فتحصل من جميع ما تلوناه عليك أن الأصل في جميع العقود معاوضة كانت أم لا، وسواء كانت الملكية حاصلة من الأول أم لا، أما إذا كانت الملكية حاصلة من حين العقد وكان فيه تمليك وتملك من الأول، بأن حصل شئ لأحد المتعاملين من الأول أم غير معاوضية مثل الهبة ونحوها هو اللزوم.
فتدل على لزومها آية حرمة أكل المال بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض، فإنه لو ملك أحد ماله لغيره ولو بعنوان الهبة المجانية بحيث حصل التمليك والتملك، فلا يجوز الرجوع إليه فإنه تملك لمال لغير بدون التجارة عن تراض فهو حرام، فلو لم يثبت من الخارج ما يدل على جواز الرجوع في الهبة المجانية لقلنا بعدم جواز الرجوع فيها أيضا بمقتضى الآية.
وكذلك يدل على اللزوم هنا آية أوفوا بالعقود (1) كما هو واضح.
وأما العقود التي لم تحصل الملكية فيها من الأول، كعقد السبق والرماية والمضاربة والمساقاة، فإنه لم يحصل النقل والانتقال فيها من الأول، ولا يحصل لأحد المتعاملين فيها من الأول مال.
فلا تدل آية التجارة فيها على اللزوم من الأول، لعدم حصول المعاوضة والنقل والانتقال والتمليك والتملك من الأول، حتى يكون ارجاعه تملكا لمال الغير بدون الرضا ولا يكون تجارة عن تراض، وإنما يحصل النقل والانتقال بعد تحقق الشرائط كما هو واضح.
نعم يدل على اللزوم هنا أيضا آية أوفوا بالعقود لتحقق العقد، كما هو واضح.