أمر عدمي وهو عدم جواز أكل مال الغير وحرمة التصرف فيه بدون إذنه، فليس للأصل في ناحية الاطلاق هنا أثر.
وعلى هذا فلا مانع من احراز موضوع تلك العمومات بالأصل ثم التمسك بالعام، وذلك نظير ما إذا شككنا في ثبوت الخيار الشرعي في معاملة مثلا، فإنه نتمسك بالعمومات فنحكم باللزوم، كما إذا شك في ثبوت خيار الحيوان في الصلح مع عدم كونه بيعا كما هو واضح.
نعم لا يمكن التمسك هنا بعموم أوفوا بالعقود (1)، فإن الآية تدل على الوفاء بكل عقد وهو انتهاء أمده وعدم انهدام الالتزام به، ومن الواضح أن الالتزام بالعقد التزام واحد، إما يتعلق بالملكية المطلقة أو يتعلق بالملكية المقيدة، فالآية تدل وتلزم على انهاء ما تعلق به الالتزام إن مطلقا فمطلقا إن مقيدا فمقيدا، فلا بد حينئذ من احراز ذلك من الخارج، فحيث لم يحرز أن الالتزام على أي كيفية هنا فلا يمكن التمسك بالآية واثبات اللزوم بها في المقام كما هو واضح.
وهذا بخلاف بقية العمومات المتقدمة، فإنك قد عرفت أنها تدل على حرمة أكل مال الغير وعدم جواز التصرف فيه بدون إذنه في جميع الأوقات والحالات والأزمان، وقد خرج عن ذلك خصوص ما ثبت لأحد المتبايعين أو كلاهما حق الفسخ وأخذ مال صاحبه، إما بجعل منهما أو بجعل من الشارع وهو أمر وجودي، إذا شككنا فيه فالأصل عدمه حتى أن نحرزه، ولا يعارضه الأصل في طرف الاطلاق لعدم ترتب الأثر عليه، إذ عنوان العام أمر عدمي أعني عدم جواز التصرف في مال الغير فلا يلزم احرازه، أي لم يترتب الأثر على احرازه حتى ننفيه بالأصل ونحكم بعدمه ما لم نحرز وجوده قطعا.