قبل أما لو فسره بالعيادة أو رد السلم أو جواب الكتاب لم يقبل لبعده عن الفهم في معرض الاقرار إذ لا مطالبة بهما والاقرار في العادة بما يطلبه المقر له ويدعيه ولأنهما يسقطان لفواتهما ولا يثبتان في الذمة والاقرار يدل على ثبوت الحق في الذمة وكذا لو فسره بتسمية عطسة ويحتمل القبول إذا أراد ان حقا علي رد السلم إذا سلم وتسميته إذا عطس لما روي في الخبر للمسلم على المسلم ثلثون حقا يرد سلامه ويسمت عطسته ويجيب دعوته إما لو قال له علي حق فإنه يقبل التفسير بالعيادة ورد السلم وقال بعض الشافعية لا فرق بين أن يقول له علي شئ أو حق كيف والحق أخص من الشئ فيبعد ان يقبل تفسير الأخص بما لا يقبل به تفسير الأعم مسألة لو قال غصبته شيئا طولب بالتفسير البيان فان فسر بما يقبل به التفسير في الصورة السابقة قبل هنا بطريق الأولى إذا احتمله اللفظ ليخرج الوديعة وحق الشفعة إذ لا يحتملها لفظ الغصب ولو فسره بالخمر والخنزير وغيرهما مما لا يعد مالا قبل هنا لأن الغصب لا يقتضي الا الاخذ قهرا فليس في لفظه ما يشعر بالتزام وثبوت حق بخلاف قوله علي وبه قال الشافعي ويحتمل قبوله إن كان المقر له ذميا وإن كان مسلما فاشكال وما ليس بمال يقع اسم الغصب عليه ولو قال غصبته شيئا ثم قال أردت نفسه فحبسته ساعة لم يقبل لأنه جعل له مفعولين الثاني منهما شيئا فتجب مغايرته للأول إما لو قال غصبته ثم قال أردت نفسه قبل وقيل لا يقبل لأن الغصب لا يثبت عليه وكذا لو قال غبنته لأنه قد يغصب ويغبن في غير المال قال الشافعي إذا قال الرجل للرجل غصبت منك شيئا ثم قال أردت به كلبا أجبر على دفعه إليه وكذا ان قال جلد ميتة فان قال خمرا أو خنزيرا لم أجبره على دفعه إليه وقتلت الخنزير وأرقت الخمر وحكى عن أبي حنيفة أنه قال لو قال لفلان علي شئ أو كذا لم يقبل تفسيره بغير المكيل والموزون لان غير ذلك لا يثبت في الذمة بنفسه وهو خطأ لان غير المكيل والموزون متمول يدخل تحت العقود فجاز ان يفسر به الشئ كالمكيل والموزون وتعليله باطل لأنه يثبت في الذمة ولا اعتبار بسبب ثبوته في الاخبار عنه والاقرار به مسألة لو قال له عندي شئ قبل تفسيره بالخمر والخنزير على اشكال وهو المشهور من مذهب الشافعية لأنه شئ مما عنده ويحتمل عدم القبول وهو قول الجويني لان لفظة له يشعر بثبوت ملك أو حق ويمكن منعه لتسويغ قول القائل لفلان عندي خمر أو خنزير إذا عرفت هذا فلو شهد بالمجهول احتمل السماع كما إذا كان له عليه مائة فاقر صاحب الدين انه قبض منه شيئا من الحق وقامت بذلك بينة فإنها تسمع ويقبل قول صاحب الدين في قدره مع اليمين فإن لم يحلف حتى مات قام وارثه مقامه وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان البينة ان شهدت بالاقرار بالمجهول جاز وان شهدت بالمجهول فلا لان البينة سميت بينة لأنها تبين ما تشهد به وتكشف عنه بخلاف الاقرار لأنه ليس ببينة وعلى هذا فالأقوى ان الدعوى كالاقرار فإذا ادعى انه أقر له بقبض شئ أو بان له عليه شيئا سمعت دعواه والا فلا مسألة إذا أقر بالمجهول وفسره بتفسير صحيح وصدقه المقر له فلا بحث وان كذبه المقر له فليبين جنس الحق وقدره ويدعيه ويكون القول قول المقر في نفسه ثم لا يخلو التنازع إما ان يكون في القدر اوفى الجنس فإن كان في القدر مثل ان يفسر اقراره بمائة درهم فيقول المقر له بل عليه مائتان فان صدقه المائة فهي ثابتة باتفاقهما ويحلف المقر على نفي الزيادة وان قال أراد به المأتين حلف المقر على أنه ما أراد مائتين وانه ليس عليه الا مائة ويجمع بينهما في يمين واحدة وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم لا بد من يمينين والمشهور الأول فان نكل المقر حلف المقر له على استحقاق المائتين ولا يحلف على الإرادة لعدم امكان الاطلاع عليها بخلاف ما إذا مات المقر وفسر الوارث وادعى المقر له زيادة فان الوارث يحلف على إرادة المورث لأنه قد يطلع من حال مورثه على ما لا يطلع عليه غيره وكذا لو اوصى له بمجمل فبينه الوارث وزعم الموصى له انه أكثر