عما مر بيانه; فإن دلالتها مبنية على أن يكون المراد ب «الخيار» ماهيته المطلقة، حتى تدل الغاية على سلبها، فيدعى أنه ملازم للزوم، وهو غير مراد بلا ريب; لأن جعل الغاية لماهية الخيار المطلقة - مع كونها واقعا لخيار واحد فقط، وسائر الخيارات على كثرتها غير مغياة بالافتراق - مستهجن، فلا بد من إرادة الخيار الخاص; أي خيار المجلس ولازمها سلبه خاصا، وهو غير ملازم للزوم.
ومنه يظهر الكلام في صحيحة الفضيل; فإن قوله (عليه السلام): «فلا خيار» محمول على الخيار المذكور في الصدر; لتبعية ذيلها لصدرها في ذلك، مع أن سلب ماهية الخيار مطلقا - مع ثبوت جميع الخيارات إلا واحدا منها - مستهجن.
فإذا كانت جميع الروايات بصدد بيان ثبوت خيار خاص، وسلب الخاص بعد الغاية - لا لأنه المفهوم منها; ضرورة أن المفهوم الاصطلاحي إنما هو فيما إذا علق السنخ على الغاية لا الشخص - لا يبقى ظهور لرواية الحلبي في الإطلاق، ولا لبيان حكم آخر غير ما في سائر الروايات، فلا بد من حمله على الوجوب الحيثي.
وبعبارة أخرى: لو دار الأمر بين الحمل على الوجوب الفعلي المطلق، والالتزام بأنها بصدد بيان أمر آخر غير ما في الروايات، وكذا الالتزام بخروج جميع الخيارات على كثرتها تقييدا، وبين الحمل على الوجوب الحيثي، فالترجيح للثاني، بل لو لم يكن إلا الإخراج الكثير لكفى في تعينه.
وأما الروايات الأخيرة، فمضافا إلى ظهورها - باعتبار قوله (عليه السلام):
«استوجبها» - في البيع بالصيغة، وإلى بعد اشتراء الأراضي والقرى معاطاة، وتعارف البيع بالصيغة فيها، أنها قضية شخصية، لا يعلم الحال فيها، فلا إطلاق لها يشمل المعاطاة، فتدبر جيدا.