتقط بنفسه ان شاء حفظها على مالكها وان شاء