معنى هذه العبارة، فإن الخير ما كان أقوى وبالعكس، فلا معنى لكون الوسط خيرا، والأقوى هو الأخير.
وكيف كان قد ذكرنا في خيار الحيوان أن أقوى الوجوه هو العلم بالرضا وإلا فلا موجب لسقوط، أما الوجه الأوسط أعني اعتبار الظن على كون الأخذ كاشفا عن الرضا فلا دليل عليه، لأن الظن لا يغني من الحق شيئا، وأما الوجه الأخير وهو الاكتفاء بمطلق الأخذ وكونه كاشفا عن الرضاء بالعقد فأيضا لا دليل عليه، فإنه يمكن أن لا يكون الأخذ بعنوان الثمنية، كما إذا كان ذلك عن غفلة وجهل، فإنه لا كاشفية له حينئذ عن الرضا بالعقد، بل مع العلم بكونه بعنوان الثمنية أيضا، فإن الثمن مال للبايع فيمكن أن يأخذه ومع ذلك يبقى خياره على حاله، ولا يكون الأخذ بعنوان الرضا بالعقد ويأخذ الثمن ويتصرف فيه تصرفا لا يوجب السقوط ثم يفسخ، بل يجوز ذلك مع التصريح بأن الأخذ ليس بعنوان الرضا بالعقد.
وبعبارة أخرى أن الكاشفية النوعية إنما هي في باب حجية الظواهر، حيث إن الألفاظ تدل على المعاني التي وضعت عليها الألفاظ بحسب الكاشفية النوعية العقلائية، وظاهرة في ذلك لا من جهة التعبد ببناء العقلاء بل من جهة تعهد الواضح، على أنه متى أطلق اللفظ الفلاني فقد أراد المعنى الفلاني ويكون ذلك التعهد سببا لكون الظواهر كواشف عن المداليل وكونها مرادة للمتكلم، وأما في المقام فلم يتعهد البايع بأني متى أخذ الثمن فرضيت بالمعاملة ليكون الأخذ كاشفا نوعيا عن الرضا بالعقد كما هو واضح.
وعليه فلا كاشفية للأخذ عن ذلك، وإذا فلا بد من الاقتصار بالعلم أو الظن الاطمئناني بأن تقوم القرينة على الكاشفية وحصل القطع فلا أقل من الاطمئنان على ذلك الذي هو حجة عقلائية، ومن هنا ظهر أن مطالبة