وهل يبطل الاستثناء اشكال ينشأ من أنه بين ما أراد باللفظ فكأنه تلفظ به ولا ريب في أنه لو قال له علي الف الا ألفا بطل الاستثناء وكذا لو قال له علي الف الا ثوبا قيمته الف فكذا إذا استثنى الثوب ثم فسره بالمستوعب فيبطل الاستثناء ويلزمه الألف ومن انه استثناء صحيح من جهة اللفظ وانما الخلل فيما فسر به اللفظ فيقال له هذا التفسير غير صحيح ويطالب بتفسير صحيح وللشافعية وجهان كهذين والأول أصح عند الجويني مسألة إذا قال له علي الف الا درهما فقد استثنى المعين من المبهم فان قلنا بان الاستثناء من غير الجنس باطل اقتضى كون الألف دراهم لصحة الاقرار والاستثناء وانما يصحان لو كان الألف دراهم وان قلنا بالجواز سواء كان الاستثناء من غير الجنس حقيقة أو مجازا طولب بتفسير الألف لان المجاز قد يراد خصوصا في هذا الموضع فان التعيين يقتضي اثبات شئ في الذمة بالاجمال فان فسر الألف بما يساوي الدرهم أو يقل عنه بطل التفسير لاشتماله علي الاستثناء المستوعب ويقال له الاستثناء قد صح بحكم الاطلاق ففسر ذلك بما يبقى بعد الدرهم منه شئ ويحتمل الزامه بما فسر به الألف فيبطل الاستثناء لأنه إذا بين المقر به كان الاستثناء دافعا لجميعه فيبطل ولو استثنى المجهول من المعلوم صح وطولب بالبيان كما إذا قال له علي عشرة دراهم الا شيئا فيطالب بتفسير الشئ ويقبل تفسيره (بهما)؟ كان إذا قل عن العشرة فان استوعب أو زاد بطل التفسير وفي الاستثناء الوجهان ولو استثنى المجهول من المجهول صح الاقرار والاستثناء وطولب بالتفسير فيهما على وجه لا يستوعب فان استوعب فالوجهان كما لو قال له علي الف الا شيئا طولب بتفسير الألف والشئ فيبين جنس الألف أولا ثم يفسر الشئ بما لا يستغرق الألف من الجنس الذي بينه ولو قال له شئ الا درهما فقد استثنى المعلوم من المجهول فيفسر الشئ بما يزيد على الدرهم وان قل كما تقدم في قوله علي الف الا درهما ولا يلزم من استثناء الدرهم أن تكون الألف دراهم قال بعض الشافعية مهما بطل التفسير في هذه الصورة ففي بطلان الاستثناء وجهان ويشكل في استثناء المعلوم من المجهول مسألة لو اتفق اللفظ في المستثنى منه والاستثناء كما لو قال له علي شئ الا شيئا أو له علي مال الا مالا فالأقوى صحة الاقرار والاستثناء لوقوعه على القليل والكثير فلا يمتنع حمل الثاني على أقل ما يتمول وحمل المستثنى منه على الزايد على أقل ما يتمول وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يبطل الاستثناء كما لو قال له علي عشرة الا عشرة ولا معنى لهذا التردد فان فيه غفلة لأنا إذا ألغينا استثناءه اكتفينا بأقل ما يتمول وان صححناه ألزمناه ابقاء ما يتمول فسبق الجوابان قيل يمكن ان يقال حاصل الجواب لا يختلف لكن التردد غير خال عن فايدة فإذا أبطلنا الاستثناء لم نطالبه الا بتفسير اللفظ الأول وان لم نبطله طالبناه بتفسيرهما وله اثار في الامتناع من التفسير وكون التفسير الثاني غير صالح للاستثناء من الأول وما أشبه ذلك مسألة قد بينا انه إذا فسر المجهول بالمستوعب بطل التفسير مثلا إذا قال له علي ألف درهم الا ثوبا وألف الا درهما ثم فسر الثوب بما يزيد على قيمته على ألف درهم أو يساويه فان التفسير يبطل وهل يطالب بتفسير آخر ممكن يبقى معه شئ من الألف أو لا مبني على بطلان الاستثناء ببطلان التفسير ان قلنا يبطل لزمه الألف ولم يطالب بتفسير اخر وان قلنا لا يبطل الاستثناء طولب بتفسير يسمع فإذا قال له علي ألف درهم الا ثوبا صح الاستثناء على ما تقدم لأنه يحتمل ان يكون أتلف عليه ثوبا فتكون قيمته مستثناة من الألف مسألة إذا قال له علي درهم ودرهم الا درهما قال بعض علمائنا ان قلنا إن الاستثناء المتعقب للجمل يعود إلى الجميع صح ولزمه درهم واحد لان الواو يقتضي الجمع لأنها للعطف فيجمع بين