انه سئل عن اللقطة فقال عرفها حولا فان جاء ربها والا تصدق بها فإذا جاء ربها فرضى بالاجر والا غرمها ومن طريق الخاصة ما رواه الحسين بن كثير عن أبيه قال سأل رجل أمير المؤمنين (ع) عن اللقطة فقال يعرفها حولا فان جاء صاحبها دفعها إليه والا حبسها حولا فإن لم يجئ صاحبها أو من يطلبها تصدق بها فان جاء صاحبها بعد ما تصدق بها ان شاء غرمها الذي كانت عنده وكان الاجر له وان كره ذلك احتسبها والاجر له ورواياتنا أظهر من حديث عياض لان الأشياء كلها تضاف إلى الله تعالى فإنه خالقها ومالكها كما قال الله تعالى وأتوهم من مال الله الذي اتاكم فدعوى انما يضاف إلى الله تعالى لا يتملكه الا من يستحق الصدقة دعوى باطلة بغير دليل وحديث أبي هريرة لم يثبت عند نقلة الاخبار ولا نقل في كتاب يوثق به عندهم فلا حجة فيه ومع ذلك فان الامر بالصدقة إما لأنه أحد الأشياء المخير فيها فيتناوله الامر أو على وجه الاستحباب جمعا بين الأدلة وكذا الحديث من طريق الخاصة جمعا بين الأدلة وقد روي محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن اللقطة قال لا ترفعوها فان ابتليت فعرفها سنة فان جاء طالبها والا فاجعلها في عرض مالك يجرى عليها ما يجري على مالك إلى أن يجئ طالب والاخبار في ذلك كثيرة وحكى الشافعية عن مالك عكس قول أبو حنيفة وهو أنه قال يتملكها الغني ولا يتملكها الفقير ولم يحكه أصحابه عنه مسألة:
لا يملك الملتقط اللقطة بمضي الحول من غير أن يختار الملتقط تملكها ولا يدخل في ملكه بعد الحول قهرا على أشهر القولين لعلمائنا وهو أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد لأنه تملك بعوض فلم يحصل الا باختيار التملك كالبيع ولما رواه العامة من قوله صلى الله عليه وآله فشأنك بها فوض الامر إلى خيرته ولم يحكم بقهره على تملكها ومن طريق الخاصة ما روى عن الباقر (ع) قال في حديث أبي بصير من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتى يأتيه طالبه فإذا جاء طالبه رده إليه امره برده وانما يثبت له رد العين ولو ملك لم يجب رد العين وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن الرجل يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع قال يعرفها سنة فإن لم تعرف في عرض ماله حتى يجئ طالبها فيعطيها إياه وان مات اوصى بها وهو لها ضامن ولو كان مالكا لها بغير اختياره كان له التصرف فيها كيف شاء ولم يأمره بحفظها والقول الثاني للشافعي انه يملكها بمضي حول التعريف ويدخل في ملكه بغير اختياره كالإرث لان مضي حول التعريف هو السبب في التملك فإذا حصل حصل الملك كالاحياء والاحتطاب وهو الرواية الشهيرة عن أحمد وقول لبعض علمائنا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله فإذا جاء صاحبها فهي كسائر مالك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في اللقطة يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله ونمنع كون التعريف حولا سببا للملك القهري نعم هو سبب للملك الاختياري والحاصل انه بعد الحول يملك ان يملك وكونها كسائر ماله يصدق على الملك الاختياري مسألة يثبت الملك بعد التعريف حولا واختيار الملتقط التملك بان يقول اخترت تملكها وهو أحد أقوال الشافعي لان الملك هنا حصل بالعوض وهو المثل أو القيمة فافتقر إلى الاختيار واللفظ الدال عليه كالبيع وكالشفيع والغانمين في تملك الغنيمة والثاني للشافعي انه لا بد مع الاختيار واللفظ من التصرف فلو لم يتصرف الملتقط لم يملك اللقطة وان قال اخترت التملك لان صاحبها لو حضر قبل التصرف كان أحق بها فلم تكن مملوكة لغيره ولان التملك باللقطة كالاستقراض لا يملكه المستقرض الا بالتصرف والعقد والقبض وعلى هذا فيشبه ان يجئ الخلاف المذكور في القرض في أن الملك بأي نوع من التصرف يحصل والثالث انه يملك بمجرد النية والقصد من غير تلفظ ولا تصرف لان التصرف يتوقف على