المعاملة; أي يكون التمليك في مقابل التمليك، لا مجانا وبلا عوض.
ومجرد تعارف كون المبيع سلعة وعروضا ومقابله الأثمان، لا يوجب تقوم حقيقة البيع بذلك وصحة سلبه عن بيع الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، وعن البيع الربوي والصرف، مع شيوع إطلاقه عليها عرفا وفي الشرع، فالبيع تمليك عين بعوض، أو مبادلة مال بمال، سواء كان العوض من الأثمان أم لا.
نعم، البائع والمشتري في بيع الأعيان بالأثمان معلوم لدى العرف، لكن في بيع الدرهم بالدرهم يمكن أن يكون كل واحد منهما بائعا، فمن أوجب التمليك بالعوض بائع، فلا يتعين فيه البائع لدى العرف ولا المشتري.
فلو باع دينارا بدينارين أو بدراهم وقبل الآخر، صار الأول بائعا، والثاني مشتريا، ولو انعكس انعكس إذا لم نقل بجواز بيع الأثمان بالعروض; لعدم التعارف، ومخالفته لبناء العرف والعقلاء، وإلا - كما لا يبعد وحكي عن العلامة أنه لو باع دينارا بحيوان يثبت الخيار للبائع، مدعيا عليه الاتفاق (1)، فيدل على صحته لدى الفقهاء - انتفى الفرق من هذه الجهة أيضا.
بل لو فرض إنشاء العقد بصيغة المعاوضة والمبادلة من غير تقدم أحدهما - كما لو وكلا ثالثا لإجرائه - لم يكن خارجا عن حقيقة البيع، بل هو أيضا تمليك العين بالعوض.
نعم، يمكن الفرق بينه وبين البيع بالأثمان: بأن كلا من المتبايعين ملك عينه بالعوض، وهو لا يوجب الخروج عن حقيقة البيع، ولا التفاوت الجوهري بينه وبين البيع بالأثمان.