حلف الوارث على نفى العلم باستحقاق الزيادة ولا يتعرض للإرادة والفرق ان الاقرار اخبار عن سابق وقد يفرض فيه الاطلاع والوصية انشاء أمر عن الجهالة وبيانه إذا مات الموصى إلى الوارث مسألة لو كان التنازع في الجنس مثل أن يقول له علي شئ ثم يفسره بعبد أو درهم أو بمائة درهم فيقول المقر له بل لي عليك جارية أو دينار أو مائة دينار فننظر ان صدقه المقر له في الإرادة وقال هو ثابت لي عليه ولي عليه مع ذلك كذا يثبت المتفق عليه وكان القول قول المقر في نفي غيره وان صدقه في الإرادة قال وليس لي عليه ما فسره به انما لي عليه كذا بطل حكم الاقرار برده وكان مدعيا في غيره وان كذبه في دعوى الإرادة وقال انما أراد ما ادعيته حلف المقر على نفى الإرادة ونفي ما يدعيه ثم إن المقر له ان كذبه في استحقاق المقر به بطل الاقرار فيه والا ثبت ولو اقتصر المقر له على دعوى الإرادة وقال ما أردت بكلامك ما فسرته به وانما أردت كذا إما من جنس المقر به أو من غيره لم يسمع منه ذلك لان الاقرار والإرادة لا يثبتان له حقا بل الاقرار اخبار عن حق سابق فعليه ان يدعي الحق بنفسه وللشافعية وجه اخر ضعيف عندهم انه يقبل دعوى الإرادة المجردة وهو كالخلاف في أن من ادعى على غيره انه أقر له بألف هل تسمع منه دعوى الاقرار أم عليه نفس الألف واعلم أن من لا يسمع دعوى الإرادة لا يريد عدم الالتفات إليها أصلا وانما المراد انها وحدها غير مسموعة فاما إذا ضم إليها دعوى الاستحقاق فيحلف المقر على نفيهما على الأظهر للشافعية في البيع وجهان انه إذا ادعى المشتري عيبا قديما بالمبيع وقال البايع بعته وأقبضته سليما يلزمه ان يحلف كذلك أو يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد فيجئ لهم هنا وجه انه يكفيه نفي اللزوم ولا يحتاج إلى التعرض للإرادة مسألة إذا أقر بالمبهم ثم مات قبل التفسير طولب الوارث به لأنه المستحق للتركة فان فسر قبل منه بمهما كان فان ادعى المقر له خلافه قدم قول الوارث مع اليمين فان نكل حلف المقر له وأخذ ما حلف عليه وان امتنع الوارث من البيان احتمل ان يوقف أقل ما يتمول وهو أحد قولي الشافعية وان يوقف الكل وهو الاظهر لان الجميع وان لم يدخل في التفسير فهو مرتهن بالدين ولو قال الوارث لا أدري ما أراد ولا اعلم لك شيئا حلف ان طلب المقر له على نفي العلم ثم سلم إلى المدعي أقل ما يتمول ولا يسلم إليه ما يدعيه مع اليمين إذ لا يمين على المدعي الا بالرد البحث الثاني في الاقرار بالمال مسألة إذا قال له علي مال قبل تفسيره بأقل ما يتمول ولا يقبل تفسيره بما ليس بمال اجماعا كالكلب والخنزير وجلد الميتة ويقبل بالتمرة الواحدة حيث يكثر لأنه مال قليل وان لم يتمول في ذلك الموضع وكل متمول مال ولا ينعكس وكذا لو فسره بالحبة من الحنطة والشعير إذا عرفت هذا فإنه يقبل فيما إذا قال له علي مال التفسير بالقليل والكثير عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لصدق اسم المال عليه والأصل عدم الزائد وقال أبو حنيفة لا يقبل تفسيره بغير المال الزكاتي لقول الله تعالى خذ من أموالهم صدقة وقوله تعالى وفي أموالهم حق معلوم والآية عامة دخلها التخصيص بالسنة المتواترة فلا يخرج اللفظ عن حقيقته وقوله وفي أموالهم حق ليس المراد الزكاة لأنها نزلت بمكة قبل فرض الزكاة فلا حجة له فيها ثم ينتقض بقوله تعالى ان تبتغوا بأموالكم والتزويج جايز بأي نوع كان من المال قليله وكثيره ولو بدرهم وعن مالك ثلثة أوجه أحدها كما قلناه والثاني لا يقبل الا أقل نصاب من نصب الزكاة من نوع أموالهم الثالث ما يستباح به البضع والقطع في السرقة لقوله تعالى ان تبتغوا بأموالكم محصنين ويبطل بوقوع اسم المال على القليل والكثير والبضع عندنا وعند الشافعي يستباح بالقليل والكثير وهل يقبل تفسيره بالمستولدة الأقرب ذلك لأنها مال يجوز بيعها بعد موت ولدها وينتفع بها وتستأجر وإن كانت لا تباع وهو أظهر وجهي الشافعية ولو فسره بوقف عليه قبل وخرج بعض الشافعية ذلك على الخلاف في أن الملك في
(١٥٢)