الملك لان الأصل تحريم التصرف في مال الغير الا باذنه فلو توقف الملك عليه لزم الدور ولما خلا هذا التملك عن الايجاب لم يفتقر إلى القبول وانما يراعى فيه الاختيار وذلك يحصل بالقصد والنية فحصل له أقوال أربعة فيما به يملك الثلاثة المذكورة والرابع انه يدخل في ملكه بغير اختياره مسألة قد بينا انه لا يلتقط من حرم مكة وذكرنا الخلاف في التحريم والكراهة وعلى القولين معا لا يجوز تملكها مجال بل إن التقطها نوى الحفظ لمالكها وعرفها دايما وهو أحد قولي الشافعي لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته الا من عرفها وروى لا تحل لقطتها الا لمنشد اي لمعرف والمعنى على الدوام والا فالحكم في سائر البلاد كذلك ولا تظهر فايدة التخصيص ومن طريق الخاصة ما رواه سعيد بن عمرو الجعفي قال خرجت إلى مكة وانا من أسوء الناس حالا فشكوت إلى أبي عبد الله الصادق (ع) فلما خرجت وجدت على بابه كيسا فيه سبع مائة دينار فرجعت إليه من فوري في ذلك فأخبرته فقال يا سعيد اتق الله عز وجل وعرفه في المشاهد وكنت رجوت ان يرخص لي فيه فخرجت وانا مغتم فاتيت مني فتنحيت عن الناس حتى أتيت الماقوفة فنزلت في بيت متنحيا عن الناس ثم قلت من يعرف الكيس فأول صوت صوت إذا رجل على رأسي يقول انا صاحب الكيس فقلت في نفسي أنت فلا كنت قلت ما علامة الكيس فأخبرني بعلامته فدفعته إليه فتنحى ناحية فعدها فإذا الدنانير على حالها ثم عد منها سبعين دينارا فقال خذها لك حلالا خير من سبع مائة حراما فأخذتها ثم دخلت على الصادق (ع) فأخبرته كيف تنحيت وصنعت فقال إما انك حين شكوت إلى امرنا؟
لك بثلثين دينارا يا جارية هاتيها فأخذتها وانا أحسن قومي حالا ولان مكة مثابة للناس وامنا يعودون إليها مرة بعد أخرى فربما يعود من أضلها أو يبعث في طلبها والقول الثاني للشافعي ان مكة كغيرها من البقاع في حكم اللقطة يعرفها الملتقط سنة ثم إن شاء حفظها لمالكها وان شاء تملكها وبه قال أبو حنيفة ومالك وهو أظهر الروايتين عن أحمد وقد بينا بطلانه مسألة كلما جاز التقاطه ملك بالتعريف عند تمامه حولا سواء كانت اللقطة أثمانا أو عروضا عند علمائنا أجمع وهو قول جمهور العلماء فإنهم لم يختلفوا فيه ولم يفرقوا بين العروض والأثمان في التعريف حولا وجواز التصرف فيها بعد الحول لان الأخبار الواردة في ذلك عامة تشتمل على القسمين روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن اللقطة فقال عرفها سنة ثم قال في آخره فانتفع بها أو فشانك بها وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله كيف ترى في متاع يوجد في طريق المنتاب أو في قرية مسكونة قال عرفه سنة فان جاء صاحبها والا فشانك بها وروي الحرث بن الصباح قال كنت عند ابن عمر بمكة إذ جاءه رجل فقال اني وجدت هذا البرد وقد نشدته وعرفته فلم يعرفه أحد وهذا يوم التروية ويوم يتفرق الناس فقال إن شئت فقومه قيمته عدل والبسه وكنت ضامنا له متى جاءك صاحبه دفعته إليه وان لم يجئ له طالب فهو لك ان شئت ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم في الحسن عن الصادق (ع) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني وجدت شاة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هي لك أو لأخيك أو للذئب وفي الحسن عن حريز عن الصادق (ع) قال لا بأس بلقطة العصاء والشظاظ والوتد والعقال وأشباهه قال وقال الباقر (ع) ليس لهذا طالب وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبي الحسن الرضا (ع) عن الرجل يصيد الطير الذي يسوي دراهم كثيرة وهو مستوي الجناحين وهو يعرف صاحبه أيحل امساكه فقال إذا عرف صاحبه رده عليه وان لم يكن يعرفه وملك جناحه فهو له وان جاءك طالب لا تتهمه رده عليه وعن أبي بصير عن الباقر (ع) قال من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتى يأتيه طالبه فإذا جاء طالبه رده إليه وهو عام في النقد