إنما يتم بناء على كون مدرك الفتوى الأمارة، مثل إطلاق دليل وجوب الوفاء بالعقد أو الشرط; فإن المجتهد الآخر الذي يرى عدم الإطلاق، أو ناقش في دلالة الدليل، لا محالة يرى إيجابه باطلا; لخطأ الأمارة.
وأما مع الاستناد إلى حديث الرفع، فلا معنى لاعتقاد البطلان; لأن الباطل ما كان على خلاف المقرر الشرعي، ومع جريان الحديث يكون الشرط مرتفعا; أي يعامل معه معاملة الرفع، فيكون الإيجاب من الشاك صحيحا، لا يعقل تخلفه عن الواقع; لعدم واقع له يطابقه أو لا يطابقه.
والحاصل: أن الإيجاب فعل البائع لا المشتري، والشارع أسقط اعتبار العربية عن فعله ولو حكما، ولازمه مؤثرية إيجابه الفارسي، فإذا ضم إليه قبول مؤثر، صار العقد صحيحا.
وهو نظير الاقتداء بمن اجتهاده مخالف له، لكنه يرى صحة صلاة إمامه واقعا; لاستناده في لبس ما هو مانع واقعا إلى دليل الرفع، الحاكم على أدلة اعتبار الشرائط والموانع، فصار المصداق الواجد للمانع الواقعي والفاقد للشرط كذلك، مصداقا للصلاة حقيقة بدليله، فلا يرى المأموم بطلان صلاته.
فعلى هذا: يكون البيع المركب من الإيجاب والقبول وهو فعل تشريكي من الموجب والقابل، صحيحا عندهما; لصحة الإيجاب والقبول واقعا.
هذا إذا تمت دلالة حديث الرفع بما قررناه، لدى الطرفين في موضوع الشاك في الحكم، وإلا فلا يحكم بالصحة واقعا.
وبما ذكرناه يظهر وجه الصحة في الصورة الأولى من الصور المتقدمة; أي صورة إجراء كل منهما على خلاف رأي صاحبه، فيما إذا كان استنادهما إلى الأصل، لا الأمارة، هذا كله بالنسبة إلى المجتهدين.
وأما لو كان العاقدان أو أحدهما مقلدا، واستندا في الصحة إلى رأي المفتي،