المتفرقين كما يجمع واو الجمع في الأسماء المتفقة فيصير كأنه قال له علي درهمان الا درهما وبه قال بعض الشافعية والحق بطلان الاستثناء سواء قلنا يعود الاستثناء المتعقب إلى الجمل السابقة أو إلى الأخيرة لان الاستثناء اخراج وانما احتمل مع اشتماله على التناقض في الجمع لجواز إرادة الأكثر فإذا قال جاء المسلمون الا زيدا كان لفظ المسلمين صالحا لما عدا زيد كما صلح لذلك فجاز الاستثناء فيكون بالاستثناء قد بين مراده إما إذا جاء بلفظ يدل بالنصوصية على كل فرد فرد فإنه لا يصح الاستثناء كما لو قال جاء زيد المسلم وعمرو المسلم وخالد المسلم الا زيدا لاشتماله على التناقض الصريح بخلاف ما لو قال جاء المسلمون الا زيدا كذا هنا إذا قال له درهم ودرهم الا درهما فقد اخرج أحدهما بعد ان نص على ثبوته وهو تناقض صريح مسألة قد بينا انه يجوز الاستثناء من الاستثناء فإذا قال له علي عشرة الا ثلثة الا اثنين لزمه تسعة والأصل في جواز الاستثناء من الاستثناء قوله تعالى انا أرسلنا إلى قوم مجرمين الا آل لوط انا لمنجوهم أجمعين الا امرأته ومنع بعض أهل العربية من ذلك وانكره قال لان العامل في الاستثناء الفعل الأول بتقوية حرف الاستثناء والعامل الواحد لا يعمل في معمولين ونقول في الآية ان الاستثناء الثاني من قوله عز وجل أجمعين ونمنع من امتناع تعدد المعمول مع وحدة العامل هنا لان الاستثناء مقو للفعل وبعضهم قال العامل الا خاصة فيرد عليه ذلك مسألة يصح الاستثناء من الأعيان كما يصح من الكليات فإذا قال لزيد هذه الدار الا هذا البيت أوله هذا القميص الا كمه أو هذه الدراهم الا هذا الواحد منها أو هذا القطيع الا هذه الشاة أو هذا الخاتم الا هذا الفص وما أشبه ذلك صح الاستثناء وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يصح لان الاستثناء المعتاد هو الاستثناء عن الاعداد المطلقة فاما المعينة فالاستثناء منها غير معهود ولأنه إذا أقر بالعين كان ناصا على ثبوت الملك فيه فيكون الاستثناء بعده رجوعا وقد ذكر بعض الشافعية انه إذا قال أربعكن طوالق الا فلانة لم يصح هذا الاستثناء كما لو قال هؤلاء الاعبد الأربعة لفلان الا هذا الواحد لم يصح لعدم الاعتبار بالاستثناء في الأعيان والحق الجواز وصحة الاستثناء في الاقرار بالأعبد الأربعة فلو قال هؤلاء العبيد لفلان الا واحدا فالمستثنى منه معين والاستثناء غير معين وهو صحيح عندنا وعند أكثر الشافعية ويرجع إليه في التعيين فان ماتوا الا واحدا فقال هو الذي أردته بالاستثناء قبل منه مع اليمين وهو أحد وجهي الشافعية لاحتماله والثاني لا يقبل للتهمة وندرة هذا الاتفاق ولو قال غصبتهم الا واحدا فماتوا الا واحدا فقال هو المستثنى قبل اجماعا لان اثر الاقرار يبقى في الضمان وكذا لو قتلوا في الصورة الأولى الا واحدا لان حقه يثبت في القيمة ولو قال هذه الدار لفلان وهذا البيت منها لي أو له هذا الخاتم وفصه لي قبل لأنه اخراج بعض ما يتناوله اللفظ فكان كالاستثناء تنبيه لو قال له ثلاثة ودرهمان الا درهمين صح وحمل على الاستثناء من الجملة الأولى لامتناع رجوعه إلى الثانية لأنها مستوعبة أو على رجوعه إلى مجموعها ولو قال له درهمان ودرهمان الا درهمين فالأقرب الصحة ويكون عايدا إلى مجموع الجملتين لان الاستثناء انما يرجع إلى الجملة الأخيرة لو لم توجد قرينة الرجوع إلى الجميع اخر لو قال له علي عشرة الا درهم بالرفع لزمه العشرة ويكون الا هنا قايمة مقام غير ويكون وصفا ولو قال ماله عندي عشرة الا درهم فهو اقرار بدرهم ولو نصب لم يكن اقرارا بشئ نكتة أدوات الاستثناء حكمها حكم الا فإذا قال له عندي عشرة سوى درهم أوليس درهما أو خلا أو عدا أو ما خلا أو ما عد أو لا يكون أو غير درهم بالنصب فهو اقرار بتسعة ولو رفع في الأخير فهو وصف
(١٦٥)